responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 27

و الاعتقاد و حقيقته الاعتقاد شرعا و لغة و هو في القول و العمل شرعا لا لغة فالمؤمن من كان قوله و فعله مطابقا لما يعتقده في ذلك الفعل و لهذا قال في المؤمنين نُورُهُمْ يَسْعىٰ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَ بِأَيْمٰانِهِمْ يريد ما قدموه من الأعمال الصالحة عند اللّٰه فأولئك من الذين أَعَدَّ اللّٰهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَ أَجْراً عَظِيماً

قال صلى اللّٰه عليه و سلم المؤمن من أمنه الناس على أموالهم و أنفسهم و

قال صلى اللّٰه عليه و سلم المؤمن من أمن جاره بوائقه و لم يخص مؤمنا و لا مسلما بل قال الناس و الجار من غير تقييد فإن المسلم قيده بسلامة المسلمين ففرق بين المسلم و المؤمن بما قيده به و بما أطلقه فعلمنا إن للإيمان خصوص وصف و هو التصديق تقليدا من غير دليل ليفرق بين الايمان و العلم و اعلم أن المؤمن المصطلح عليه في طريق اللّٰه عند أهله الذي اعتبره الشرع له علامتان في نفسه إذا وجدهما كان من المؤمنين العلامة الواحدة أن يصير الغيب له كالشهادة في عدم الريب فيما يظهر على المشاهد لذلك الأمر الذي وقع به الايمان من الإيثار في نفس المؤمن كما يقع في نفس المشاهد له فيعلم أنه مؤمن بالغيب و العلامة الثانية أن يسرى الأمان منه في نفس العالم كله فيأمنوه على القطع على أموالهم و أنفسهم و أهليهم من غير أن تتخلل ذلك الأمان تهمة في أنفسهم من هذا الشخص و انفعلت لأمانة النفوس فذلك هو المشهود له بأنه من المؤمنين و مهما لم يجد هاتين العلامتين فلا يغالط نفسه و لا يدخلها في المؤمنين فليس إلا ما ذكرناه

[الأولياء القانتون]

و من الأولياء أيضا القانتون لله و القانتات رضي اللّٰه عنهم تولاهم اللّٰه بالقنوت و هو الطاعة لله في كل ما أمر به و نهى عنه و هذا لا يكون إلا بعد نزول الشرائع و ما كان منه قبل نزول الشرائع فلا يسمى قنوتا و لا طاعة و لكن يسمى خيرا و مكارم خلق و فعل ما ينبغي قال اللّٰه تعالى وَ قُومُوا لِلّٰهِ قٰانِتِينَ أي طائعين فأمر بطاعته و قال تعالى وَ الْقٰانِتِينَ وَ الْقٰانِتٰاتِ و قال تعالى أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهٰا عِبٰادِيَ الصّٰالِحُونَ و ليس يرث الصالح من الأرض إلا إتيانها لله طائعة مع السماء حين قال لَهٰا وَ لِلْأَرْضِ ائْتِيٰا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قٰالَتٰا أَتَيْنٰا طٰائِعِينَ فورث العباد منها الطاعة لله و هي المعبر عنها بالقنوت إذ الساجدون لله على قسمين منهم من يسجد طوعا و منهم من يسجد كرها فالقانت يسجد طوعا و تصحيح طاعتهم لله و قنوتهم أن يكون الحق لهم بهذه المثابة للموازنة كما قال فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ و

من تقرب إلي شبرا تقربت إليه ذراعا فالحق مع العبد على قدر ما هو العبد مع الحق وقفت يوما أنا و عبد صالح معي يقال له الحاج مدور يوسف الإستجي كان من الأميين المنقطعين إلى اللّٰه المنورة بصائرهم على سائل يقول من يعطي شيئا لوجه اللّٰه ففتح رجل صرة دراهم كانت عنده و جعل ينتقي له من بين الدراهم قطعة صغيرة يدفعها للسائل فوجد ثمن درهم فأعطاه إياه و هذا العبد الصالح ينظر إليه فقال لي يا فلان تدري على ما يفتش هذا المعطي قلت لا قال على قدره عند اللّٰه لأنه أعطى السائل لوجه اللّٰه فعلى قدر ما أعطى لوجهه ذلك قيمته عند ربه و لكن من شرط القانت عندنا أنه يطيع اللّٰه من حيث ما هو عبد اللّٰه لا من حيث ما وعده اللّٰه به من الأجر و الثواب لمن أطاعه و أما الأجر الذي يحصل للقانت فذلك من حيث العمل الذي يطلبه لا من حيث الحال الذي أوجب له القنوت قال اللّٰه تعالى في القانتات من نساء رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم وَ مَنْ يَقْنُتْ مِنْكُنَّ لِلّٰهِ وَ رَسُولِهِ وَ تَعْمَلْ صٰالِحاً نُؤْتِهٰا أَجْرَهٰا مَرَّتَيْنِ فالأجر هنا للعمل الصالح الذي عملته و كان مضاعفا في مقابلة قوله تعالى في حقهن يٰا نِسٰاءَ النَّبِيِّ مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفٰاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ يُضٰاعَفْ لَهَا الْعَذٰابُ ضِعْفَيْنِ لمكانة رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم و لفعل الفاحشة كذلك ضوعف الأجر للعمل الصالح و مكانة رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم و بقي القنوت معرى عن الأجر فإنه أعظم من الأجر فإنه ليس بتكليف و إنما الحقيقة تطلبه و هو حال يستصحب العبد في الدنيا و الآخرة و لهذا قال إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمٰاوٰاتِ وَ الْأَرْضِ إِلاّٰ آتِي الرَّحْمٰنِ عَبْداً يعني يوم القيامة فالقنوت مع العبودية في دار التكليف لا مع الأجر ذلك هو القنوت المطلوب و الحق إنما ينظر للعبد في طاعته بعين باعثه على تلك الطاعة و لهذا قال تعالى آمرا وَ قُومُوا لِلّٰهِ قٰانِتِينَ و لم يسم أجرا و لا جعل القنوت إلا من أجله لا من أجل أمر آخر فهؤلاء هم القانتون و القانتات

[الأولياء الصادقون]

و من الأولياء أيضا الصادقون و الصادقات رضي اللّٰه عنهم تولاهم اللّٰه بالصدق في أقوالهم و أحوالهم فقال تعالى رِجٰالٌ صَدَقُوا مٰا عٰاهَدُوا اللّٰهَ عَلَيْهِ فهذا من صدق أحوالهم و الصدق في القول معلوم و هو ما يخبر به و صدق الحال ما يفي به في المستأنف و هو أقصى الغاية في الوفاء لأنه شديد

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 27
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست