responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 390

لا يتمكن للعارف فكيف للمحب أن يمر عليه نفس و لا حال لا يكون المحبوب فيه مشهودا له بعين قلبه و وجوده و ما بقي حجاب إلا في الحس بإدراكه المحسوسات حيث يراها ليست عين محبوبه فيحجبه فيطلب اللقاء لأجل هذا الحجاب فإذا ذهب المحسوس عن حسه في ظاهر الصورة كما يذهب في حق النائم انصرف الحس إلى الخيال فرأى مثال محبوبه في خياله و قرب من قلبه فرآه من غير مثال لأن الخيال ما بينه و بين المعنى واسطة و لا درجة كما أنه ليس بينه و بين المحسوس واسطة و لا درجة فهو واسطة العقد إليه ينزل المعنى و إليه يرتفع المحسوس فهو يلقي الطرفين بذاته فإذا انتقل العارف أو المحب من المحسوس إلى الخيال قرب من معنى المحبوب فشاهده في الخيال ممثلا ذا صورة و شاهده و هو في الخيال لما عدل بنظره إلى حضرة المعاني المجاورة لحضرة الخيال عاين المعنى مجردا عن المثال و الصورة ثم نظر إلى المثال و إلى المحسوس فعلم أنه لو تصور هذا المعنى في المحسوس لكان جميع صور المحسوسات صورته فغاب هذا المشاهد عن شهود كل محسوس إنه غير صورة محبوبه بل كل محسوس صورة محبوبه و لا بد فذهب عنه صورة المحسوس إنها غير صورة محبوبه فصار يشاهده في كل شيء فهذا هو الذهاب و منه المذهب الذي هو الطريق سمي مذهبا للذهاب فيه فهذا المحب ذاهب في صور المحسوسات كلها إنها صورة عين محبوبه فلا يزال في اتصال دائم في عالم الحس و في حضرة الخيال و في حضرة المعاني فله الذهاب في هذه الحضرات كلها و صارت مذهبا له حتى نفسه في جملة الصور و لهذا يقول

أنا من أهوى و من أهوى أنا
و مثل هذا قلنا في قصيدة

أنا محبي أنا حبيبي أنا فتاي أنا فتاتي
و قد قلنا في هذا الباب أيضا من قصيدة

فإنني ما عشقت غيري فعين فصلى هو اتصالي

(الباب الثامن و التسعون و مائة في معرفة النفس بفتح الفاء)



نفس الأكوان من نفسه و هو وحي الحق في جرسه
و كلام الحق شاهده أثر في الكون من نفسه
إن موسى قبل أبصره في اشتعال النار في قبسه
معدن الراحات فيه فمن ناظر فيه و في حرسه

كان رسول اللّٰه ص قبل أن يعرف بعصمته من الناس و هو قوله وَ اللّٰهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النّٰاسِ إذا نزل منزلا يقول من يحرسنا الليلة مع كونه يعلم أن اللّٰه عَلىٰ كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ و

قال ع لما اشتد عليه كرب ما يلاقي من الأضداد إن نفس الرحمن يأتيني من قبل اليمن فكانت الأنصار

[أن الموجودات هي كلمات اللّٰه التي لا تنفد]

اعلم أن الموجودات هي كلمات اللّٰه التي لا تنفد قال تعالى في وجود عيسى ع إنه كَلِمَتُهُ أَلْقٰاهٰا إِلىٰ مَرْيَمَ و هو عيسى ع فلهذا قلنا إن الموجودات كلمات اللّٰه من حيث الدلالة السمعية إذ كان لا يصدقنا كل أحد فيما ندعي فيه الكشف أو التعريف الإلهي و الكلمات المعلومة في العرف إنما تتشكل عن نظم الحروف من النفس الخارج من المتنفس المتقطع في المخارج فيظهر في ذلك التقاطع أعيان الحروف على نسب مخصوصة فتكون الكلمات و بعد أن نبهتك على هذا لتجعل بالك لما نورده في هذا الباب فاعلم أن اللّٰه سبحانه ما استواء على عرشه إلا بالاسم الرحمن أعلاما بذلك أنه ما أراد بالإيجاد إلا رحمة بالموجودين و لم يذكر غيره من الأسماء و ذكر الاستواء على أعظم المخلوقات إحاطة من عالم الأجسام فإن الآلام ليس محلها إلا التركيب و أما البسائط فلا تقبل في ذاتها قيام معنى بها بل هي عين المعنى يدل على شمول الرحمة للعالم و إن طرأت عوارض البلايا فإنها رحمة كما ذكرنا في شرب الدواء الكرية ليس المقصود منه عذاب من شربه و لا إيلامه و إنما المقصود من استعماله ما يؤول إليه من استعمله من الراحة و العافية

[أن اللّٰه تعالى تسمى بالظاهر و الباطن]

ثم اعلم بعد هذا أن الحق تسمى بالظاهر و الباطن فالظاهر للصور التي يتحول فيها و الباطن للمعنى الذي يقبل ذلك التحول و الظهور في تلك الصور فهو عالم الغيب من كونه الباطن و الشهادة من كونه الظاهر و قد أعلمتك أن العالم نسخة إلهية على صورة حق و لذلك قلنا علم اللّٰه بالأشياء علمه بنفسه فلذلك حكمنا عليه بالصورة

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 390
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست