responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 251

على قلوب العباد المنازعين لما تلقى الملائكة على قلوب بنى آدم في لماتها فقالوا وَ قِهِمُ السَّيِّئٰاتِ نصرة للملائكة على الشياطين ثم تلطفوا في السؤال بقولهم وَ مَنْ تَقِ السَّيِّئٰاتِ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمْتَهُ

[نصرة ملائكة التسخير بالاستغفار لجميع من في الأرض من الآدميين من غير تعيين]

ثم من نصرتهم لمن في الأرض من غير تعيين مؤمن من غيره قول اللّٰه تعالى عنهم وَ الْمَلاٰئِكَةُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَ يَسْتَغْفِرُونَ لِمَنْ فِي الْأَرْضِ مطلقا من غير تعيين أدبا مع اللّٰه و الأرض جامعة فدخل المؤمن و غيره في هذا الاستغفار ثم إن اللّٰه بشر أهل الأرض بقبول استغفار الملائكة بقوله أَلاٰ إِنَّ اللّٰهَ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ و لم يقل الفعال لما يريد و لهذا أيضا قلنا إن مال عباد اللّٰه إلى الرحمة و إن سكنوا النار فلهم فيها رحمة لا يعلمها غيرهم و ربما تعطيهم تلك الرحمة أن لو شموا رائحة من روائح الجنة تضرروا بها كما تضر رياح الورد و الطيب بأمزجة المحرورين فهذا كله من ولاية الملائكة فعم نصرهم بحمد اللّٰه فنعم الإخوان لنا

[نصرة ملائكة التسخير المؤمنين على أعدائهم في القتال]

و أما نصرهم المؤمنين على الأعداء في القتال فإنهم ينزلون مددا بالدعاء و في يوم بدر نزلوا مقاتلين خاصة و كانوا خمسة آلاف و فيه استرواح إذ ليس بنص بقوله وَ مٰا جَعَلَهُ اللّٰهُ إِلاّٰ بُشْرىٰ لَكُمْ فكانوا من الملائكة أو هم الملائكة الذين قالوا في حق آدم أَ تَجْعَلُ فِيهٰا مَنْ يُفْسِدُ فِيهٰا وَ يَسْفِكُ الدِّمٰاءَ فأنزلهم في يوم بدر فسفكوا الدماء حيث عابوا آدم بسفك الدماء فلم يتخلفوا عن أمر اللّٰه و قوله وَ لِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُمْ بِهِ أي من عادة البشرية أن تسكن إلى الكثرة إذ كان أهل بدر قليلين و المشركون كثيرين فلما رأوا الملائكة و هم خمسة آلاف و المسلمون ثلاثمائة و المشركون ألف رجل اطمأنت قلوب المؤمنين بكثرة العدد مع وجود القتال منهم فما اطمأنوا به برؤيتهم و حصل لهم من الأمان في قلوبهم حتى غشيهم النعاس إذ كان الخائف لا ينام

[حفظ اللّٰه دينه و عباده بخمسة آلاف من الملائكة مسومين]

و ما ذكر في الكثرة أكثر من خمسة آلاف لأن الخمسة من الأعداد تحفظ نفسها و غيرها و ليس لغيرها من الأعداد هذه المرتبة فحفظ اللّٰه دينه و عباده المؤمنين بِخَمْسَةِ آلاٰفٍ مِنَ الْمَلاٰئِكَةِ مُسَوِّمِينَ أي أصحاب علامات يعرفون بها أنهم من الملائكة أو الملائكة الذين قالوا في حقنا نسفك الدماء : فنصرونا على الأعداء بما عابوه علينا إذ أمرهم اللّٰه بذلك

[حصر مراتب نصر ملائكة التسخير]

و لولاية الملائكة وجوه و مواقف متعددة و لكن ذكرنا حصر المراتب التي نبه اللّٰه عليها فنصروا أسماء اللّٰه و هو أعلى المقامات و نصروا ملائكة اللمات و نصروا المؤمنين و نصروا التائبين و نصروا من في الأرض و ما ثم من يطلب نصرهم أكثر من هذا فانحصرت مراتب النصر

[ملائكة التسخير بالحمد يستفتحون ثم بعد ذلك يستغفرون]

ثم إن اللّٰه أثنى عليهم بأنهم يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ استفتاحا إيثارا لجناب اللّٰه ثم بعد ذلك يَسْتَغْفِرُونَ و هو الذي يليق بهم تقديم جناب اللّٰه و لهذا

ما قام رسول اللّٰه ص في مقام للناس يخطبهم الأقدم حمد اللّٰه و الثناء عليه ثم بعد ذلك يتكلم بما شاء و لذلك

قال كل أمر ذي بال لا يبدأ فيه بحمد اللّٰه أو قال بذكر اللّٰه فهو أجذم أي مقطوع عن اللّٰه و إذا كان مقطوعا عن اللّٰه فإن شاء اللّٰه قبله و إن شاء لم يقبله و إذا بديء فيه بذكر اللّٰه فكان موصولا به غير مقطوع أي ليس بأجذم فذكر اللّٰه مقبول فالموصول به مقبول بلا شك ثم إنه من علم الملائكة أنهم ما يسبحون في هذه الأحوال إلا بحمد ربهم و الرب المصلح و لا يرد الإصلاح إلا على فساد و ما ذكر اللّٰه عنهم أنهم يسبحون بحمد غيره من الأسماء الإلهية إذ قال اللّٰه اَلْحَمْدُ لِلّٰهِ رَبِّ الْعٰالَمِينَ فعلموا إن المتوجه على العالم إنما هو الاسم الرب إذ كان الغالب على عالم الأرض سلطان الهوى و هو الذي يورث الفساد الذي قالت الملائكة أَ تَجْعَلُ فِيهٰا مَنْ يُفْسِدُ فِيهٰا فعلموا ما يقع لعلمهم بالحقائق و كذا وقع الأمر كما قالوه

[المولد من الأضداد المتنافرة لا بد فيه من المنازعة]

و إنما وقع الغلط عندهم في استعجالهم بهذا القول من قبل أن يعلموا حكمة اللّٰه في هذا الفعل ما هي و حملهم على ذلك الغيرة التي فطروا عليها في جناب اللّٰه لأن المولد من الأضداد المتنافرة لا بد فيه من المنازعة و لا سيما المولد من الأركان فإنه مولد من مولد من مولد من مولد ركن عن فلك عن برج عن طبيعة عن نفس و الأصل الأسماء الإلهية المتقابلة و من هنالك سرى التقابل في العالم فنحن في آخر الدرجات فالخلاف فيما علا عن رتبة المولد من الأركان أقل و إن كان لا يخلو أ لا ترى إلى الملإ الأعلى كيف يختصمون و ما كان لرسول اللّٰه ص علم بِالْمَلَإِ الْأَعْلىٰ إِذْ يَخْتَصِمُونَ حتى أعلمه اللّٰه بذلك و سبب ذلك أن أصل نشأتهم أيضا تعطي ذلك و من هذه الحقيقة التي خلقوا عليها قالوا أَ تَجْعَلُ فِيهٰا مَنْ يُفْسِدُ فِيهٰا وَ يَسْفِكُ الدِّمٰاءَ و هو نزاع خفي للربوبية من خلف حجاب الغيرة و التعظيم

[أصل النزاع و التنافر في العالم]

و أصل النزاع و التنافر ما ذكرناه من الأسماء الإلهية المحيي و المميت و المعز و المذل و الضار و النافع و لا ينبغي أن يكون الإله إلا من هذه أسماؤه مضاف إليها مشيئته

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 251
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست