responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 237

و ثم علل أخر لا تحتمل الأصوات بل تصلح بنقيض ما ذكرناه و ذلك كله بحسب الخلط الغالب الأقوى و ضعف المناقض المقابل له

[العلل الأصلية التي في نفس المزاج و الخلقة]

و هذه العلل منها أصلية في نفس المزاج و الخلقة مثل الجحوظة في العينين أو الغئورة المفرطة أو الأنف الدقيق جدا أو الغليظ جدا أو المتسع الثقب المنتفخ أو نقيضه أو البياض الشديد أو السواد الشديد أو الجعودة في الشعر أو السبوطة فيه الكثيرة أو الزرقة الشديدة في العين الفيروزجيه أو الكحولة الغائية و كذلك سائر الأعضاء في عدم الاعتدال و هو الانحراف من الاعتدال إلى أحد الميلين كما ذكرنا فإن خلق الإنسان يكون بحسب ما هي هذه الأعضاء عليه من اعتدال و انحراف

[الطبيب الإلهي من نبى أو وارث أو حكيم]

فإذا جاء هذا الطبيب الإلهي و هو النبي أو الوارث أو الحكيم فيرى ما تقتضيه هذه النشأة التي انقادت إليه و جعلت زمامها في يديه ليربيها و يسعى في سعادتها و يردها إلى خلاف ما تقتضيه نشأته إن كان منحرفا بأن يبين لها مصارف ذلك الانحراف التي يحمدها اللّٰه و يكون فيها سعادة هذه النفس فإنه لا يتمكن له أن ينشاها نشأة أخرى فقد فرغ ربك من خلق و من خلق و لم يبق بأيدينا إلا تبيين المصارف فالمعتدل النشأة إذا كان جاهلا بالأمور السعادية عند اللّٰه التي تحتاج إلى موقف و هو رسول اللّٰه ص يسأل العلماء عن الأمور التي تعطي السعادة عند اللّٰه

[المعتدل النشأة و المنحرف و مكارم الأخلاق]

و أما مكارم الأخلاق فلا يحتاج فيها إلى موقف فإن مزاج نشأته و اعتدالها لا تعطيه إلا مكارم الأخلاق بل يحتاج إلى الموقف في بعض الأمور في استعمال الانحراف و هو في ذلك مكلف لما يكون في ذلك الانحراف من المصالح إما دنيا و إما آخرة و إما المجموع و أما المنحرف فتصدر منه مذام الأخلاق و سفسافها و طلب نفوذ الأغراض القائمة به و لا يبالي ما يؤول إليه أمره في نيلها فالطبيب السؤوس يستدرجه حالا بعد حال بتبيين المصارف كما ذكرناه

[كيف يسوس صاحب الفراسة الإيمانية المتفرس فيه]

فإذا جاء صاحب الفراسة الإيمانية و كان عالما بما يكون فيه المصلحة لهذا المتفرس فيه و رأى منه حركة تؤدي إلى مذموم أو تكون تلك الحركة قد وقعت منه مذمومة ساسة حتى يتمكن منه إلى أن يسلم إليه نفسه ليتحكم فيها فإن كان منحرفا كان في سلوكه صاحب مجاهدة و رياضة و إن كان معتدلا كان في سلوكه طيب النفس ملتذا صاحب فرح و سرور تهون عليه الأمور الصعاب على غيره و لا تكلف عنده في شيء من مكارم الأخلاق فإذا صفت نفسه و زكت و لحقت بالعالم المطهر و نظرت بالعين الإلهي و سمعت به و تحركت بقوته عرفت مصادر الأمور و مواردها و ما تنبعث عنه و ما تئول إليه فذلك المعبر عنه بالفراسة الإيمانية و هي موهبة من اللّٰه تعالى ينالها السليم الطبع و غير السليم

[أصل الاعتدال و الانحراف في العالم الموجب لغلبة بعض الأصول على بعض]

و أصل الاعتدال و الانحراف في العالم و في الموجب لغلبة بعض الأصول على بعضها التي لها الحكم في المركبات هي من آثار العلم الإلهي الذي منه يرحم اللّٰه من يشاء و يغفر و يعذب و يكره و يرضى و يغضب و أين الغضب من الرضي و أين العفو من الانتقام و أين السخط من الرضوان و كل ذلك جاءت به الأخبار الإلهية في الكتب المنزلة و علمها أهل الكشف مشاهدة عين و لو لا ما وردت على ألسنة الأنبياء و الرسل و نزلت بها الكتب من اللّٰه على أيديهم و أيدوا بالمعجزات ليثبت صدقهم عند الأجانب لأجل هذه الأمور الإلهية حتى تقبل منهم إذا وردوا بها فإن أدلة العقول تحيلها في الجناب الإلهي فلو نطق بها مشاهد لها مكاشف بها من غير تأييد آية تدل على صدقه جهل و طعن في نظره و أقيمت الدلالات العقلية على فساد عقله و فكره و حكم خياله عليه و أن اللّٰه لا ينبغي أن يوصف بهذه الأوصاف فهذا كان سبب نزولها على أيدي الرسل و الكتب ليستريح إليها المشاهد و يأنس بكلامه إذا أتى بمثل هذا النوع

[لو لا شرف العلم ما شرفت الفراسة فالعلم أشرف الصفات و به تحصل النجاة]

فلأجل هذه الأمور وردت الشرائع و لأجل الأحكام التي لا توافق أغراض الرؤساء و المقدمين لو سمعوها من غير الرسول فلما أنسوا بها من الرسل و ألفت النفوس أحكام النواميس الإلهية و استصحبتها هان على الملوك و الرؤساء أن يتلمذوا للصالحين و يدخلوا نفوسهم تحت أحكامهم و إن شق عليهم فهم يرجحون علمهم بذلك على ما يدركونه من مشقة خلاف الغرض فإنه على هذا الشرط أدخل نفسه فحجته قائمة على نفسه فسبحان العليم الحكيم و لو لا شرف العلم ما شرفت الفراسة لأن الفراسة لو لا ما تعطي العلم ما شرفت و لا كان لها قدر فالعلم أشرف الصفات و به تحصل النجاة إذا حكمه الإنسان على نفسه و تصرف في أموره بحسب حكمه رَبِّ زِدْنِي عِلْماً رَبِّ زِدْنِي عِلْماً رَبِّ زِدْنِي عِلْماً و استعملني له و اجعله الحاكم علي و الناظر إلي إذ أنت العلم و العالم و المعلوم لك لا لنا فأعطنا منه على قدرنا

[الفراسة المذكورة عند الحكماء]

و أما الفراسة المذكورة عند الحكماء فأنا أذكر منها طرفا على ما أصلوه

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 237
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست