responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 298

العلم الحاصل عن النظر الفكري لا يسلم أبدا من دخول الشبه عليه و الحيرة فيه و القدح في الأمر الموصل إليه

[لا يصح العلم لأحد إلا لمن عرف الأشياء بذاته]

و اعلم أنه لا يصح العلم لأحد إلا لمن عرف الأشياء بذاته و كل من عرف شيئا بأمر زائد على ذاته فهو مقلد لذلك الزائد فيما أعطاه و ما في الوجود من علم الأشياء بذاته إلا واحد و كل ما سوى ذلك الواحد فعلمه بالأشياء و غير الأشياء تقليد و إذا ثبت أنه لا يصح فيما سوى اللّٰه العلم بشيء إلا عن تقليد فلنقلد اللّٰه و لا سيما في العلم به و إنما قلنا لا يصح العلم بأمر ما فيما سوى اللّٰه إلا بالتقليد فإن الإنسان لا يعلم شيئا إلا بقوة ما من قواه التي أعطاه اللّٰه و هي الحواس و العقل فالإنسان لا بد أن يقلد حسه فيما يعطيه و قد يغلط و قد يوافق الأمر على ما هو عليه في نفسه أو يقلد عقله فيما يعطيه من ضرورة أو نظر و العقل يقلد الفكر و منه صحيح و فاسد فيكون علمه بالأمور بالاتفاق فما ثم إلا تقليد و إذا كان الأمر على ما قلناه فينبغي للعاقل إذا أراد أن يعرف اللّٰه فليقلده فيما أخبر به عن نفسه في كتبه و على ألسنة رسله و إذا أراد أن يعرف الأشياء فلا يعرفها بما تعطيه قواه و ليسع بكثرة الطاعات حتى يكون الحق سمعه و بصره و جميع قواه فيعرف الأمور كلها بالله و يعرف اللّٰه بالله إذ و لا بد من التقليد و إذا عرفت اللّٰه بالله و الأمور كلها بالله لم يدخل عليك في ذلك جهل و لا شبهة و لا شك و لا ريب فقد نبهتك على أمر ما طرق سمعك فإن العقلاء من أهل النظر يتخيلون أنهم علماء بما أعطاهم النظر و الحس و العقل و هم في مقام التقليد لهم و ما من قوة إلا و لها غلط قد علموه و مع هذا غالطوا أنفسهم و فرقوا بين ما يغلط فيه الحس و العقل و الفكر و بين ما لا يغلط فيه و ما يدريهم لعل الذي جعلوه غلطا يكون صحيحا و لا مزيل لهذا الداء العضال إلا من يكون علمه بكل معلوم بالله لا بغيره و هو سبحانه عالم بذاته لا بأمر زائد فلا بد أن تكون أنت عالما بما يعلمه به سبحانه لأنك قلدت من يعلم و لا يجهل و لا يقلد في علمه و كل من يقلد سوى اللّٰه فإنه قلد من يدخله الغلط و تكون إصابته بالاتفاق فإن قيل لنا و من أين علمت هذا و ربما دخل لك الغلط و ما تشعر به في هذه التقسيمات و أنت فيها مقلد لمن يغلط و هو العقل و الفكر قلنا صدقت و لكن لما لم نر إلا التقليد ترجح عندنا أن نقلد هذا المسمى برسول و المسمى بأنه كلام اللّٰه و علمنا عليه تقليدا حتى كان الحق سمعنا و بصرنا فعلمنا الأشياء بالله و عرفنا هذه التقاسيم بالله فكان إصابتنا في تقليد هذا بالاتفاق لأنا قلنا مهما أصاب العقل أو شيء من القوي أمرا ما على ما هو عليه في نفسه إنما يكون بالاتفاق فما قلنا إنه يخطئ في كل حال و إنما قلنا لا نعلم خطأه من إصابته فلما كان الحق جميع قواه و علم الأمور بالله عند ذلك علم الإصابة في القوي من الغلط و هذا الذي ذهبنا إليه ما يقدر أحد على إنكاره فإنه يجده من نفسه فإذا تقرر هذا فاشتغل بامتثال ما أمرك اللّٰه به من العمل بطاعته و مراقبة قلبك فيما يخطر فيه و الحياء من اللّٰه و الوقوف عند حدوده و الانفراد به و إيثار جنابه حتى يكون الحق جميع قواك فتكون على بصيرة من أمرك و قد نصحتك إذ قد رأينا الحق أخبر عن نفسه بأمور تردها الأدلة العقلية و الأفكار الصحيحة مع إقامة أدلتها على تصديق المخبر و لزوم الايمان بها فقلد ربك إذ و لا بد من التقليد و لا تقلد عقلك في تأويله فإن عقلك قد أجمع معك على التقليد بصحة هذا القول أنه عن اللّٰه فما لك منازع منك يقدح فيما عندك فلا تقلد عقلك في التأويل و اصرف علمه إلى اللّٰه قائله ثم اعمل حتى تنزل في العلم به كهو فحينئذ تكون عارفا و تلك المعرفة المطلوبة و العلم الصحيح الذي لاٰ يَأْتِيهِ الْبٰاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَ لاٰ مِنْ خَلْفِهِ و بعد أن تقرر هذا فلنرجع إلى الطريقة المعهودة في هذا الباب التي بأيدي الناس من أهله فإن هذه الطريقة التي نبهناك عليها طريقة غريبة فنقول إن المحاسبي ذكر أن المعرفة هي العلم بأربعة أشياء اللّٰه و النفس و الدنيا و الشيطان و الذي قال رسول اللّٰه ص إن المعرفة بالله ما لها طريق إلا المعرفة بالنفس

فقال من عرف نفسه عرف ربه و

قال أعرفكم بنفسه أعرفكم بربه فجعلك دليلا أي جعل معرفتك بك دليلا على معرفتك به فأما بطريقة ما وصفك بما وصف به نفسه من ذات و صفات و جعله إياك خليفة نائبا عنه في أرضه و إما بما أنت عليه من الافتقار إليه في وجودك و أما الأمران معا لا بد من ذلك و رأينا اللّٰه يقول في العلم بالله المعبر عنه بالمعرفة سَنُرِيهِمْ آيٰاتِنٰا فِي الْآفٰاقِ وَ فِي أَنْفُسِهِمْ حَتّٰى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ فأحالنا الحق على الآفاق و هو ما خرج عنا و على أنفسنا و هو ما نحن عليه و به فإذا وقفنا على الأمرين معا حينئذ عرفناه و تبين لنا أنه الحق فدلالة اللّٰه أتم و ذلك إنا إذا نظرنا في نفوسنا ابتداء لم نعلم هل يعطي النظر فيما خرج عنا من العالم و هو

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 298
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست