responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 234

الشرع الثابت فإنه قد ثبت عند أهل الكشف بأجمعهم أنه لا تحليل و لا تحريم و لا شيء من أحكام الشرع لأحد بعد انقطاع الرسالة و النبوة من أهل اللّٰه فلا يعول عليه صاحب ذلك و يعلم قطعا أنه هوى نفسي إذ كان ذلك الأمر المحلل أو المحرم في نفس الأمر هذا شرطه و لا يمنع التعريف الإلهي لأهل اللّٰه بصحة الحكم المشروع في غير المتواتر بالمنصوص عليه و أما في المتواتر المنصوص إذا ورد التعريف بخلافه فلا يعول عليه هذا لا خلاف فيه عند أهل اللّٰه من أهل الكشف و الوجود

[من يطرأ عليهم التلبيس في أحوالهم و لا يشعرون بمكر اللّٰه الخفي بهم]

فإنه من المنتمين إلى اللّٰه من يطرأ عليهم التلبيس في أحوالهم من حيث لا يشعرون و هو مكر خفي و كيد متين :

إلهي و استدراج من حيث لا يشعرون : فإياك أن ترمي ميزان الشرع من يدك في العلم الرسمي و المبادرة لما حكم به و إن فهمت منه خلاف ما يفهمه الناس مما يحول بينك و بين إمضاء ظاهر الحكم به فلا تعول عليه فإنه مكر نفسي بصورة إلهية من حيث لا تشعر و قد وقعنا بقوم صادقين من أهل اللّٰه ممن التبس عليهم هذا المقام و يرجحون كشفهم و ما طهر لهم في فهمهم مما يبطل ذلك الحكم المقرر فيعتمدون عليه في حق نفوسهم و يسلمون ذلك الحكم المقرر في الظاهر للغير و هذا ليس بشيء عندنا و لا عند أهل اللّٰه و كل من عول عليه فقد خلط و خرج عن الانتظام في سلك أهل اللّٰه و لحق بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمٰالاً اَلَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيٰاةِ الدُّنْيٰا وَ هُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً

[من يظن أنه في الحاصل و هو في الفائت]

و ربما يبقى صاحب هذا الكشف على العمل بظاهر ذلك الحكم و لا يعتقده في حق نفسه فيعمله تقريرا للظاهر و يقول ما أعطى من نفسي لهذا الأمر المشروع إلا ظاهري فإني قد أطلعت على سره فحكمه على سرى خلاف حكمه في ظاهري فلا يعتقده في سره عند العمل به فمن عمل على هذا منه فقد حَبِطَ عَمَلُهُ وَ هُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخٰاسِرِينَ فَمٰا رَبِحَتْ تِجٰارَتُهُمْ وَ مٰا كٰانُوا مُهْتَدِينَ و خرج عن أن يكون من أهل اللّٰه و لحق بمن اِتَّخَذَ إِلٰهَهُ هَوٰاهُ وَ أَضَلَّهُ اللّٰهُ عَلىٰ عِلْمٍ فهو يظن أنه في الحاصل و هو في الفائت فتحفظوا يا إخواننا من غوائل هذا المقام و مكر هذا الكشف فقد نصحتكم و نصحت هذه الطائفة و وفيت بالأمر الواجب علي فيه فمن لم يعلم الفتوة كما ذكرناها فما علمها

(الباب السابع و الأربعون و مائة في معرفة مقام ترك الفتوة و أسراره)



ترك الفتوة إيثار لخالقنا هو الفتوة إن حققت معناها
فنفيها عين إثبات لها فمتى أمتها جاء ذاك الموت أحياها
فليس يعدمها إلا الفناء فكن من أهله فيكون الحق مأواها

[مقام ترك الفتوة متصف بالنقيضين تماما مثل الحب في الحكم]

اعلم أن ترك الفتوة مشيك في حق نفسك و حظها إذا مشيت في ذلك عن أمر اللّٰه لا لما يقتضيه طبع النفس كنت صاحب فتوة فصاحب هذا المقام صاحب فتوة لا فتوة متصف بالنقيضين فالفتوة مثل الحب في الحكم سواء فإن الحب يقضي في المحب الاتصاف بالنقيضين إذا اتفق أن يكون أحد النقيضين محبوبا للمحبوب مما يكرهه المحب لكون الحب لا يطلبه و لا يقتضيه

[الفتوة هي العمل في حق الغير إيثارا على حق نفسه]

فاعلم أن الإنسان إنما يرغب في الأعمال التي نص الشارع على عملها أو تركها إن كانت من التروك ليكون بامتثال ما كلف على حد ما أعطاه الكشف و الايمان و العقل في أعلى المراتب و لا يكون ذا همة دنية فإذا تعرض له في وقت عملان أعني أمرين من فعل أو ترك عمد إلى أفضلهما و

قد ورد الخبر أنه من قتل شخصا و لم يقتل به فأمره إلى اللّٰه إن شاء عفا عنه و إن شاء عذبه و

قال فيمن قتل نفسه بادرني عبدي بنفسه حرمت عليه الجنة و لم يجعله في المشيئة و لا جعل لعمله كفارة في ماله فعلمنا أن حق النفس في حقه آكد عليه و أعظم في الحرمة من حق غيره و الفتوة العمل في حق الغير إيثارا على حق نفسه و قد قدم الشارع في غير ما موضع أن حق نفس الإنسان عليه أوجب من حق الغير عند اللّٰه و الفتى هو الماشي في الأمور بأمر غيره لا بأمر نفسه و في حق غيره لا في حق نفسه لكن بأمر ربه فهما طرفان أحدهما يسوغ و هو المشي في الأمور عن أمر اللّٰه و الشطر الآخر لا يسوغ في كل موطن

[النجاة من ترك الوقوع بين متناقضات الفتوة و غيرها من متناقضات الحياة]

فالعارف إذا أقيم في مقام أداء الحقوق إلى أصحابها و تعينت الحقوق عليه لأصحابها لم يتمكن له أن يتفتى مطلقا فيؤثر الغير على الإطلاق فإنه بأداء حق نفسه يبدأ و إذا بدأ به قدح في شرط الفتوة و إذا لم يبدأ به قدح في الطرف الآخر من الفتوة الذي هو امتثال أمر اللّٰه فيبقى هالكا و التخليص من ذلك أن يقول أنا مؤمن و اللّٰه تعالى اِشْتَرىٰ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ فنفسي

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 234
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست