responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 381

القربة إلى اللّٰه إلى عمل مشروع بطريق القربة إلى اللّٰه بفعل و ترك فمن فعل إلى فعل أو من ترك إلى ترك أو من فعل إلى ترك أو من ترك إلى فعل و ما ثم خامس للصورة و انتقال بالعلم من مقام إلى مقام و من اسم إلى اسم و من تجل إلى تجل و من نفس إلى نفس و المنتقل هو السالك و هو صاحب مجاهدات بدنية و رياضات نفسية قد أخذ نفسه بتهذيب الأخلاق و حكم على طبيعته بالقدر الذي يحتاج إليه من الغذاء الذي يكون به قوام مزاجها و اعتدالها و لا يلتفت إلى جوع العادة و الراحة المعتادة فإن اللّٰه ما كلف نَفْساً إِلاّٰ وُسْعَهٰا فإذا بذلت الوسع في طاعة اللّٰه لم يقم عليها حجة غير

[إن السالكين على أربعة أقسام]

إن السالكين في سلوكهم على أربعة أقسام منهم سالك يسلك بربه و سالك يسلك بنفسه و سالك يسلك بالمجموع و سالك لأسألك فيتنوع السلوك بحسب قصد السالك و رتبته في العلم بالله فأما السالك الذي يسلك بربه فهو الذي يكون الحق سمعه و بصره و جميع قواه فإن عينه ثابتة و لهذا أعاد الضمير عليه لوجوده في

قوله كنت سمعه فهذه الهاء هي عينك الذي الحق سمعها و بصرها و ما سلكت إلا بهذه القوي و هذه القوي قد أخبر الحق أنه لما أحبك كان سمعك و بصرك فهو قواك فبه سلكت في طاعته التي أمرك بأن تعمل نفسك فيها و تحلى ذاتك بها و هي زينة اللّٰه و هو سبحانه الجميل و الزينة جمال فهو جمال هذا السالك فزينته ربه فبه يسمع و به يبصر و به يسلك و لا مانع من ذلك و لهذا قال قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللّٰهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبٰادِهِ لما أحبهم حين تقربوا إليه بنوافل الخيرات زينهم به فكان قواهم التي سلكوا بها ما كلفهم من الأعمال و هو قوله وَ إِيّٰاكَ نَسْتَعِينُ و هي كلمة تطلبها المجازاة فاستعانوا بالله على عبادته بأن كان قواهم كما أنه بوجود أعيانهم و إن كان وجودهم قد استفادوه منه لم يتمكن خلق الأعمال التي هي محاب اللّٰه إلا في وجود أعيانهم فحصل لديهم ضرب من الإعانة على إيجاد الأعمال التي لا تقوم بنفسها فلما عملوا بها و ما زالوا يطلبون الاستعانة منه على ذلك جَزٰاءً وِفٰاقاً أعانهم بنفسه بأن قال لهم بي تسمعون و تبصرون و تبطشون و غير ذلك من القوي التي هم عليها ليست غير الحق بأخبار الحق و الناس في عماية لا يعرفون من هذه صورته فكثيرا ما يسيئون الأدب على من هذه صفته فتكون إساءة ذلك الأدب مع اللّٰه فالاحتياط تعظيم عباد اللّٰه فإنه ما من شخص إلا و يمكن أن يكون هو ذلك العبد فإن الأمر غيب ما هو بمحسوس حتى يتميز إلا عند أهله فوجب مراعاة كل مؤمن على كل مكلف فإنه إذا فعل ذلك أحرز الأمر و استبرأ لنفسه و لا يقال له لم فعلت كذا فإنه قصد جميل فإن وافق محله و إلا فقد و في الأمر حقه لقصده احترام الجناب الإلهي لما دخل في المسألة من الإمكان لكل شخص شخص و هذا لا يكون إلا للادباء من أهل اللّٰه و القسم الآخر السالك بنفسه و هو المتقرب إلى ربه ابتداء بالفرائض و نوافل الخيرات الموجبين لمحبة الحق من أتى بهما لتحصيل المحبتين فهو يجهد فيما كلفه الحق و يبذل استطاعته و قوته فيما أمره به ربه و نهاه من عبادة ربه في قوله فَاتَّقُوا اللّٰهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ و اِتَّقُوا اللّٰهَ حَقَّ تُقٰاتِهِ وَ لاٰ تَمُوتُنَّ إِلاّٰ وَ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ و إن كانوا قد سمعوا هذا الخبر الإلهي و اعتقدوه إيمانا به و لكن ما حصل لهم هذا ذوقا فيكون الحق قواهم فهم سالكون بنفوسهم في جميع مراتب السلوك من حال و عمل و مقام و اسم و تجل و ما يصح فيه الانتقال من أمر إلى أمر و هذا هو سلوك الأدباء من أهل اللّٰه و ذلك أن اللّٰه كلف عباده فعلموا إن ثم حقيقة تقتضي أن تكون المخاطبة بالتكليف و ما ثم إلا هم فيعلمون أنهم المرادون و إن لم يتعين عندهم بأي حقيقة توجه عليهم الخطاب فيسلكون بنفوسهم في العموم مع علمهم بأن الأمر لا بد فيه من نسبة خاصة أو عين موجودة تستحق التكليف فيبذلون المجهود و يوفون بالعقود و إن جهلوا المقصود إلى أن يفتح اللّٰه لهم كما فتح لمن سلك بربه و أما السالك بالمجموع فهو السالك بعد أن ذاق كون الحق سمعه و بصره و علم سلوكه أولا بنفسه على الجملة من غير شهود نفسه على التعيين فلما علم أن الحق سمعه و علم أن السامع بالسمع ما هو عين السمع و رأى ثبوت هذا الضمير و عاين على من عاد فعلم أن نفسه و عينه هي السميعة بالله و الناظرة بالله و المتحركة بالله و الساكنة بالله و إنها المخاطبة بالسلوك و الانتقال فسلك بالمجموع و أما القسم الرابع و هو سالك لأسألك فهو إنه رأى نفسه لم تستقل بالسلوك ما لم يكن الحق صفة لها و لا تستقل الصفة بالسلوك ما لم تكن نفس المكلف موجودة

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 381
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست