responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 242

للإنسان و هذا لا يقول به من عنده أدنى شيء من العلم

[الأخلاق الإلهية كلها في الجبلة الإنسانية]

و الصحيح في هذه الأخلاق الإلهية إنها كلها في جبلة الإنسان و تظهر لمن يعرفها في كل إنسان على حد ما تظهر في الجناب الإلهي فإن كل خلق من هذه الأخلاق لا يصح أن تعم المعاملة به جميع الأكوان لا من جانب الحق و لا من جانب الإنسان فهو كريم على الإطلاق و كذلك الإنسان كريم على الإطلاق و مع كون الحق كريما على الإطلاق فمن أسمائه المانع و من أسمائه الضار و من أسمائه المذي و يغفر و يعذب من يشاء و يؤتي الملك و ينزع الملك و ينتقم و يجود و هو مع هذا التقييد في حق قوم دون قوم مطلق الصفة و كذا هي في الإنسان فهي خلق أصلي له لا تخلق و لا يصح أن تعم من الإنسان هذه الأخلاق مع كونها مطلقة في حقه كما لم يصح أن تعم من اللّٰه في جميع الخلق مع كونه تعالى مطلق الوصف بها و لا يصح في هذه الصفات الاستعارة إلا مجازا كما قلنا من حيث إنه تعالى كان بهذه الصفات و ما كنا فلما كنا كنا بها لا أنا اكتسبناها و لا استعرناها منه فإنها صفة قديمة لله أي نسبة اتصف بها الحق و لا عالم و الصفة لا بد لها من موصوف بها فإنها من حقيقتها لأن تقوم بنفسها و يؤدي القول باستعارتها إلى قيامها بنفسها و إلى خلو الحق عنها و إلى أن يكون الحادث محلا لوجود القديم فيه و هذا كله ما لا يقول به أحد من العلماء بالله

[العقد الصحيح من غير ترجيح في إطلاق صفات التنزيه و التشبيه]

فجميع ما يظهر من الإنسان من مكارم أخلاق و سفساف أخلاق كلها في جبلته و هي له حقيقة لا مجاز و لا معارة كما أنه سبحانه جميع ما سمي به الحق نفسه لا و ما وصف به نفسه من صفات الأفعال من خلق و إحياء و إماتة و منع و عطاء و جعل و مكر و كيد و استهزاء و فصل و قضاء و جميع ما ورد في الكتب المنزلة و نطقت به الرسل من ضحك و فرح و تعجب و تبشبش و قدم و يد و يدين و أيد و أعين و ذراع كل ذلك نعت صحيح فإنه كلامه تعالى عن نفسه و كلام رسله عنه و هو الصادق و هم الصادقون بالأدلة العقلية و لكن على حد ما يعلمه و على حد ما تقبله ذاته و ما يليق بجلاله لا يزد شيئا من ذلك و لا نحيله و لا نكفيه و لا نقول بنسبة ذلك كله إليه كما ننسبه إلينا نعوذ بالله فإننا ننسبه إلينا على حد علمنا بنا فنعرف كيف ننسبه و الحق يتعالى أن تعرف ذاته فيتعالى أن يعرف كيف ننسب إليه ما نسبه إلى نفسه و من رد شيئا أثبته الحق لنفسه في كتابه أو على لسان رسوله فقد كفر بما جاء به من عند اللّٰه و بمن جاء به و بالله و من آمن ببعض ذلك و رد بعضه فقد كفر حقا و من آمن بذلك و شبهه في نسبة ذلك إليه تعالى مثل نسبتها إلينا أوتوهم ذلك أو خطر على باله أو تصوره أو جعل ذلك ممكنا فقد جهل و ما كفر هذا هو العقد الصحيح من غير ترجيح

[الأسماء التي تطلق على العبد فقط لا على الجناب الإلهي]

غير أن ثم أسماء تطلق على العبد و لا تطلق على الجناب الإلهي و إن كان المعنى يشمل ذلك كالبخيل يطلق على العبد و لا يطلق على الحق و هو منع و من أسمائه المانع و من بخل فقد منع هذا هو الحق غير أنا نلتمس له وجها و هو أن نقول كل بخل منع و ما كل منع بخل فمن منع المستحق حقه فقد بخل و الحق قرر قول موسى أن اللّٰه أَعْطىٰ كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ فما بخل عليك من أعطاك خلقك و وفاك حقك فمنع ما لا يستحقه الخلق ليس بمنع بخل فبهذا القدر نجعل التفرقة بين المنعين و كذلك اسم الكاذب مما اختص به العبد و لا ينبغي أن يطلق على الحق فهو الصادق بكل وجه كما أن العبد صادق و كاذب و صادق أيضا بكل وجه و لكن نسبة الصدق إلى العبد بكل وجه معروف عندنا لعلمنا بنا و نسبتها إلى الحق مجهولة لنا فهو الصادق كما ينبغي أن يضاف إليه الصدق و قال تعالى اَلرَّحْمٰنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوىٰ و

قال ينزل ربنا إلى السماء الدنيا كل ليلة فقيد نزوله بالزمان و التقييد بالزمان تقييد بالانتقال و كل ذلك مجهول النسبة ثابت الحكم متوجه كما ينبغي لجلاله و كذلك الاسم الجاهل من أسماء الكون و لا يليق بالجناب الإلهي فالإله عالم من حيث إنه موصوف بالعلم و العبد عالم من حيث إنه موصوف بالعلم و جاهل من حيث خصوص تعلق علمه ببعض الأشياء دون بعض و الحق مطلق العلم عام التعلق و قد قال تعالى وَ نَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ فحدد خلاف المعقول و

أشارت السوداء إن اللّٰه في السماء حين قال لها رسول اللّٰه ص أين اللّٰه و أثبت لها الايمان في إشارتها و هذا خلاف دليل العقل فقد عرف من اللّٰه ما لم نعرف و مع هذا فنقول إن اللّٰه هو العالم بنفسه و هو الصحيح فما من اسم تسمى العبد به و لم يتسم الحق به و كان في الخلق نعت نقص و سفساف خلق إلا و العقل و الحق قد منع أن يطلق على اللّٰه ذلك الاسم أو ينسب إليه ذلك الخلق و مع هذا فإنه يخبر بأمور و فصول تقابل أدلة العقول فهو الفعال لما يشاء و الجاعل في خلقه ما يشاء لا احتكام عليه و هو الحاكم لاٰ يُسْئَلُ عَمّٰا يَفْعَلُ وَ هُمْ

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 242
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست