responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 287

و أوحى إلى من أوحى إليهم أَلاّٰ تَتَّخِذُوا مِنْ دُونِي وَكِيلاً يقول لهم فالصحبة تطلب أعيان الأغيار مٰا يَكُونُ مِنْ نَجْوىٰ ثَلاٰثَةٍ إِلاّٰ هُوَ رٰابِعُهُمْ وَ لاٰ خَمْسَةٍ إِلاّٰ هُوَ سٰادِسُهُمْ وَ لاٰ أَدْنىٰ مِنْ ذٰلِكَ وَ لاٰ أَكْثَرَ إِلاّٰ هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مٰا كٰانُوا و المعية صحبة عامة و الخلة صحبة خاصة و سيرد بابها إن شاء اللّٰه غير إن في الصحبة أمرا يتعذر من وجه في الجناب الإلهي و هو المناسبة و المشاكلة إما من كل وجه و إما من أكثر الوجوه و لا مناسبة كما يرد في باب مقام ترك الصحبة فلا صحبة و قد وردت الصحبة فلا بد لها من وجه يستدعيها فإنه إخبار إلهي لاٰ يَأْتِيهِ الْبٰاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَ لاٰ مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ فلا تثبت الصحبة إلا إذا لم تأخذ في حدها الكفاءة فإذا أزلت الكفاءة في الصحبة ثبتت الصحبة في الجناب الإلهي فهو تعالى يصحبنا في كل حال نكون عليه و نحن لا نصحبه إلا في الوقوف عند حدوده فما نصحب على الحقيقة إلا أحكامه لا هو فهو معنا ما نحن معه لأنه يعرفنا و نحن لا نعرفه لذا أتى يصحبنا و لم يجيء نصحبه فإنه يحفظنا له لا لنا من هذه الحقيقة نطلبه لنا لا له فإن طالبنا طالبناه فَلِلّٰهِ الْحُجَّةُ الْبٰالِغَةُ فشرع تعالى لنا ما شرع فقال مَنْ عَمِلَ صٰالِحاً فَلِنَفْسِهِ و هو قولنا نطلبه لنا لا له و قال فَإِنَّ اللّٰهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعٰالَمِينَ تحقيقا لطلبنا إياه لنا لا له و حقيقة طلبه إيانا له لا لنا قوله تعالى وَ مٰا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَ الْإِنْسَ إِلاّٰ لِيَعْبُدُونِ فأوجدنا له لا لنا فطلبناه لنا لا له بما خلقنا له ف‌ اِلْتَفَّتِ السّٰاقُ بِالسّٰاقِ فأمر الصحبة عظيم و شأنها كبير و ما يرعاها إلا الأكابر و أحسن ما بلغني في رعى حقها و القيام به ما حكي عن الحجاج رحمه اللّٰه أنه أمر بضرب عنق شخص فقال لي أمر نحب أن أذكره للأمير قبل أن يقتلني فقال له الحجاج قل قال أيها الأمير لا أحب أن أقوله لك إلا حتى تتركني مكتوفا بحالي أمشي معك في إيوانك هذا من أوله إلى آخره و ما على الأمير في ذلك من بأس و لا يحول ذلك بينه و بين ما يريده مني و يقضي لي بهذا حاجة فقال لحاجبه أصعد به إلي و قام الحجاج يسايره في الإيوان و يصغي إليه ليرى ما ذا يقول له فلما بلغ معه إلى آخر الإيوان و عاد إلى مكانه قال أيها الأمير إن الكريم يراعي حق صحبة ساعة و قد صحبني الأمير و صحبته في هذه المشية و الأمير أولى من رعى حق الصحبة فقال الحجاج خلوا سبيله فو الله لقد صدق و لقد نبه عاقلا فلو قتلته لكنت ألأم الناس ثم أمر أن يجزل له في الأعطية و خيره في صحبته و الإقامة عنده فما أدري بعد ذلك هل أقام عنده أم لا فهذا من حسن ما يسمع في حق الصحبة من الوفاء به و الرعاية هذا من الحجاج فلا بد لعبيد اللّٰه أن يخلصوا مع اللّٰه نفسا واحدا يصح به إطلاق الصحبة مع اللّٰه فلا بد أن يرعى اللّٰه حق ذلك النفس و أما صحبة أهل اللّٰه بعضهم مع بعض أو صحبتهم للخلق أو صحبة الخلق إياهم فهم يطالبون أنفسهم بحق ما يجب للصاحب على الصاحب فإن كان عين الحق له حقا عنده لزمه الوفاء به امتثالا لأمر سيده و وقوفا عند حده و إن كان لم يأته في ذلك أمر و أبيح له و جعل له الاختيار في ذلك فليرجح مع صاحبه مكارم الخلق بترك غرضه و عمله لغرض صاحبه ما لم يسخط اللّٰه في واجب معين فصحبة اللّٰه أولى و كذلك في صحبة غير الأشكال و غير الجنس مثل صحبته لما يملكه من الدواب و الأشجار و ما يصحبه من ذلك و إن لم يملكه فإن رأى شجرة ذابلة لاحتياجها إلى الماء و إن لم يكن مالكها حاضرا و قدر على سقيها في صحبة تلك الساعة حيث استظل بها أو استند إليها طلبا لراحة من تعب أو وقف عندها ساعة لشغل طرأ له فهذه كلها صحبة و هو قادر على الماء فتعين عليه رعى حق الصحبة أن يسقيها لذلك لا لأجل صاحبها و لا طمعا فيما نثمر سواء أثمرت أو لم نثمر أو كانت مملوكة أو مباحة و كذلك الحيوانات المؤذية و غير المؤذية فإنه في كل ذي كبد رطبة أجر و قد وردت في ذلك أخبار نبوية من سقى البغي الكلب فشكر اللّٰه فعلها فغفر لها و كوالي بخارى و كان ظالما فوهبه اللّٰه لكلب أحسن في صحبته ثلاثة أيام فنودي كنت كلبا فوهبناك لكلب

(الباب الحادي و السبعون و مائة في معرفة مقام ترك الصحبة)



من ترك الصحبة فهو الذي يراه من قيده الجاهل
و صحبة الحق على كنهه يحيلها العالم و العاقل
فهو مع العالم في أينه و ما له أين و لا حامل
فانظر إلى الحكمة في قوله إني مع الأكوان يا غافل

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 287
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست