responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 266

فتكون غاصبا و الصلاة في الدار المغصوبة لا تجوز بخلاف و الدعاء إلى اللّٰه صلاة و الإخلاص فيها الحرية عن استرقاق من يدعوهم إليه فهذا هو محل الغني بالله و هنا يستعمل فإن عدلت به إلى غير هذا فقد أخسرت الميزان و اللّٰه يقول وَ لاٰ تُخْسِرُوا الْمِيزٰانَ و أَلاّٰ تَطْغَوْا فِي الْمِيزٰانِ فتخرجوه عن حده و هو قوله لاٰ تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ و الغلو و الطغيان هما الرفعة فوق الحد الذي يستحقه المتغالي فيه وَ اللّٰهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَ هُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ

(الباب الرابع و الستون و مائة في معرفة مقام التصوف)



فاعلم إن التصوف تشبيه بخالقنا لأنه خلق فانظر ترى عجبا
كيف التخلق و المكر الخفي له في خلقه و بهذا القدر قد حجبا
و ذمه في صفات الخلق فاعتبروا فيه فذا مثل للعقل قد ضربا
إن الحديد إذا ما الصنع يدخله في غير منزلة يرده ذهبا
كذلك الخلق المذموم يرجع محمودا إذا هو للرحمن قد نسبا
أن التوصف أخلاق مطهرة مع الإله فلا تعدل به نسبا

[خلق رسول اللّٰه ص]

قال أهل طريق اللّٰه التصوف خلق فمن زاد عليك في الخلق زاد عليك في التصوف

و سألت عائشة أم المؤمنين عن خلق رسول اللّٰه ص فقالت كان خلقه القرآن و إن اللّٰه أثنى عليه بما أعطاه من ذلك فقال وَ إِنَّكَ لَعَلىٰ خُلُقٍ عَظِيمٍ

[من شرط المنعوت بالتصوف أن يكون حكيما]

و من شرط المنعوت بالتصوف أن يكون حكيما ذا حكمة و إن لم يكن فلا حظ له في هذا اللقب فإنه حكمة كله فإنه أخلاق و هي تحتاج إلى معرفة تامة و عقل راجح و حضور و تمكن قوي من نفسه حتى لا تحكم عليه الأغراض النفسية و ليجعل القرآن أمامه صاحب هذا المقام فينظر إلى ما وصف الحق به نفسه و في أي حالة وصف نفسه بذلك الذي وصف نفسه و مع من صرف ذلك الوصف الذي وصف به نفسه فليقم الصوفي بهذا الوصف بتلك الحال مع ذلك الصنف فأمر التصوف أمر سهل لمن أخذه بهذا الطريق و لا يستنبط لنفسه أحكاما و يخرج عن ميزان الحق في ذلك فإنه من فعل ذلك لحق بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمٰالاً اَلَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيٰاةِ الدُّنْيٰا وَ هُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً فإن اللّٰه لا يقيم له يَوْمَ الْقِيٰامَةِ وَزْناً كما أنهم لم يقيموا للحق هنا وزنا فعادت عليهم صفتهم فما عذبهم بغيرهم

[ان اللّٰه تعالى لم يذكر في القرآن صفة قهر و شدة إلا و إلى جانبها صفة لطف و لين]

فتأمل قوله تعالى في كتابه فإنه ما ذكر صفة قهر و شدة إلا و إلى جانبها صفة لطف و لين حيثما كان من كتاب اللّٰه ثم إن أفرد صفة منها و لم يذكر إلى جانبها ما يقابلها أطلبها تجد مقابلها في موضع آخر مفردا أيضا فذلك المفرد المقابل هو لهذا المفرد المقابل و الغالب الجمعية قال تعالى نَبِّئْ عِبٰادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ثم أردف بالمقابل فقال تعالى وَ أَنَّ عَذٰابِي هُوَ الْعَذٰابُ الْأَلِيمُ و قال إِنَّ رَبَّكَ لَسَرِيعُ الْعِقٰابِ ثم أردف بالمقابل فقال وَ إِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ و قال وَ إِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِلنّٰاسِ عَلىٰ ظُلْمِهِمْ ثم أردف فقال وَ إِنَّ رَبَّكَ لَشَدِيدُ الْعِقٰابِ و تتبع هذا تجده كما ذكرناه لك

[ان اللّٰه لم يذكر في القرآن نعتا من نعوت أهل السعادة إلا و ذكر إلى جانبه نعتا من نعوت أهل الشقاء]

ثم إنه ما ذكر نعتا من نعوت أهل السعادة إلا و ذكر إلى جانبه نعتا من نعوت أهل الشقاء إما بتقديم أو تأخير قال تعالى وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُسْفِرَةٌ ضٰاحِكَةٌ مُسْتَبْشِرَةٌ في أهل السعادة ثم عطف فقال وَ وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ عَلَيْهٰا غَبَرَةٌ تَرْهَقُهٰا قَتَرَةٌ أُولٰئِكَ هُمُ الْكَفَرَةُ الْفَجَرَةُ و قال تعالى في حال أهل السعادة وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نٰاضِرَةٌ إِلىٰ رَبِّهٰا نٰاظِرَةٌ ثم عطف فقال في أهل الشقاء وَ وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ بٰاسِرَةٌ تَظُنُّ أَنْ يُفْعَلَ بِهٰا فٰاقِرَةٌ و الوجوه هنا عبارة عن النفوس الإنسانية لأن وجه الشيء حقيقته و ذاته و عينه لا الوجوه المقيدة بالأبصار فإنها لا تتصف بالظنون و مساق الآية يعطي أن الوجوه هنا هي ذوات المذكورين و قال في الأشقياء وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خٰاشِعَةٌ عٰامِلَةٌ نٰاصِبَةٌ تَصْلىٰ نٰاراً حٰامِيَةً ثم عطف بالسعداء فقال وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نٰاعِمَةٌ لِسَعْيِهٰا رٰاضِيَةٌ فِي جَنَّةٍ عٰالِيَةٍ و قال في أحوال السعداء فَأَمّٰا مَنْ أُوتِيَ كِتٰابَهُ بِيَمِينِهِ فذكر خيرا ثم عطف و قال وَ أَمّٰا مَنْ أُوتِيَ كِتٰابَهُ بِشِمٰالِهِ فذكر شرا و كذلك قوله مَنْ كٰانَ يُرِيدُ الْعٰاجِلَةَ عَجَّلْنٰا لَهُ فِيهٰا مٰا نَشٰاءُ لِمَنْ نُرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنٰا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلاٰهٰا ثم عطف و قال وَ مَنْ أَرٰادَ الْآخِرَةَ وَ سَعىٰ لَهٰا سَعْيَهٰا و قال في العناية فَأَلْهَمَهٰا فُجُورَهٰا ثم عطف فقال وَ تَقْوٰاهٰا و قال قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكّٰاهٰا ثم عطف وَ قَدْ خٰابَ مَنْ دَسّٰاهٰا و قال فَأَمّٰا مَنْ أَعْطىٰ وَ اتَّقىٰ وَ صَدَّقَ بِالْحُسْنىٰ فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرىٰ ثم عطف

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 266
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست