responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 34

باطنه عدم و هو عين المخلوق

[أسماء الحق على مراتب و العالم كله مظاهرها]

فإن قلت فالراكع أيضا وجود قلنا صدقت فإن الأسماء الإلهية التي تنسب إلى الحق على مراتب في النسبة بعضها يتوقف على بعض و بعضها لها المهيمنية على بعض و بعضها أعم تعلقا و أكثر أثرا في العالم من بعض و العالم كله مظاهر هذه الأسماء الإلهية فيركع الاسم الذي هو تحت حيطة غيره من الأسماء للاسم الذي له المهيمنية عليه فيظهر ذلك في الشخص الراكع فكان انحناء حق لحق أ لا ترى الأحاديث الواردة الصحيحة بالفرح الإلهي و التبشبش و النزول و التعجب و الضحك أين هذه الصفات من لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ و من هُوَ الْقٰاهِرُ فَوْقَ عِبٰادِهِ و أمثال ذلك من صفات العظمة فمن ركع فبهذه الصفة فهي الراكعة و من تعاظم فبتلك الصفة أيضا الإلهية فهي العظيمة و الراكعون من الأولياء على هذا الحد هو ركوعهم

[الأولياء الساجدون]

و من الأولياء أيضا الساجدون من رجال و نساء رضي اللّٰه عنهم تولاهم اللّٰه بسجود القلوب فهم لا يرفعون رءوسهم لا في الدنيا و لا في الآخرة و هو حال القربة و صفة المقربين و لا يكون السجود إلا عن تجل و شهود و لهذا قال له وَ اسْجُدْ وَ اقْتَرِبْ يعني اقتراب كرامة و بر و تحف كما يقول الملك للرجل إذا دخل عليه فحياه بالسجود له بين يديه فيقول له الملك ادنه ادنه حتى ينتهي منه حيث يريد من القربة فهذا معنى قوله وَ اقْتَرِبْ في حال السجود أعلاما بأنه قد شاهد من سجد له و أنه بين يديه و هو يقول له اقترب ليضاعف له القربة كما

قال من تقرب إلي شبرا تقربت منه ذراعا إذا كان اقتراب العبد عن أمر إلهي كان أعظم و أتم في بره و إكرامه لأنه ممتثل أمر سيده على الكشف

[سجود العارفين و سجود القلب]

فهذا هو سجود العارفين الذين أمر اللّٰه نبيه صلى اللّٰه عليه و سلم أن يطهر بيته لهم و لأمثالهم فقال عز من قائل أَنْ طَهِّرٰا بَيْتِيَ لِلطّٰائِفِينَ وَ الْعٰاكِفِينَ وَ الرُّكَّعِ السُّجُودِ و قال لنبيه عليه الصلاة و السلام فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَ كُنْ مِنَ السّٰاجِدِينَ يريد الذين لا يرفعون رءوسهم أبدا و لا يكون ذلك إلا في سجود القلب و لهذا قال له عقيب قوله وَ كُنْ مِنَ السّٰاجِدِينَ تمم فقال وَ اعْبُدْ رَبَّكَ حَتّٰى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ فتعرف باليقين من سجد منك و لمن سجدت فتعلم أنك آلة مسخرة بيد حق قادر اصطفاك و طهرك و حلاك بصفاته فصفاته سبحانه طلبته بالسجود لذاته لنسبتها إليه

[النسب أو الصفات أو الأسماء لا تقوم بأنفسها]

فانظر يا أخي سر ما أشرنا إليه في هذه المسألة إذ كانت النسب أو الصفات أو الأسماء لا تقوم بأنفسها لذاتها فهي طالبة بطلب ذاتي لعين تقوم بها فيظهر حكمها بأن توصف تلك العين بها أو تسمى بها أو تنسب إليها كيف ما شئت من هذا كله فقل وَ قُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْماً و كذلك انظر في قوله و تنبه اَلَّذِي يَرٰاكَ حِينَ تَقُومُ وَ تَقَلُّبَكَ فِي السّٰاجِدِينَ فأشار إلى تنوع الحالات عليه في حال سجوده من غير رفع يتخلل ذلك و لقد رفع و قام و ركع و ثنى السجود و لم يثن حالة من حالات صلاته إلا السجود لشرفه في حق العبد فأكده بتثنيته في كل ركعة فرضا واجبا و ركنا لا ينجبر إلا بالإتيان به

[الأولياء الآمرون بالمعروف]

و من الأولياء الآمرون بالمعروف من رجال و نساء رضي اللّٰه عنهم تولاهم اللّٰه بالأمر بالله إذ كان هو المعروف فلا فرق أن تقول الآمرون بالله أو الآمرون بالمعروف لأنه سبحانه هو المعروف الذي لا ينكر وَ لَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللّٰهُ مع كونهم مشركين و قالوا مٰا نَعْبُدُهُمْ يعني الآلهة إِلاّٰ لِيُقَرِّبُونٰا إِلَى اللّٰهِ زُلْفىٰ فهو المعروف عندهم بلا خلاف في ذلك في جميع النحل و الملل و العقول

قال صلى اللّٰه عليه و سلم من عرف نفسه عرف ربه فهو المعروف فمن أمر به فقد أمر بالمعروف و من نهى به فقد نهى عن المنكر بالمعروف فالآمرون بالمعروف هم الآمرون على الحقيقة بالله فإنه سبحانه إذا أحب عبده كان لسانه الذي يتكلم به و الأمر من أقسام الكلام فهم الآمرون به لأنه لسانهم فهؤلاء هم الطبقة العليا في الأمر بالمعروف و كل أمر بمعروف فهو تحت حيطة هذا الأمر فاعلم ذلك

[الأولياء الناهون عن المنكر]

و من الأولياء أيضا الناهون عن المنكر من رجال و نساء رضي اللّٰه عنهم تولاهم اللّٰه بالنهي عن المنكر بالمعروف و المنكر الشريك الذي أثبته المشركون بجعلهم فلم يقبله التوحيد العرفاني الإلهي و أنكره فصار مُنْكَراً مِنَ الْقَوْلِ وَ زُوراً فلم يكن ثم شريك له عين أصلا بل هو لفظ ظهر تحته العدم المحض فأنكرته المعرفة بتوحيد اللّٰه الوجودي فسمي مُنْكَراً مِنَ الْقَوْلِ إذ القول موجود و ليس بمنكر عيني فإنه لا عين للشريك إذ لا شريك في العالم عينا و إن وجد قولا و نطقا فهم الناهون عن المنكر و هو عين القول خاصة فليس لمنكر من المنكرات عين موجودة فلهذا وصفهم اللّٰه بأنهم الناهون عن المنكر و لكن نهيهم بالمعروف في ذلك

[الأولياء الحلماء]

و من الأولياء أيضا الحلماء من رجال و نساء رضي اللّٰه عنهم

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 34
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست