responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 269



شقوتها مقرونة بالبحث و المضايقة
لا تلتفت لما يرى من الأمور الخارقة
ما لم تكن مسلما لها على المطابقة
إن الحكيم المجتبى في حلبة المسابقة
يجري على حكمته مع العقول الفارقة
في حضرة النور التي لها الشموس الشارقه

[أن من التحقيق أن تعطي المغالطة في موضعها حقها]

فاعلم أيدك اللّٰه أن من التحقيق أن تعطي المغالطة في موضعها حقها فإن لها في كتاب اللّٰه موضعا و هو قوله في أعمال الكفار كَسَرٰابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مٰاءً و الحق هو الذي أعطاه في عين هذا الرائي صورة الماء و هو ليس بالماء الذي يطلبه هذا الظمآن فتجلى له في عين حاجته حَتّٰى إِذٰا جٰاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئاً فنكر و ما قال لم يجده الماء فإن السراب لم يكن ذلك المحل الذي جاء إليه محل السراب و لو كان لقال وجد السراب و ما كان سرابا إلا في عين الرائي طالب الماء فرجع هذا الرائي لنفسه لما لم يجد مطلوبه في تلك البقعة فوجد اللّٰه عنده فلجأ إليه في إغاثته بالماء أو بالمزيل لذلك الظماء القائم به فبأي أمر أزاله فهو المعبر عنه بالماء فلما نفى عنه اسم الشيء جعل الوجود له سبحانه لأنه لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ فما هو شيء بل هو وجود فانظر ما أدق هذا التحقيق فهذا كنار موسى فتجلى له في عين حاجته فلم تكن نارا كما قلنا

كنار موسى يراها عين حاجته و هو الإله و لكن ليس يدريه

(الباب السادس و العشرون و مائة في معرفة مقام الحكمة و الحكماء)



إن الحكيم مرتب الأشياء في أعين الأكوان و الأسماء
يجري مع العلم القديم بحكمه في الحكمة المزدانة الغراء
فتراه يعطي كل شيء خلقه في حالة السراء و الضراء
و عن العوارض لا يزال منزها في بدء ما تهوي من الأشياء
لكنه المعصوم في أفعاله في كل ما يجري من الأهواء

[أن الحكمة علم بمعلوم خاص]

اعلم أيدك اللّٰه أن الحكمة علم بمعلوم خاص و هي صفة تحكم و يحكم بها و لا يحكم عليها و اسم الفاعل منها حكيم فلها الحكم و اسم الفاعل من الحكم الذي هو أثرها حاكم و حكم و بهذا سمي الرسن الذي يحكم به الفرس حكمة فكل علم له هذا النعت فهو الحكمة و الأشياء المحكوم عليها بكذا تطلب بذاتها و استعدادها ما يحتاج إليه فلا يعطيها ذلك إلا من نعته الحكمة و اسمه الحكيم فهل للاستعدادات حكم في هذا المسمى حكيما أو الحكمة لها الحكم أو المجموع فأما الاستعداد على الانفراد فلا أثر له فإنا نرى من يستحق أمرا ما باستعداده و هو بين يدي عالم لكنه ليس بحكيم فلا يعطيه ما يستحقه لكونه جاهلا و قد يمنعه ما يستحقه مع كونه موصوفا بالعلم بما يستحقه ذلك الأمر و ما يفعل فلا بالمجموع و لا بالانفراد فعلمنا إن ذلك راجع إلى أمر رابع ما هو الحكمة و لا العليم بالحكمة و لا استعداد الأمر الذي يطلب الحكمة و ذلك الأمر الزائد هو الذي يبعثه على إعطاء ذلك الأمر حقه لعلمه بما يستحقه و حينئذ يسمى حكيما و ما لم يكن منه ذلك فهو عالم بالحكمة و بما تستحقه و ما يستحقه ذلك الأمر باستعداده فلا يسمى حكيما إلا بوجود هذا الاستعمال و هو قوله أَعْطىٰ كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ من اسمه الحكيم فبالإعطاء الذي تعطيه الحكمة يسمى حكيما فهو علم تفصيلي عملي و العلم بالمجمل علم تفصيلي فإنه فصله عن العلم التفصيلي و لو لا ذلك لم يتميز المجمل من المفصل فمن الحكمة العلم بالمجمل و التجميل و المفصل و التفصيل قال تعالى وَ آتَيْنٰاهُ الْحِكْمَةَ عملا وَ فَصْلَ الْخِطٰابِ في المقال

[موطن الحكيم موطن الملامية فإنهم مجهولون في الدنيا]

فالحكيم يجري مع كل حال و موطن بحسب ذلك الحال و ذلك الموطن و ليس هذا إلا للملامية خاصة فهم المجهولون في الدنيا لأنهم لا يتميزون بأمر يخرجهم عن حكم ما يعطيه موطن الدنيا فإن قام به حال يناقض الموطن من وجه و هو حال النبوة أعني الرسالة فإنه لا بد أن يحكم عليه الحال و هو الذي تعطيه الحكمة فيتميز في موطن الدنيا بأنه عند اللّٰه بمكان و لم يكن له ذلك و لكن حال التبليغ يطلب

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 269
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست