responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 338



فحبيبي مني و في و عندي فلما ذا أقول ما بي و ما بي
أما قولنا يذهب الحب بالعقول فإنهم قالوا

و لا خير في حب يدبر بالعقل
و قال أبو العباس المقراني الكساد الحب أملك للنفوس من العقول و إنما قالوا ذلك لأن العقل يقيد صاحبه و الحب من أوصافه الضلال و الحيرة و الحيرة تنافي العقل فإن العقل يجمعك و الحيرة تفرقك قال إخوة يوسف ليعقوب إِنَّكَ لَفِي ضَلاٰلِكَ الْقَدِيمِ يريدون حيرته في حب يوسف و الحيرة تفرق و لا تجمع و لهذا وصفت المحبة بالبث و هو تفرق هموم المحب في وجوه كثيرة قال تعالى وَ بَثَّ مِنْهُمٰا رِجٰالاً كَثِيراً وَ نِسٰاءً و كذلك قوله هَبٰاءً مُنْبَثًّا و المحب في حكم محبوبه فلا تدبير له في نفسه و إنما هو يحكم ما يعطيه و يأمره به سلطان الحب المستولي على قلبه و من ضلالته في حبه أنه يتخيل في كل شخص أن محبوبه حسن عنده و أنه يرى منه مثل ما يراه هذا المحب و هذا من الحيرة و على هذا جرى المثل حسن في كل عين من تود يعني عندك أيها المحب تتخيل أن كل من يرى محبوبك يحسن عنده كما يحسن عندك و من ضلالة المحب أنه يتحير في الوجوه التي يرى أنه يحصل محبوبه منها فيقول أفعل كذا لنصل بهذا الفعل إلى محبوبي أو كذا و كذا فلا يزال يحار في أي الوجوه يشرع لأنه يتخيل أن وجود اللذة بمحبوبه في الحس أعظم منها في الخيال و ذلك لغلبة الكثافة على هذا المحب و يغفل عن لذة التخيل في حال النوم فإنه أشد من التذاذه بالخيال لأنه أشد اتصالا به من الخيال و الاتصال بالخيال أشد من الاتصال بالخارج و هو المحسوس فلذته بمعنى أشد اتصالا من الخيال فيحار المحب في تحصيل الوجوه التي بها يصل إلى الاتصال من خارج و يسأل عن ذلك من يعرف أن عنده خبرا من هذا الشأن عسى يجد عنده حيلة في ذلك و لا سيما و قد سمع في ذلك في قول القائل

لو صح منك الهوى أرشدت للحيل
يعني فيما تصنع حتى تتصل بالمحبوب

(وصل)

فأول ما أذكره من نعوت المحبين ما حدثنا به يونس بن يحيى بن أبي الحسن الهاشمي العباسي القصار بمكة تجاه الركن اليماني من الكعبة المعظمة سنة تسع و تسعين و خمسمائة قال أخبرنا ابن عبد الباقي أخبرنا أحمد بن أحمد أخبرنا أحمد بن عبد اللّٰه حدثنا عبد اللّٰه بن محمد بن جعفر حدثنا أبو بكر الدينوري المفسر سنة ثمان و ثمانين و مائتين حدثنا محمد بن أحمد الشمشاطي قال سمعت ذا النون يقول إن لله عبادا ملأ قلوبهم من صفاء محض محبته و فسح أرواحهم بالشوق إلى رؤيته فسبحان من شوق إليه أنفسهم و أدنى منه فهمهم و صفت له صدورهم فسبحان موفقهم و مؤنس وحشتهم و طبيب أسقامهم إلهي لك تواضعت أبدانهم و إلى الزيادة منك انبسطت أيديهم فاذقتهم من حلاوة الفهم عنك ما طيبت به عيشهم و أدمت به نعيمهم ففتحت لهم أبواب سماواتك و أبحت لقلوبهم الجولان في ملكوتك بل ما نسيت محبة المحبين و عليك معول شوق المشتاقين و إليك حنت قلوب العارفين و بك أنست قلوب الصادقين و عليك عكفت رهبة الخائفين و بك استجارت أفئدة المقصرين قد يئست الراحة من فتورهم و قل طمع الغفلة فيهم فهم لا يسكنون إلى محادثة الفكرة فيما لا يعنيهم و لا يفترون عن التعب و السهر يناجونه بألسنتهم و يتضرعون إليه بمسكنتهم يسألونه العفو عن زلاتهم و الصفح عما وقع من الخطاء في أعمالهم فهم الذين ذابت قلوبهم بفكر الأحزان و خدموه خدمة الأبرار و من نعوتهم رضي اللّٰه عنهم النحول و هو نعت يتعلق بكنائفهم و بلطائفهم فأما تعلقه بلطائفهم فإن أرواح المحبين و إن لطفت عن إدراك الحواس و لطفت عن تصوير الخيال فإن الحب يلطفها لطافة السراب لمعنى أذكره و ذلك أن السراب يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مٰاءً و ذلك لظمئه لو لا ذلك ما حسبه ماء لأن الماء موضع حاجته فيلجأ إليه لكونه مطلوبه و محبوبه لما فيه من سر الحياة ف‌ إِذٰا جٰاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئاً و إذا لم يجده شيئا وَجَدَ اللّٰهَ عِنْدَهُ عوضا من الماء فكان قصده حسا للماء و اللّٰه يقصد به إليه من حيث لا يشعر فكما أنه تعالى يمكر بالعبد من حيث لا يشعر كذلك يعتني بالعبد في الالتجاء إليه و الرجوع إليه و الاعتماد عليه بقطع الأسباب عنه عند ما يبديها له من حيث لا يشعر فوجود اللّٰه عنده عند فقد الماء المتخيل له في السراب هو رجوعه إلى اللّٰه لما تقطعت به الأسباب و تغلقت دون مطلوبه الأبواب رجع إلى من بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ و هو كان المطلوب به من اللّٰه هذا فعله مع أحباه يردهم إليه اضطرارا و اختيارا كذلك أرواحهم يحسبونها قائمة بحقوق اللّٰه التي فرضها عليها و إنها المتصرفة عن أمر اللّٰه محبة لله و شوقا إلى مرضاته

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 338
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست