responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 30

هو فهو ثناء ذاتي لا ثناء افتقار لاكتساب ثناء فهؤلاء أحق باسم المتصدقين من غيرهم حيث أثبتوا أعيانهم و نفوا أحكامهم و اللّٰه الهادي

[الأولياء الصائمون]

و من الأولياء أيضا الصائمون و الصائمات رضي اللّٰه عنهم تولاهم اللّٰه بالإمساك الذي يورثهم الرفعة عند اللّٰه تعالى عن كل شيء أمرهم الحق أن يمسكوا عنه أنفسهم و جوارحهم فمنه ما هو واجب و مندوب و أما قوله تعالى لهذه الطائفة ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيٰامَ إِلَى اللَّيْلِ تنبيها على غاية توقيت الإمساك في عالم الشهادة و هو النهار و الليل ضرب مثال محقق للغيب فإذا وصلوا إلى رتبة مصاحبة عالم الغيب المعبر عنه بالليل لم يصح هنالك الإمساك فإن إمساك النفس و الجوارح إنما هو في المنهيات و هي في عالم الشهادة فإن عالم الغيب أمر بلا نهي و لهذا سموا عالم الأمر و ذلك لأن عالم الغيب عقل مجرد لا شهوة لهم فلا نهي عندهم في مقام التكليف فهم كما أثنى اللّٰه عليهم في كتابه العزيز لاٰ يَعْصُونَ اللّٰهَ مٰا أَمَرَهُمْ وَ يَفْعَلُونَ مٰا يُؤْمَرُونَ و لم يذكر لهم نهي عن شيء لأن حقائقهم لا تقتضيه فإذا صام الإنسان و انتقل من بشريته إلى عقله فقد كمل نهاره و فارقه الإمساك لمفارقة النهي و التحق بعالم الأمر بعقله فهو عقل محض لا شهوة عندهم أ لا ترى إلى

قوله صلى اللّٰه عليه و سلم في حقه إذا أقبل الليل من هاهنا و أدبر النهار من هاهنا و غربت الشمس فقد أفطر الصائم يقول و غربت الشمس عن عالم الشهادة و طلعت على عالم عقله فقد أفطر الصائم أي لم يمتنع فارتفع عنه التحجير لأن عقله لا يتغذى بما أمره الحق بالإمساك عنه و هو حظ طبعه فاعلم ذلك و إذا كان الأمر على هذا الحد و حصلت له الرفعة الإلهية عن حكم طبعه و رفعه التجلي عن حكم فكره إذ كان الفكر من حكم الطبع العنصري و لهذا لا يفكر الملك و يفكر الإنسان لأنه مركب من طبيعة عنصرية و عقل فالعقل من حيث نفسه له التجلي فيرتفع عن حضيض الفكر الطبيعي المصاحب للخيال الآخذ عن الحس و المحسوس قال الشاعر

إذا صام النهار و هجرا
أي ارتفع النهار فمن ليست له هذه الرفعة عن هذا الإمساك فما هو الصائم المطلوب المسمى عندنا فهذا هو صوم العارفين بالله و هم أهل اللّٰه انتهى الجزء الثامن و السبعون >(بسم اللّٰه الرحمن الرحيم)<

[الأولياء الحافظون لحدود اللّٰه]

و من الأولياء الحافظون لحدود اللّٰه و الحافظات رضي اللّٰه عنهم تولاهم اللّٰه بالحفظ الإلهي فحفظوا به ما تعين عليهم إن يحفظوه و هم على طبقتين ذكرهم اللّٰه و هم الحافظون فروجهم فعين و خصص و الحافظون لحدود اللّٰه فعمم و قال في الحافظين لحدود اللّٰه وَ بَشِّرِ الصّٰابِرِينَ على ذلك و هم الذين حبسوا نفوسهم عند الحدود و لم يتعدوها مطلقا و قال في الحافظين فروجهم أَعَدَّ اللّٰهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً أي سترا لأن الفرج عورة تطلب الستر فهو إنباء عن حقيقة قال تعالى قَدْ أَنْزَلْنٰا عَلَيْكُمْ لِبٰاساً يُوٰارِي سَوْآتِكُمْ فيسترها غيرة و فيها قال وَ لِبٰاسُ التَّقْوىٰ و الوقاية ستر لأنه يتقي بها ما ينبغي أن يتقى منه فجعل التقوى لباسا ينبه أن ذلك ستر و الستر الغفر و العورة هي المائلة يريد المائلة إلى الحق عن نفسه و رؤية شهود وجودها فأمر بستر ذلك من أجل الأدب الإلهي لما نسب إليها من المذام و جعلها من الأسرار المكتومة المستورة أ لا ترى النكاح يسمى سرا قال اللّٰه تعالى لاٰ تُوٰاعِدُوهُنَّ سِرًّا و هذا كله يؤذن بالستر فمن صبر على حفظ الحدود و سترها فإن اللّٰه يستره بما تطلبه هذه الحقيقة

[الحفظ حفظان و أهله طبقتان]

و اعلم أن الحفظ حفظان و أهله طبقتان و قد يجتمع الحفظان في شخص واحد و قد تنفرد طبقة واحدة بحفظ واحد فلهذا فصل اللّٰه بينهما فأطلق في حق طائفة و قيد في حق أخرى ثم إن الذين أطلق في حقهم الحفظ لحدود اللّٰه هم على طبقتين فمنهم من عرف الحدود الذاتية فوقف عندها و ذلك العالم الحكيم المشاهد المكاشف صاحب العين السليمة و صاحب هذا المقام قد لا يكون صاحب طريقة معينة لأن الإنسانية تطلبها و منهم من عرف الحدود الرسمية و لم يعلم الحدود الذاتية و هم أرباب الايمان و منهم من عرف الحدود الرسمية و الذاتية و هم الأنبياء و الرسل و من دعا إِلَى اللّٰهِ عَلىٰ بَصِيرَةٍ من أتباع الرسول صلى اللّٰه عليه و سلم فهؤلاء هم الأولى بأن يطلق عليهم الحافظون لحدود اللّٰه الذاتية و الرسمية معا و أما الحافظون فروجهم فهم على طبقتين منهم من يحفظ فرجه عما أمر بحفظه منه و لا يحفظه مما رغب في استعماله لأمور إلهية و حكم ربانية أظهرها إبقاء النوع على طريق القربة و منهم من

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 30
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست