responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 356

وَ مٰا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَ لٰكِنَّ اللّٰهَ رَمىٰ و قوله مِمّٰا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ فهذا في غاية البيان من كتاب اللّٰه محو في إثبات فالمحب ما له تصرف إلا فيما يصرف فيه قد حبره حبه الآن يريد سوى ما يريده به و الحقيقة في نفس الأمر تأبى إلا ذلك و كل ما يجري منه فهو خلق لله و هو مفعول به لا فاعل فهو محل جريان الأمور عليه فهو محو في إثبات المحب اللّٰه محو في إثبات لا تقع العين إلا على فعل العبد فهذا محو الحق و لا يعطي الدليل العقلي و الكشف إلا وجود الحق لا وجود العبد و لا الكون فهذا إثبات الحق فهو محو في عالم الشهادة إثبات في حضرة الشهود

(منصة و مجلى)نعت المحب
بأنه قد وطأ نفسه لما يريده به محبوبه

و ذلك أن الحب لما حال بينه و بين رؤية الأسباب و لم يبق له نظر إلا إلى جناب محبوبه تعالى جهل ما يحتاج العالم إليه فيه و لا بد له في نفس الأمر أن يؤدي إليه ما يطلبه به من حقوقه كما

قال ص و لزورك عليك حق فأتى بما يدخل فيه جميع العالم و هو الزيارة و هذا من جوامع كلمه فوطأ هذا المحب نفسه لما يريده به محبوبه فعلم ما للعالم من الحقوق عليه من جهة ما أراده به محبوبه من تصريفه فيما صرفه و الحق حكيم فلا يحركه إلا في العمل الخاص و أداء الحق الخاص فيما يطلبه به من كان من العالم في ذلك الوقت فيعرف العالم من اللّٰه فيربح شهود الحق و هو قول الصديق ما رأيت شيئا إلا رأيت اللّٰه قبله فشاهد عين العالم في شهود اللّٰه المحب اللّٰه لما كان في نفس الأمر أن الحق سبحانه لا تقبل ذاته التصريف فيها و جعل في نفوس العالم الافتقار إليه فيما فيه بقاؤهم و مصالحهم و تمشية أغراضهم فكأنه قد وطأ نفسه لجميع ما يريدونه منه و ما يريدونه به و لهذا إذا سألوه فيما لم يجيء وقته قال لهم سَنَفْرُغُ لَكُمْ فهو الفاعل في كل حال و ليست ذاته بمحل لظهور الآثار فقد وقعت التوطئة أنه مهيأ لما يحتاج إليه الكون لا لنفسه و له في كل ما أوجده تسبيح هو غذاء ذلك الموجود فلهذا أخبر سبحانه أنه ما من شيء إلا و هو يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ و قد ذكرناه في مقام الفتوة

(منصة و مجلى)نعت المحب بأنه متداخل الصفات

و ذلك أن المحب يطلب الاتصال بالمحبوب و يطلب اتباع إرادة المحبوب و قد يريد المحبوب ما يناقض الاتصال فقد تداخلت صفات المحب في مثل هذا المحب اللّٰه هو الأول من عين ما هو آخر فدخلت آخريته على أوليته و دخلت أوليته على آخريته و ما ثم إلا عينه فأوليته عينه و آخريته عبده و هو محبوبه فقد تداخلت صفاته في صفات محبوبه فإن قلت عبد لم تخلص و إن قلت سيد لم تخلص و أنت صادق في الأمرين فهذا حكم التداخل

(منصة و مجلى)نعت المحب بأنه ما له نفس مع
محبوبه

يقول ما هو مستريح مع محبوبه لأنه مراقب محبوبه في كل نفس يرى أين محابه فيتصرف فيها فلا يبرح ذا عناء ببذل المجهود في رضي المحبوب و رضاه مجهول فلا راحة للمحب فهذا معنى قولهم ما له نفس أي لا يستريح من التنفيس و هو إزالة الكرب و الشدة و هذا نعت المحب الصادق في حبه المحب اللّٰه قوله كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ و لا يتصرف إلا في حق عباده و لا يقصد من عباده إلا أحبابه و ينتفع الباقي بحكم التبعية يأكلون فضلات موائدهم فشغله بمصالحهم دنيا و آخرة غير أنه موصوف بأنه لا يمسه لغوب يقول تعالى وَ لَقَدْ خَلَقْنَا السَّمٰاوٰاتِ وَ الْأَرْضَ وَ مٰا بَيْنَهُمٰا فِي سِتَّةِ أَيّٰامٍ وَ مٰا مَسَّنٰا مِنْ لُغُوبٍ و هو قوله أَ فَعَيِينٰا بِالْخَلْقِ الْأَوَّلِ بَلْ هُمْ فِي لَبْسٍ مِنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ يعني في كل نفس هو تعالى في خلق جديد في عباده و هو قوله كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ و قال في أهل السعادة لاٰ يَمَسُّهُمْ فِيهٰا نَصَبٌ مع كونهم في كل حال يتصرفون في حق اللّٰه لا في حق نفوسهم ثم إن ذلك يعود عليهم لا يقصدونه من أجل عوده عليهم بل الحقائق تعطي ذلك فلهذا وصف المحب بأنه لا نفس له مع محبوبه

(منصة و مجلى)نعت المحب بأنه كله لمحبوبه

و ذلك أنه مجموع و بحكم جمعيته ظهر عينه فآحاده لله إذ الأحدية لله و ليس المجموع سوى هذه الآحاد فكله لله فإن كل واحد من المجموع إذا ضربته في الواحد الحق كان الخارج من ذلك واحد الحق فهذا معنى كله لمحبوبه و هو واحد المجموع لأن المجموع له أحدية و على هذا يخرج إذا كان المحب اللّٰه فالكل في حق اللّٰه مع أحديته إنما ذلك الأسماء الإلهية و هي التسعة و التسعون فظهرت الكثرة في الأسماء فصح اسم الكل و آحاد هذا الكل عين كل اسم على حدة يطلب من العبد ذلك الاسم حقيقة واحدة يظهر سلطانه فيها و لا تكون إلا واحدة فتضرب الواحد في الواحد فيظهر في الشاهد واحد العبد و هو المحبوب فكله لله لأن الأسماء كلها تظهر أحكامها في العبد و الأسماء لله

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 356
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست