responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 262

أدب مع اللّٰه و لو لا أنه جائز له أن يبدأ بالمروة في سعيه لما قال هذا و رجح ما بدأ اللّٰه به على ما في المسألة من التخيير من أجل الواو فإنه ما بدأ اللّٰه به إلا لسر يعلمه فمن لم يبدأ به حرم فائدته و

قال ص خذوا عني مناسككم و تقديم الصفا في السعي من المناسك

[تقديم البر على البحر في السفر]

و لقد رويت في هذا المعنى حكاية عجيبة عن يهودي أخبرني بها موسى بن محمد القرطبي القباب المؤذن بالمسجد الحرام المكي بالمنارة التي عند باب الحزورة و باب أجياد رحمه اللّٰه سنة تسع و تسعين و خمسمائة قال كان رجل بالقيروان أراد الحج فتردد خاطره في سفره بين البر و البحر فوقتا يترجح له البر و وقتا يترجح له البحر فقال إذا كان صبيحة غد أول رجل ألقاه أشاوره فحيث يرجح لي أحكم به فأول من لقي يهوديا فتألم ثم عزم و قال و اللّٰه لأسألنه فقال يا يهودي أشاورك في سفري هذا هل أمشي في البر أو في البحر فقال له اليهودي يا سبحان اللّٰه و في مثل هذا يسأل مثلك أ لم تر أن اللّٰه يقول لكم في كتابكم هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَ الْبَحْرِ فقدم البر على البحر فلو لا إن لله فيه سرا و هو أولى بكم ما قدمه و ما أخر البحر إلا إذا لم يجد المسافر سبيلا إلى البر قال فتعجبت من كلامه و سافرت في البر يقول الرجل فو الله ما رأيت سفرا مثله و لقد أعطاني اللّٰه فيه من الخير فوق ما كنت أشتهي

[إنكار الغزالي لمقام القربة]

و قد أنكر أبو حامد الغزالي هذا المقام و قال ليس بين الصديقية و النبوة مقام و من تخطي رقاب الصديقين وقع في النبوة و النبوة باب مغلق فكان يقول لا تتخطوا رقاب الصديقين و لا شك أن الأنبياء أصحاب الشرائع هم أرفع عباد اللّٰه من البشر و مع هذا لا يبعد أن يخص اللّٰه المفضول بعلم ليس عند الفاضل و لا يدل تميزه عنه أنه بذلك العلم أفضل منه بل قال له يا موسى أنا على علم علمنيه اللّٰه لا تعلمه أنت و أنت على علم علمكه اللّٰه لا أعلمه أنا و ما قال له أنا أفضل منك بل علم حق موسى و ما ينبغي له و امتثل أمره فيما نهاه عنه من صحبته احتراما منه لمقام موسى و علو منزلته و سكوت موسى عنه حين فارقه و لم يرجع عن نهيه لأنه علم إن الخضر ممن لم يسمع نهي موسى ع و لا سيما و قد قال له وَ مٰا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي فعلم موسى أنه ما فارقه إلا عن أمر ربه فما اعترض عليه في فراقه إياه و حصل لموسى مقصوده و مقصود الحق في تأديبه فعلم إن لله عبادا عندهم من العلم ما ليس عنده و لم يكن إلا علم كون من الأكوان من علوم الكشف و هو من أحوال المريدين أصحاب السلوك فكيف لو كان من العلوم المتعلقة بالجناب الإلهي إما من العلم المحكم أو المتشابه

[السر الذي وقر في نفس أبى بكر]

و من هذا المقام حصل لأبي بكر الصديق السر الذي وقر في نفسه و ظهرت قوة ذلك السر مع وقته و قول عائشة لرسول اللّٰه ص في مرضه حين أمر أن يصلي بالناس أنه رجل أسيف و رسول اللّٰه ص يعرف منه بالسر الذي حصل عنده ما لا تعرفه الجماعة فما بقي أحد يوم مات رسول اللّٰه ص إلا ذهل في ذلك اليوم و خولط في عقله و تكلم بما ليس الأمر عليه إلا أبو بكر الصديق فما طرأ عليه من ذلك أمر بل رقى المنبر و خطب الناس و ذكر موت النبي ص فقال من كان منكم يعبد محمدا فإن محمدا قد مات و من كان يعبد اللّٰه فإن اللّٰه حي لا يموت ثم تلا إِنَّكَ مَيِّتٌ وَ إِنَّهُمْ مَيِّتُونَ و مٰا مُحَمَّدٌ إِلاّٰ رَسُولٌ الآية فسكن جأش الناس حتى قال عمر و اللّٰه ما كأني سمعت بهذه الآية إلا في ذلك اليوم و هذا

قوله ص إذا وجب يعني الموت فلا تبكين باكية و أما قبل وقوع الموت فالبكاء محمود و كذا فعل أبو بكر لما قام رسول اللّٰه ص فقال ما تقولون في رجل خير فاختار لقاء اللّٰه فبكى أبو بكر وحده دون الجماعة و علم أن رسول اللّٰه ص قد نعى لأصحابه نفسه فأنكر الصحابة على أبي بكر بكاءه و هو كان أعلم فلما مات ص بكى الناس و ضجوا إلا أبا بكر امتثالا

لقوله ص إذا وجب فلا تبكين باكية هذا كله من السر الذي أعطاه هذا المقام

[الذي ينبغي أن يقال ليس بين محمد و أبى بكر رجل لا أنه ليس بين الصديقية و النبوة مقام]

فالذي ينبغي أن يقال ليس بين محمد و أبي بكر رجل لا أنه ليس بين الصديقية و النبوة مقام فإن الصديق تابع بطريق الايمان فما أنكره متبوعة أنكر و ما قرره متبوعة قرر هذا حظ الصديق من كونه صديقا و من كون مقام آخر لا يحكم عليه حال الصديقية فاعلم ذلك انتهى السفر الرابع عشر بانتهاء الجزء السادس و مائة من الفتوحات المكية

(الباب الثاني و الستون و مائة في معرفة الفقر و أسراره)

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 262
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست