responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 379

باطن النشأة و دخل الخزانة وجد صور الألوان التي اختزنها فيها قبل طرق الآفة و كذلك كل ما أعطته قوة من قوى الحس الذين هم جباة هذه المملكة و لله تجل في هذه الخزانة في صورة طبيعية بصفات طبيعية مثل

قوله ص رأيت ربي في صورة شاب و هو ما يراه النائم في نومه من المعاني في صور المحسوسات لأن الخيال هذه حقيقته أن يجسد ما ليس من شأنه أن يكون جسدا و ذلك لأن حضرته تعطي ذلك و ما ثم في طبقات العالم من يعطي الأمر على ما هو عليه سوى هذه الحضرة الخيالية فإنها تجمع بين النقيضين و فيها تظهر الحقائق على ما هي عليه لأن الحق في الأمور أن تقول في كل أمر تراه أو تدركه بأي قوة كان الإدراك إن ذلك الذي أدركته هو لا هو كما قال وَ مٰا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ فلا تشك في حال الرؤيا في الصورة التي تراها أنها عين ما قيل لك إنه هو و ما تشك في التعبير إذا استيقظت أنه ليس هو و لا تشك في النظر الصحيح أن الأمر هو لا هو قيل لأبي سعيد الخراز بم عرفت اللّٰه قال بجمعه بين الضدين فكل عين متصفة بالوجود فهي لا هي فالعالم كله هو لا هو و الحق الظاهر بالصورة هو لا هو فهو المحدود الذي لا يحد و المرئي الذي لا يرى و ما ظهر هذا الأمر إلا في هذه الحضرة الخيالية في حال النوم أو الغيبوبة عن ظاهر المحسوسات بأي نوع كان و هي في النوم أتم وجودا و أعمه لأنه للعارفين و العامة و حال الغيبة و الفناء و المحو و شبه ذلك ما عدا النوم لا يكون للعامة في الإلهيات فما أوجد اللّٰه شيئا من الكون على صورة الأمر على ما هو عليه في نفسه إلا هذه الحضرة فلها الحكم العام في الطرفين كما للممكن قبول النقيضين فيكون له ذلك ذوقا فإن الذي يستحيل عليه العدم و إن كان له العلم بالعدم لا يكون علمه ذاتيا و هو الذي يسمى ذوقا بخلاف الممكن فإن العدم له ذوق و الذي يستحيل عليه الوجود و العلم به لا ذوق له في الوجود رأسا و الممكن له في الوجود ذوق فأوجد اللّٰه هذه الحضرة الخيالية ليظهر فيها الأمر الذي هو الأصل على ما هو عليه

[النوم معبر]

فاعلم أن الظاهر في المظاهر مظاهر الأعيان هو الوجود الحق و أنه ما هو لما ظهر به من الأشكال و النعوت التي أعيان الممكنات عليها و جعل هذه الحضرة كالجسر بين الشطين للعبور عليه من هذا الشط إلى هذا الشط فجعل النوم معبرا و جعل المشي عليه عبورا قال تعالى إِنْ كُنْتُمْ لِلرُّءْيٰا تَعْبُرُونَ و جعل إدراك ذلك في حالة تسمى راحة و هي النوم من حقيقة قوله وَ لَقَدْ خَلَقْنَا السَّمٰاوٰاتِ وَ الْأَرْضَ وَ مٰا بَيْنَهُمٰا فِي سِتَّةِ أَيّٰامٍ فأضاف العمل إليه و ذكر في الخلق أنه بيديه و بأيد و بيده و بقوله ثم أعلمنا أنه و إن اتصف بالعمل إنه لم يؤثر فيه تعب فقال وَ مٰا مَسَّنٰا مِنْ لُغُوبٍ و قال وَ لَمْ يَعْيَ بِخَلْقِهِنَّ فمن هذه الحقيقة ظهرت الأعمال العظيمة المحرجة المتعبة في النوم الذي هو راحة البدن أي الطبيعة مستريحة في هذه الحال من الحركات الحسية الظاهرة فهذا هو العمل العظيم في راحة من حيث لا يشعر إنه في راحة و لا سيما إذا رأى في النوم أمورا هائلة مفزعة فإذا استيقظ وجد الراحة فعلم أنه كان في راحة من حيث لا يشعر و منهم من يعلم في النوم أنه في النوم و الناس فيه على طبقات و إنما سمينا هذه الحالة بانتقال لأن المعاني تنتقل من تجريدها عن المواد إلى لباس المواد كظهور الحق في صور الأجسام و العلم في صورة اللبن و ما أشبه ذلك و الانتقال الثاني انتقال الحواس من الظاهر المحسوس إلى هذه الحضرة بالظاهر المحسوس و لكن له في هذه الحضرة ثبوته الذي له في حضرة اليقظة فإنه سريع التبدل في هذه الحضرة كما يتبدل في اليقظة في صور مختلفة في باطنه لا في ظاهره فباطنه في اليقظة هي هذه الحضرة و جعل الليل لباسا لها فإن الليل لا يعطي للناظر في نظرة سوى نفسه فهو يدرك و لا يدرك به فإنه غيب و ظلمة و الغيب و الظلمة يدركان و لا يدرك بهما و الضوء يدرك و يدرك به و هو حال اليقظة فلهذا تعبر الرؤيا و لا يعبر ما أدركه الحس فإذا ارتقى الإنسان في درج المعرفة علم أنه نائم في حال اليقظة المعهودة و أن الأمر الذي هو فيه رؤيا إيمانا و كشفا و لهذا ذكر اللّٰه أمورا واقعة في ظاهر الحس و قال فاعتبروا و قال إِنَّ فِي ذٰلِكَ لَعِبْرَةً أي جوزوا و اعبروا مما ظهر لكم من ذلك إلى علم ما بطن به و ما جاء له

قال ع الناس نيام فإذا ماتوا انتبهوا و لكن لا يشعرون و لهذا قلنا إيمانا و قد ذكرنا هذا المقام مستوفى في باب المعرفة من هذا الكتاب و قد تقدم و هو الباب السابع و السبعون و مائة فالوجود كله نوم و يقظته نوم فالوجود كله راحة و الراحة رحمة ف‌ وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فإليها المال تقول الملائكة لله وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَ عِلْماً و هنا سر إن بحثت عليه انتهيت إليه و هو رحمته بالأسماء

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 379
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست