responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 263



الفقر أمر يعم الكون أجمعه عينا و حكما و لكن ليس ينطلق
إلا على ممكن أسماء خالقه تبغيه فهي لهذا الأمر تستبق
إن القوي بالاستعداد قوته مثل الضعيف ففي الأحكام تتفق
إن الحقائق تجري في ميادنها و كل حق له في نفسه طلق
إن الفقير الذي استولت خصاصته عليه في كل شيء ثوبه خلق
في كل حال من الأحوال تبصره كأنه طبق من فوقه طبق
و ليس يمنعه عن عين موجدة على طريقته الآفات و العلق
(و من ذلك)

الفقر حكم و لكن ليس يدركه إلا الذي جل عن أهل و عن ولد
الفقر حكم يعم الكون أجمعه و لا أحاشي من الأعيان من أحد
لأنها كلها بالذات تطلبه و الفقر يطلبها بالذات في البلد
فكلها عدد لأنها عدد و الكل شفع سوى المدعو بالأحد
و ما سواه من الأعيان فهو كما قلناه كالواهب المحسان و الصمد
سبحانه جل أن يحظى به أحد فلا يولد في عقل و في جسد

[أيها الناس أنتم الفقراء إلى اللّٰه]

قال اللّٰه تعالى يٰا أَيُّهَا النّٰاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرٰاءُ إِلَى اللّٰهِ وَ اللّٰهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ يعني بأسمائه كما نحن فقراء إلى أسمائه و لذلك أتى بالاسم الجامع للأسماء الإلهية حقيقة سره لَقَدْ سَمِعَ اللّٰهُ قَوْلَ الَّذِينَ قٰالُوا إِنَّ اللّٰهَ فَقِيرٌ وَ نَحْنُ أَغْنِيٰاءُ فلو اتصفوا اتصفوا بحقيقة سَنَكْتُبُ مٰا قٰالُوا سببه وَ أَقْرِضُوا اللّٰهَ نزاهته قَرْضاً حَسَناً بيانه و دليله الإحسان أن تعبد اللّٰه كأنك تراه جزاؤه وَ مٰا يَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَلَنْ يُكْفَرُوهُ و باب الفقر ليس فيه ازدحام لاتساعه و عموم حكمه و الفقر صفة مهجورة و ما يخلو عنها أحد و هي في كل فقير بحسب ما تعطيه حقيقته و هي ألذ ما ينالها العارف فإنها تدخله على الحق و يقبله الحق لأنه دعاه بها و الدعاء طلب و تقرب منها أختها و هي الذلة قال أبو يزيد قال لي الحق تقرب إلي بما ليس لي الذلة و الافتقار فذله و حجبه فهاتان صفتان في اللسان نعتان للممكنات ليس لواجب الوجود منهما نعت في اللسان تعالى اللّٰه حجاب مسدل و باب مقفل مفتاحه معلق عليه يراه البصير و لا يحس به الأعمى قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَ الَّذِينَ لاٰ يَعْلَمُونَ إِنَّمٰا يَتَذَكَّرُ أُولُوا الْأَلْبٰابِ و في هذه الآية أعني آية قوله أَنْتُمُ الْفُقَرٰاءُ إِلَى اللّٰهِ تسمى الحق لنا باسم كل ما يفتقر إليه غيرة منه أن يفتقر إلى غيره فالفقير هو الذي يفتقر إلى كل شيء و لا يفتقر إليه شيء و هذا هو العبد المحض عند المحققين فتكون حاله في شيئية وجوده كحاله في شيئية عدمه دواء نافع لداء عضال قوله وَ قَدْ خَلَقْتُكَ مِنْ قَبْلُ وَ لَمْ تَكُ شَيْئاً قضية في عين قضية عامة أَ وَ لاٰ يَذْكُرُ الْإِنْسٰانُ أَنّٰا خَلَقْنٰاهُ مِنْ قَبْلُ وَ لَمْ يَكُ شَيْئاً تنبيه على شرف الرتبة هَلْ أَتىٰ عَلَى الْإِنْسٰانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئاً مَذْكُوراً مع وجود عينه لأن الحين الدهري أتى عليه فالفقر احتياج ذاتي من غير تعيين حاجة لجهله بالأصلح له و من أسماء اللّٰه المانع و هو قد أَعْطىٰ كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ حتى الغرض لما خلقه فينا أعطاه خلقه فلإنزال أصحاب أغراض فما يمنع إلا للمصلحة كما يملي لقوم لِيَزْدٰادُوا إِثْماً فقد أعطاهم الإثم كما أعطى الإثم خلقه فالحق لا يتقيد إنعامه و القوابل تقبل بحسب استعداداتها فمنعه عطاء لعلمه بالمصالح لذلك حكي عن بعضهم أنه سئل عن الفقير ما هو فقال من ليست له إلى اللّٰه حاجة يعني على التعيين و نبه أن الاحتياج له ذاتي و اللّٰه قد أَعْطىٰ كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ فقد أعطاك ما فيه المصلحة لك لو علمت فما بقي لصاحب هذا المقام ما يسأل اللّٰه فيه و ما شرع السؤال إلا لمن ليس له هذا الشهود و رآه يسأل الأغيار فغار فشرع له أن يسأله و لما سبق في علمه أنه يخلق قوما و يخلق فيهم السؤال إلى الأغيار و يحجبهم عن العلم به أنه المسئول في كل عين مسئولة يفتقر إليها من جماد و نبات و حيوان و ملك و غير ذلك من المخلوقات أخبرنا أن الناس فقراء إلى اللّٰه أي هو المسئول على الحقيقة فإنه بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ فالفقر إلى اللّٰه هو الأصل فالعلماء بالله هم الذين يحفظون أحوالهم

(وصل) [الغني بالله]

الغني بالله فقير إليه فالنسبة بلفظ الفقر إلى اللّٰه أولى من النسبة بالغنى لأن الغني نعت ذاتي يرفع المناسبة بين ذات الحق و الخلق

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 263
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست