responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 358

الصفة بل تصرف فيما أباحه اللّٰه له و قد كان قبل هذه الصفة من أهل الحدود فجاوزها بعد حفظها فهذا أعطاه شرف العلم مع وجود عقل التكليف بخلاف صاحب الحال فإن حكم صاحب الحال حكم المجنون الذي ارتفع عنه القلم فلا يكتب لا له و لا عليه و هذا يكتب له و لا عليه فهذا قدر ما بين العلم و الحال فما أشرف العلم فالمحب إذا كان صاحب علم هو أتم من كونه صاحب حال فالحال في هذه الدار الدنيا نقص و في الآخرة تمام و العلم هنا تمام و في الآخرة تمام و أتم المحب اللّٰه لما علم من عباده المحبين له أنهم غير مطالبين لله ما أوجبه لهم على نفسه جاوزوا الحدود بعد حفظها فأعطاهم ما أوجبه على نفسه و هو حفظها ثم أعطاهم بغير حساب و هو مجاوزته الحدود فإن الحد الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف و مجاوزة الحدود الزيادة في قوله لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنىٰ و هو حفظ الحد وَ زِيٰادَةٌ و هي ما جاوز الحد هٰذٰا عَطٰاؤُنٰا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسٰابٍ

(منصة و مجلى)نعت المحب بأنه غيور على محبوبه منه

و هذا أحق ما يوجد في حق من يحب اللّٰه و هذا مقام الشبلي أداه إلى ذلك تعظيم محبوبه في نفسه و حقارة قدره فرأى أنه لا يليق بذلك الجناب العزيز إدلال المحبين فإن المحبين لهم إدلال في الحضرة الإلهية إلا المحبين الموصوفين بالغيرة فإنهم لا إدلال لهم لما غلب عليهم من التعظيم فهم الموصوفون بالكتمان و سببه الغيرة و الغيرة من نعوت المحبة فهم لا يظهرون عند العالم بأنهم من المحبين و هذا مقام رسول اللّٰه ص فإنه وصف نفسه بأنه أغير من سعد بعد ما وصف سعدا بأنه غيور فإني ببنية المبالغة في غيرة سعد ثم

ذكر أنه ص أغير من سعد فستر محبته و ما لها من الوجد فيه بالمزاح و ملاعبة الصغير و إظهار حبه فيمن أحبه من أزواجه و أولاده و أصحابه هذا كله من باب الغيرة و قوله إِنَّمٰا أَنَا بَشَرٌ فلم يجعل عند نفسه أنه من المحبين فجهلته طبيعته و تخيلت أنه معها لما رأته يمشي في حقها أو يؤثرها و لم تعلم بأن ذلك عن أمر محبوبه إياه بذلك

فقيل إن محمدا ص يحب عائشة و الحسن و الحسين و ترك الخطبة يوم الجمعة و نزل إليهما لما رآهما يعثران في أذيالهما و صعد بهما و أتم خطبته هذا كله من باب الغيرة على المحبوب إن تنتهك حرمته و إن هذا ينبغي أن يكون الأمر عليه تعظيما للجناب الأقدس أن يعين ثم لا يظهر ذلك الاحترام من الكون فسدل ستر الغيرة في قلوب عباده المحبين المحب اللّٰه

قال ص في هذا الحديث و اللّٰه أغير مني و من غيرته حرم الفواحش ليفتضح المحبون في دعواهم محبته فغار أن يدعي فيه الكاذب دعوى الصادق و لا يكون ثم ميزان يفصل بين الدعوتين فحرم الفواحش فمن ادعى محبته وقف عند حدوده فتبين الصادق من الكاذب و الكل بالله قائم فغار على محبوبه منه فأضاف الأفعال إليه لا إلى العبد حتى لا ينسب نقص للعبد

(منصة و مجلى)نعت المحب بأنه يحكم
حبه فيه على قدر عقله

لأن عقله قيده فعقله قيده و ما خاطب تعالى إلا العقلاء و هم الذين تقيدوا بصفاتهم و ميزوها عن صفات خالقهم فلما وقع التباين حصل التقييد فكان العقل و لهذا أدلة العقول تميز بين الحق و العبد و الخالق و المخلوق فمن وقف مع عقله في حال حبه لم يتمكن أن يقبل من سلطان الحب إلا ما يقتضيه دليله النظري و من وقف مع قبول عقله لا مع نظر عقله فقبل من الحق ما وصف به نفسه تحكم فيه سلطان الحب بحسب ما قبله عقله من ذلك فالعقل بين النظر و القبول فحكم الحب في العقل الناظر و القابل ليس على السواء فافهم فإن هنا أسرارا المحب اللّٰه نسبة العقل إلينا نسبة العلم إليه فلا يكون إلا ما سبق به علمه كما لا يكون منا إلا قدر ما اقتضاه عقلنا فحكم حبه في خلقه لا يجاوز علمه و حكم حبنا فيه لا يجاوز عقلنا نظرا أو قبولا فافهم

(منصة و مجلى)نعت المحب بأنه مثل الدابة جرحه جبار

(حكي)أن خطافا راود خطافة كان يحبها في قبة لسليمان ع و كان سليمان ع في القبة فسمعه و هو يقول لها لقد بلغ مني حبك أن لو قلت لي أهدم هذه القبة على سليمان لفعلت فاستدعاه سليمان ع و قال له ما هذا الذي سمعته منك فقال يا سليمان لا تعجل على إن للمحب لسانا لا يتكلم به إلا المجنون و أنا أحب هذه الأنثى فقلت ما سمعت و العشاق ما عليهم من سبيل فإنهم يتكلمون بلسان المحبة لا بلسان العلم و العقل فضحك سليمان و رحمه و لم يعاقبه فهذا جرح قد جعله جبارا و أهدره و لم يؤاخذه به كذلك المحب لله كل ما أعطاه إدلال الحب و صدق المودة من الخلل في ظاهر الأمر لا يؤاخذ به المحب فإن ذلك حكم الحب و الحب مزيل للعقل و ما يؤاخذ اللّٰه إلا العقلاء

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 358
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست