responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 308

الإنسان بهذا الاستعداد لهذا التجلي الخاص فظهر بأسماء الحق على تقابلها و أعطاه الحق فيما بين له مصارفها فهو يظهر بما ظهر من استخلفه و هي المسمى في الخلافة بالحق و العدل قال اللّٰه لداود إِنّٰا جَعَلْنٰاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النّٰاسِ بِالْحَقِّ وَ لاٰ تَتَّبِعِ الْهَوىٰ فيهوي بمتبعه عن هذه الدرجة التي أهلت لها و أهلت لك و لأمثالك كما قال أبو العتاهية

أتته الخلافة منقادة إليه تجرر أذيالها
و لم تك تصلح إلا له و لم يك يصلح إلا لها
و لو رامها أحد غيره لزلزلت اَلْأَرْضُ زِلْزٰالَهٰا
فإذا أعطى التحكم في العالم فهي الخلافة فإن شاء تحكم و طهر كعبد القادر الجيلي و إن شاء سلم و ترك التصرف لربه في عباده مع التمكن من ذلك لا بد منه كأبي مسعود بن الشبلي إلا أن يقترن به أمر إلهي كداود ع فلا سبيل إلى رد أمر اللّٰه فإنه الهوى الذي نهي عن اتباعه و كعثمان رضي اللّٰه عنه الذي لم يخلع ثوب الخلافة عن عنقه حتى قتل لعلمه بما للحق فيه فإن رسول اللّٰه ص نهاه أن يخلع عنه ثوب الخلافة فكل من اقترن بتحكمه أمر إلهي وجب عليه الظهور به و لا يزال مؤيدا و من لم يقترن به أمر إلهي فهو مخير إن شاء ظهر به ظهر بحق و إن شاء لم يظهر فاستتر بحق و ترك الظهور أولى فتلحق الأولياء الأنبياء بالخلافة خاصة و لا يلحقونهم في الرسالة و النبوة فإن بابهما مسدود فللرسول الحكم فإن استخلف فله التحكم فإن كان رسولا فتحكمه بما شرع و إن لم يكن رسولا فتحكمه عن أمر اللّٰه بحكم وقته الذي هو شرع زمانه فإنه بالحكم ينسب إلى العدل و الجور انتهى الجزء العاشر و مائة >(بسم اللّٰه الرحمن الرحيم)<

(النوع الخامس)من علوم المعرفة و هو علم الإنسان بنفسه من جهة حقائقه

اعلم أن الإنسان ما أعطى التحكم في العالم بما هو إنسان و إنما أعطى ذلك بقوة إلهية ربانية إذ لا تتحكم في العالم إلا صفة حق لا غير و هي في الإنسان ابتلاء لا تشريف و لو كانت تشريفا بقيت معه في الآخرة في دار السعداء و لو كانت تشريفا ما قيل له وَ لاٰ تَتَّبِعِ الْهَوىٰ فحجرت عليه و التحجير ابتلاء و التشريف إطلاق و لا نسب في التحكم إلى عدل و لا إلى جرر و لا ولي الخلافة في العالم إلا أهل اللّٰه بل ولى اللّٰه التحكم في العالم من أسعده اللّٰه به و من أشقاه من المؤمنين و مع هذا أمرنا الحق أن نسمع له و نطيع و لا نخرج يدا من طاعة و قال فإن جاروا فلكم و عليهم و هذه حالة ابتلاء لا حالة شرف فإنه في حركاته فيها على حذر و قدم غرور و لهذا يكون يوم القيامة على بعض الخلفاء ندامة فإذا وقف الإنسان على معرفة نفسه و اشتغل بالعلم بحقائقه من حيث ما هو إنسان فلم ير فرقا بينه و بين العالم و رأى أن العالم الذي هو ما عدا الثقلين ساجد لله فهو مطيع قائم بما تعين عليه من عبادة خالقه و منشئه طلب الحقيقة التي يجتمع فيها مع العالم فلم يجد إلا الإمكان و الافتقار و الذلة و الخضوع و الحاجة و المسكنة ثم نظر إلى ما وصف به الحق العالم كله فرآه قد وصفه بالسجود له حتى ظله و رأى أنه ما وصف بذلك من جنسه إلا الكثير لا الكل كما وصف كل جنس من العالم فخاف أن يكون من الكثير الذي حق عليه العذاب ثم رأى أن العالم قد فطروا بالذات على عبادة اللّٰه و افتقر هذا الإنسان إلى من يرشده و يبين له الطريق المقربة إلى سعادته عند اللّٰه لما سمع اللّٰه يقول وَ مٰا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَ الْإِنْسَ إِلاّٰ لِيَعْبُدُونِ فعبده بالافتقار إليه كما عبد سائر العالم ثم رأى أن اللّٰه قد حد له حدودا و رسم له أمورا و نهاه أن يتعداها و إن يأتي من أمره سبحانه ما استطاع فتعين عليه العلم بما شرع اللّٰه له ليقيم عبادة اللّٰه الفرعية كما أقام العبادة الأصلية فإن العبادة الأصلية هي التي تطلبها ذوات الممكنات بما هي ممكنات و العبادات الفرعية هي أعمال يفتقر فيها العبد إلى إخبار إلهي من حيث ما يستحقه سيده و ما تقتضيه عبوديته فإذا علم أمر سيده و نهيه و وفى حق سيده تعالى و حق عبودته فقد عرف نفسه و كل من عرف نفسه عرف ربه و من عرف ربه عبده بأمره فما ثم من جمع بين العبادتين عبادة الأمر و عبادة النهي إلا الثقلان فإن الأرواح الملكية لا نهي عندها؟؟ قال فيهم لاٰ يَعْصُونَ اللّٰهَ مٰا أَمَرَهُمْ و لم يذكر لهم نهي و قال في عبادتهم الذاتية يُسَبِّحُونَ لَهُ بِاللَّيْلِ وَ النَّهٰارِ وَ هُمْ لاٰ يَسْأَمُونَ

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 308
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست