responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 375

>(بسم اللّٰه الرحمن الرحيم)<

(الباب الثامن و الثمانون و مائة في معرفة مقام الرؤيا و هي المبشرات)



بالصدق رؤيا الرجال الصادقين و من يصاحب الضد لم تصدق له رؤيا
الصدق بالعدوة القصوى منازله و ضده ضده بالعدوة الدنيا
هي النبوة إلا أنها قصرت عن نسخ شرع و هذي رتبة عليا
إني رأيت سيوفا للهوى انتضيت و في يميني سيف للهوى دنيا
فما تركت لها عينا و لا أثرا بذلك السيف في الأخرى و في الدنيا

[أن للإنسان حالتين حالة النوم و حالة اليقظة]

اعلم أيدك اللّٰه أن للإنسان حالتين حالة تسمى النوم و حالة تسمى اليقظة و في كلتا الحالتين قد جعل اللّٰه له إدراكا يدرك به الأشياء تسمى تلك الإدراكات في اليقظة حسا و تسمى في النوم حسا مشتركا فكل شيء تبصره في اليقظة يسمى رؤية و كل ما تبصره في النوم يسمى رؤيا مقصورا و جميع ما يدركه الإنسان في النوم هو مما ضبطه الخيال في حال اليقظة من الحواس و هو على نوعين إما ما أدرك صورته في الحس و إما ما أدرك أجزاء صورته التي أدركها في النوم بالحس لا بد من ذلك فإن نقصه شيء من إدراك الحواس في أصل خلقته فلم يدرك في اليقظة ذلك الأمر الذي فقد المعنى الحسي الذي يدركه به في أصل خلقته فلا يدركه في النوم أبدا فالأصل الحس و الإدراك به في اليقظة و الخيال تبع في ذلك و قد يتقوى الأمر على بعض الناس فيدركون في اليقظة ما كانوا يدركونه في النوم و ذلك نادر و هو لأهل هذا الطريق من نبي و ولي هكذا عرفناه فإذا علمت هذا

[خطاب اللّٰه تعالى أو كلام اللّٰه تعالى أنبيائه في حالة النوم أو اليقظة]

فاعلم أيضا أن النبوة خطاب اللّٰه تعالى أو كلام اللّٰه تعالى كيفما شئت قلت لمن شاء من عباده في هاتين الحالتين من يقظة و منام و هذا الخطاب الإلهي المسمى نبوة على ثلاثة أنواع نوع يسمى وحيا و نوع يسمعه كلامه مِنْ وَرٰاءِ حِجٰابٍ و نوع بوساطة رسول فيوحي ذلك الرسول من ملك أو بشر بإذن اللّٰه ما يشاء لمن أرسله إليه و هو كلام اللّٰه إذ كان هذا الرسول إنما يترجم عن اللّٰه كما قال تعالى وَ مٰا كٰانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللّٰهُ إِلاّٰ وَحْياً أَوْ مِنْ وَرٰاءِ حِجٰابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولاً فالوحي منه ما يلقيه إلى قلوب عباده من غير واسطة فأسمعهم في قلوبهم حديثا لا يكيف سماعه و لا يأخذه حد و لا يصوره خيال و مع هذا يعقله و لا يدري كيف جاء و لا من أين جاء و لا ما سببه و قد يكلمه من وراء حجاب صورة ما يكلمه به و قد يكون الحجاب بشريته و قد يكون الحجاب كما كلم موسى مِنَ الشَّجَرَةِ ... مِنْ جٰانِبِ الطُّورِ الْأَيْمَنِ له لأنه لو كلمه من الأيسر الذي هو جهة قلبه ربما التبس عليه بكلام نفسه فجاءه الكلام من الجانب الذي لم تجر العادة أن تكلمه نفسه منه و قد يكلمه بوساطة رسول من ملك كقوله نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ عَلىٰ قَلْبِكَ يعني بالقرآن الذي هو كلام اللّٰه و قد يكون بوساطة بشر و هو قوله فَأَجِرْهُ حَتّٰى يَسْمَعَ كَلاٰمَ اللّٰهِ فأضاف الكلام إلى اللّٰه و ما سمعته الصحابة و لا هذا الأعرابي إلا من لسان رسول اللّٰه ص و ليست النبوة بأمر زائد على الإخبار الإلهي بهذه الأقسام و القرآن خبر اللّٰه و هو النبوة كلها لأنه الجامع لجميع ما أراد اللّٰه أن يخبر به عباده و

صح في الحديث أنه من حفظ القرآن فقد أدرجت النبوة بين جنبيه فإذا تقرر ما ذكرناه

[أن مبدأ الوحي الرؤيا الصادقة]

فاعلم أن مبدأ الوحي الرؤيا الصادقة و هي لا تكون إلا في حال النوم

قالت عائشة في الحديث الصحيح أول ما بديء به رسول اللّٰه ص من الوحي الرؤيا الصادقة فكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح و سبب ذلك صدقه ص

فإنه ثبت عنه أنه قال أصدقكم رؤيا أصدقكم حديثا فكان لا يحدث أحدا ص بحديث عن تزوير يزوره في نفسه بل يتحدث بما يدركه بإحدى قواه الحسية أو بكلها ما كان يحدث بالغرض و لا يقول ما لم يكن و لا ينطق في اليقظة عن شيء يصوره في خياله مما لم ير لتلك الصورة بجملتها عينا في الحس فهذا سبب صدق رؤياه و إنما بديء الوحي بالرؤيا دون الحس لأن المعاني المعقولة أقرب إلى الخيال منها إلى الحس لأن الحس طرف أدنى و المعنى طرف أعلى و ألطف و الخيال بينهما و الوحي معنى فإذا أراد المعنى أن ينزل إلى الحس فلا بد أن يعبر على حضرة الخيال قبل وصوله إلى الحس و الخيال من حقيقته أن

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 375
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست