responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 31

يحفظ فرجه إبقاء على نفسه لغلبة عقله على طبعه و غيبته عما سنه أهل السنن من الترغيب في ذلك فإن انفتح له عين و انفرج له طريق إلى ما تعطيه حقيقة الوضع المرغب في النكاح فذلك صاحب فرج فلم يحفظه الحفظ الذي أشرنا إليه و أما صاحب الشرع الحافظ به فلا بد له من الفتح و لكن إذا اقترنت مع الحفظ الهمة فإن لم تقترن معه الهمة فقد يصل إلى هذا المقام و قد لا يصل جعلنا اللّٰه من الحافظين لحدود اللّٰه الذاتية و الرسمية فإن اللّٰه بكل شيء حفيظ

[الأولياء الذاكرون]

و من الأولياء الذاكرون اللّٰه كثيرا و الذاكرات رضي اللّٰه عنهم تولاهم اللّٰه بإلهام الذكر ليذكروه فيذكرهم و هذا يتعلق بالاسم الآخر و هو صلاة الحق على العبد فالعبد هنا سابق و الحق مصل لأن المقام يقتضيه فإنه قال تعالى فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ فأخر ذكره إياهم عن ذكرهم إياه و

قال من ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي و من ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منهم و

قال من تقرب إلي شبرا تقربت إليه ذراعا و قال فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّٰهُ فكل مقام إلهي يتأخر عن مقام كوني فهو من الاسم الآخر و من باب قوله تعالى هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ فالأمر يتردد بين الاسمين الإلهيين الأول و الآخر و عين العبد مظهر لحكم هذين الاسمين و هذا هو الفصل الذي تسميه الكوفيون العماد مثل قوله أنت من قوله كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ

[لو لا الاعتماد على عين العبد ما ظهر سلطان الأول و الآخر]

فلو لا الاعتماد على عين العبد ما ظهر سلطان هذين الاسمين إذ العين هنالك واحدة لا متحدة و في العبد متحدة لا واحدة فالأحدية لله و الاتحاد للعبد لا الأحدية فإنه لا يعقل العبد إلا بغيره لا بنفسه فلا رائحة له في الأحدية أبدا و الحق قد تعقل له الأحدية و قد تعقل بالإضافة لأن الكل له بل هو عين الكل لا كلية جمع بل حقيقة أحدية تكون عنها الكثرة و لا يصح هذا إلا في جناب الحق خاصة فلا يصدر عن الواحد أبدا في قضية العقل إلا واحد إلا أحدية الحق فإن الكثرة تصدر عنها لأن أحديته خارجة عن حكم العقل و طوره فأحدية حكم العقل هي التي لا يصدر عنها إلا واحد و أحدية الحق لا تدخل تحت الحكم كيف يدخل تحت الحكم من خلق الحكم و الحاكم لاٰ إِلٰهَ إِلاّٰ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ

[الذكر أعلى المقامات كلها]

فالذكر أعلى المقامات كلها و الذاكر هو الرجل الذي له الدرجة على غيره من أهل المقامات كما قال تعالى وَ لِلرِّجٰالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ و من الذكر سمي الذكر الذي هو نقيض الأنثى فهو الفاعل و الأنثى منفعلة كحواء من آدم فقد نبهتك بذكر الحق بمن ذكرك من كونه مصليا

[ظهور حواء و ظهور عيسى]

فحواء عن ذكر بشري صوري إلهي و عيسى عن ذكر روحي ملكي في صورة بشر فذكر حواء أتم بسبب الصورة و ذكر عيسى أتم بالملكية المتجلية في الصورة البشرية المخلوقة على الحضرة الإلهية فجمع بين الصورة و الروح فكان نشأة تمامية ظاهره بشر و باطنه ملك فهو روح اللّٰه و كلمته ف‌ لَنْ يَسْتَنْكِفَ الْمَسِيحُ أَنْ يَكُونَ عَبْداً لِلّٰهِ وَ لاَ الْمَلاٰئِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ أي من أجل اللّٰه لمن ظهر من المخلوقين بالعزة فذلوا لهم تحت العزة الإلهية إذ لا يصح ذلة إلا بظهورها فالأعزاء من الخلائق هم مظاهر العزة الإلهية فالمتواضع من تواضع تحت جبروت المخلوقين و الفقير على الحقيقة من افتقر إلى الأغنياء من المخلوقين لأن غنى المخلوق هو مظهر لصفة الحق فالفقير من افتقر إليها و لم يحجبه المظهر عنها و هكذا كل صفة علوية إلهية لا تنبغي إلا لله يكون مظهرها في المخلوقين فإن العلماء بالله يذلون تحت سلطانها و لا يعرف ذلك إلا العلماء بالله

[العارف الذي يتعزز على أبناء الدنيا]

فإذا رأيت عارفا بزعم أنه عارف و تراه يتعزز على أبناء الدنيا لما يرى فيهم من العزة و الجبروت فاعلم أنه غير عارف و لا صاحب ذوق و هذا لا يصح إلا للذاكرين اللّٰه كثيرا و الذاكرات أي في كل حال هذا معنى الكثير فإنه من الناس من يكون له هذه الحالة في أوقات ما ثم تنحجب فدل انحجابه على أنها لم تكن هذه المعرفة عنده عن ذوق و إنما كانت عن تخيل و توهم و تمثل لا عن تحقق

[الأولياء التائبون و التوابون]

و من الأولياء أيضا التائبون و التائبات و التوابون رضي اللّٰه عنهم تولاهم اللّٰه بالتوبة إليه في كل حال أو في حال واحد سار في كل مقام و اعلم أن اللّٰه سبحانه وصف نفسه بالتواب لا بالتائب و ذكر محبته للتوابين فقال إِنَّ اللّٰهَ يُحِبُّ التَّوّٰابِينَ و هم الراجعون منه إليه و أما من رجع إليه من غيره فهو تائب خاصة فإنه لا يرجع إليه من غيره من هذه صفته إلا إلى عين واحدة و من يرجع منه إليه فإنه يرجع إلى أسماء متعددة في عين واحدة و ذلك هو المحبوب و من أحبه اللّٰه كان سمعه و بصره و يده و رجله و لسانه و جميع قواه و محال قواه أي هو عين قواه بل محال قواه فما أحب إلا نفسه و هو أشد الحب من حب الغير فإن حب الغير من حب النفس و ليس حب النفس من حب الغير فالحب الأصلي هو حب الشيء نفسه ف‌ إِنَّ اللّٰهَ يُحِبُّ التَّوّٰابِينَ و هو التواب و التوابون

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 31
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست