responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 310

بضرب من ضروب الوجود فما في العلم معدوم مطلق العدم ليس له نسبة إلى الوجود بوجه ما هذا ما لا يعقل فافهم هذا الأصل و تحققه ثم اعلم بعد هذا أن حقيقة الخيال المطلق هو المسمى بالعماء الذي هو أول ظرف قبل كينونة الحق

ورد في الصحيح أنه قيل لرسول اللّٰه ص أين كان ربنا قبل أن يخلق خلقه قال كان في عماء ما فوقه هواء و ما تحته هواء و إنما قال هذا من أجل إن العماء عند العرب هو السحاب الرقيق الذي تحته هواء و فوقه هواء فلما سماه بالعماء أزال ما يسبق إلى فهم العرب من ذلك فنفى عنه الهواء حتى يعلم أنه لا يشبهه من كل وجه فهو أول موصوف بكينونة الحق فيه فإن للحق على ما أخبر خمس كينونات كينونة في العماء و هو ما ذكرناه و كينونة في العرش و هو قوله اَلرَّحْمٰنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوىٰ و كينونة في السماء في

قوله ينزل ربنا كل ليلة إلى السماء الدنيا و كينونة في الأرض و هو قوله وَ هُوَ اللّٰهُ فِي السَّمٰاوٰاتِ وَ فِي الْأَرْضِ و كينونة عامة و هو مع الموجودات على مراتبها حيثما كانت كما بين ذلك في حقنا فقال وَ هُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مٰا كُنْتُمْ و كل هذه النسب بحسب ما يليق بجلاله من غير تكييف و لا تشبيه و لا تصور بل كما تعطيه ذاته و ما ينبغي أن ينسب إليها من ذلك لاٰ إِلٰهَ إِلاّٰ هُوَ الْعَزِيزُ فلا يصل أحد إلى العلم و لا إلى الظفر بحقيقته اَلْحَكِيمُ الذي نزل لعباده في كلماته فقرب البعيد في الخطاب لحكمة أرادها تعالى ففتح اللّٰه تعالى في ذلك العماء صور كل ما سواه من العالم إلا إن ذلك العماء هو الخيال المحقق أ لا تراه يقبل صور الكائنات كلها و يصور ما ليس بكائن هذا لاتساعه فهو عين العماء لا غيره و فيه ظهرت جميع الموجودات و هو المعبر عنه بظاهر الحق في قوله هُوَ الْأَوَّلُ وَ الْآخِرُ وَ الظّٰاهِرُ وَ الْبٰاطِنُ و لهذا في الخيال المتصل يتخيل من لا معرفة له بما ينبغي لجلال اللّٰه بتصوره فإذا تحكم عليه الخيال المتصل فما ظنك بالخيال المطلق الذي هو كينونة الحق فيه و هو العماء فمن تلك القوة ضبطه الخيال المتصل ثم جاء الشرع في أماكن يقرر ما ضبطه الخيال المتصل من كينونة الحق في قبلة المصلي و في مواجهة المصلي إياه فقبله الخيال المتصل و هو من بعض وجوه الخيال المطلق الذي هو الحضرة الجامعة و المرتبة الشاملة و انتشاء هذا العماء من نفس الرحمن من كونه إلها لا من كونه رحمانا فقط فجميع الموجودات ظهر في العماء بكن أو باليد الإلهية أو باليدين إلا العماء فظهوره بالنفس خاصة و لو لا ما ورد في الشرع النفس ما أطلقناه مع علمنا به و كان أصل ذلك حكم الحب و الحب له الحركة في المحب و النفس حركة شوقية لمن تعشق به و تعلق له في ذلك التنفس لذة و

قد قال تعالى كما ورد كنت كنزا لم أعرف فأحببت أن أعرف فبهذا الحب وقع التنفس فظهر النفس فكان العماء فلهذا أوقع عليه اسم العماء الشارع لأن العماء الذي هو السحاب يتولد من الأبخرة و هي نفس العناصر لما فيه من حكم الحرارة فلهذا الالتفات سماه عماء ثم نفى عنه الهواء الذي يحيط به كما يحيط بجسم السحاب و يصرفه الهواء حيث شاء فنفى أن يكون هذا العماء يتحكم فيه غيره إذ هو أقرب الموجودات إلى اللّٰه الكائن عن نفسه فلما عمر هذا العماء الخلأ كله الذي هو مكان العالم أو ظرفه إذ لو انعدم العالم لتبين الخلأ و هو امتداد متوهم في غير جسم فهذا العماء هو الحق المخلوق به كل شيء و سمي الحق لأنه عين النفس و النفس مبطون في المتنفس هكذا يعقل فالنفس له حكم الباطن فإذا ظهر له حكم الظاهر ف‌ هُوَ الْأَوَّلُ في الباطن وَ الْآخِرُ في الظاهر وَ هُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ فإنه فيه ظهر كل شيء مسمى من معدوم يمكن وجود عينه و من معدوم يوجد عينه ثم ظهر في عين هذا العماء أرواح الملائكة المهيمة و ما هم ملائكة بل هم أرواح مطهرة ثم ما زال يظهر فيه صور أجناس العالم شيئا بعد شيء و طورا بعد طور إلى أن كمل من حيث أجناسه فلما كمل بقيت الأشخاص من هذه الأجناس تتكون دائما تكوين استحالة من وجود إلى وجود لا من عدم إلى وجود فخلق آدم من تراب و خلق بنى آدم من نطفة و هي الماء المهين ثم خلق اَلنُّطْفَةَ عَلَقَةً فلهذا قلنا في الأشخاص إنها مخلوقة من وجود لا من عدم فإن الأصل على هذا كان و هو العماء من النفس و هو وجود و هو عين الحق المخلوق به و أجناس العالم مخلوقون من العماء و أشخاص العالم مخلوقون من العماء أيضا و من أنواع أجناسه فما خلق شيء من عدم لا يمكن وجوده بل ظهر في أعيان ثابتة و هو قولنا في أول هذا الكتاب الحمد لله الذي أوجد الأشياء عن عدم و عدمه عن عدم من حيث إنه لم يكن لها عين ظاهرة و عدمه و عدم العدم وجود أي و إن لم يكن لها عين فهذه العين من وجود ظهرت على الحقيقة فأعدمت العدم الأول الذي

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 310
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست