responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 233

لا معرفة عنده بمراتب أصناف الخلق عند اللّٰه فيغار اللّٰه لذلك حيث هو حق للغير و ما يؤثر من الضلالة في الناس فيؤاخذ صاحب الشطحة بها و لا سيما إن ظهرت منه في حال صحو

[العالم المكمل بالله هو الذي يحمى نفسه بأن يجعل عليها حجة لله]

و كذلك من الشطحات المنقولة عن السادة رؤية فضيلة جنسهم من البشر على الملائكة جهلا منهم و هم مسئولون مؤاخذون بذلك عند اللّٰه و العالم بالله المكمل هو الذي يحمي نفسه أن يجعل لله عليه حجة بوجه من الوجوه و من أراد أن يسلم من ذلك فليقف عند الأمر و النهي و ليرتقب الموت و يلزم الصمت إلا عن ذكر اللّٰه من القرآن خاصة فمن فعل ذلك فلم يدع للخير مطلبا و لا من الشر مهربا و قد استبرأ لنفسه و أعطى كل ذي حق حقه كما أعطى اللّٰه كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ و هذا هو العاقل مقصود الحق من العالم و ما فوق هذه المرتبة مرتبة لمخلوق أصلا

[الفتى من لا يتفتى على الخلق إلا بصفة حق أو أمر حق]

هذا قد مشى من الفتوة طرف صالح في حكمها في الجناب الإلهي و إذا كان الحق يا ولي مع غناه و ماله من صفات الجلال و نعوت الكمال قد أريتك ما له من هذه النسبة في إيثاره إياك فأنت أولى بهذه الصفة أن تتصف بها في حقه خاصة لا في حق الخلق كما اتصف هو بها في حق الخلق هذا هو عمدتها فينا فالفتى من لا يراعي الخلق و لا يتفتى عليهم فإن التفتي عليهم إنما هو لله كما ذكرنا فيكون هذا العبد يطلب التفتي على جانب الحق إيثارا له على الخلق فلا يتفتى على الخلق إلا بصفة حق أو أمر حق فيكون الحق المتفتي لا هذا العبد هكذا هو التخلق بالفتوة و إلا فلا إذ كان من المحال أن تسري الفتوة من الفتى في إيثار الغير من غير تأذى الغير لأن الأغراض مختلفة و الأهواء متقابلة رياحها زوابع غير لواقح بل هي عقيم تدمر و لا توجد فما من حالة يرضاها زيد منك إلا و يسخطها عمرو

[أصل الفتوة أن تخرج عن حظ نفسك إيثارا لحظ غيرك]

فإذا كان الأمر هكذا فاترك الخلق بجانب إن أردت تحصيل هذا المقام و ارجع إلى اللّٰه في أصل الفتوة فإن أصلها أن تخرج عن حظ نفسك إيثار الحظ غيرك لا تخرج عن حظ غيرك إيثارا لحظ غيرك فهذا ليس من الفتوة و لو كانت الفتوة هذا ما صح لها وجود فإذا تعارضت الأمور فرجح جانب الحق و زل عن حظك لما يستحقه جلاله إذ قد عاملك بصفة الفتوة مع غناه فأنت مع فقرك أحوج إلى ذلك و من إيثارك إياه أنه إن طلب منك أن تطلب منه أجرا على ما تفتيت به عليه فمن الفتوة أن تطلب الأجر فإن امتثالك أمره خروجك عن حظك فيحصل لك حظك بترك حظك مع تحقيق الوصف بالفتوة إبراهيم عليه السلام جاد بنفسه على النار إيثار التوحيد ربه فإن كان ذلك عن أمر إلهي فهو أعظم في لفتوة و إن لم يكن عن أمر إلهي فهو فتى على كل حال فإنه من آثر أمر ربه على هوى نفسه فهو الفتى

[حقيقة الفتوة إيثار العلم المشروع على هوى النفس المطبوع]

فحقيقة الفتوة أن يؤثر الإنسان العلم المشروع الوارد من اللّٰه على السنة الرسل على هوى نفسه و على أدلة عقله و ما حكم به فكره و نظره إذا خالف علم الشارع المقرر له هذا هو الفتى فيكون بين يدي العلم المشروع كالميت بين يدي الغاسل و لا ينبغي أن يقال هنا يكون بين يدي الحق كالميت بين يدي الغاسل فإنه غلط و مزلة قدم فإن الشرع قيدك فقف عند تقييده فما أوجب عليك مما هو له أن تنسبه إلى نفسك أو إلى مخلوق من المخلوقات سوى اللّٰه فمن الفتوة أن تنسبه إلى ذلك لا إلى اللّٰه حقيقة كما أمرك و إن دلك على خلاف ذلك عقلك فارم به و كن مع العلم المشروع و ما أوجب أن تنسبه إليه سبحانه فانسبه إليه تعالى و ما خيرك فيه فإن شئت أن تقف و لا تعين و إن شئت نظرت بما يتعلق بالمخير فيه من حمد فانسبه إليه و ما تعلق به من ذم فانسبه إليه و ما تعلق به من ذم فانسبه إلى نفسك أدبا مع اللّٰه فإن الأدب عبارة عن جماع الخير فما زلت عن مقام الفتوة

[الفتوة تخيير للعبد من اللّٰه و اختيار من العبد لمولاه]

كان الشيخ أبو مدين رحمه اللّٰه إذا جاءه مأكول طيب أكله و إذا جاءه مأكول خشن أكله و إذا جاع و جاءه نقد علم إن اللّٰه قد خيره إذ لو أراد أن يطعمه أي صنف شاء من المأكولات جاء به إليه فيقول هذا النقد ثمن المأكول جاء به اللّٰه للتخيير و الاختيار فينظر في ذلك الوقت ما هو الأحب إلى اللّٰه من المأكولات بالنظر إلى صلاح المزاج للعبادة لا إلى الفرض النفسي و اتباع الشهوة فإن وافقه كل مأكول حينئذ يرجع إلى موطن الدنيا و ما ينبغي أن يعامل به من الزهد في ملذوذاتها مع صلاح المزاج الذي يقوم بصلاحه العبادة المشروعة فيعدل بحكم الموطن إلى شظف العيش الذي تكرهه النفس لعدم اللذة به و يكتفي بلذة الحاجة فإنه يتناوله عند الضرورة فإن لذة الضرورة ما فوقها لذة لأن الطبع يطلبها و إذا حصل للطبع طلبه التذ به

[لا تحليل و لا تحريم بعد انقطاع الرسالة مع خاتم النبيين]

فالفتى هو من ذكرناه و يسرى فعله و تصرفه في الجماد و النبات و الحيوان و في كل موجود و لكن على ميزان العلم المشروع و إن ورد عليه أمر إلهي فيما يظهر له يحل له ما ثبت تحريمه في نفس الأمر من الشرع المحمدي فقد لبس فيه فيتركه و يرجع إلى حكم

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 233
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست