responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 231

فإن حكمها يسرى في جميع الأشياء و هو أن الحكيم لا يتعدى بالشيء قدره و لا منزلته

(الباب الخامس و الأربعون و مائة في معرفة مقام ترك الفكر و أسراره)



ترك التفكر تسليم لخالقه فلا تفكر فإن الفكر معلول
إن لم تفكر تكن روحا مطهرة جليس حق على الأذكار مجبول
إن لم تفكر تكن روحا مطهرة مثل الملائك لم يحجبك تفصيل
عن الإله الذي يعطي مواهبه جودا و ذاك الذي يعطيه تنزيل
إما لقاء أو إلقاء فتعلمه أو الكتابة أعطتها التفاصيل
فبالتفكر و وكلنا لأنفسنا لولاه ما كان إشراك و تعطيل
إن التفكر أمر قد خصصت به لأنني جامع و الجمع تحصيل
لصورة الحق و الأسماء أجمعها و كل عين فما في الحق تبديل
و في المواطن كلفنا بخدمته أنت بذلك إخبار و تنزيل

[الرجال الذين أرادوا بترك الفكر رفع اللبس عنهم فيما يريدون العلم به]

التاركون للفكر رجال أرادوا رفع اللبس عنهم فيما يريدون العلم به ليلحقوا بوراثة من قيل فيه وَ مٰا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوىٰ و بما فطر عليه من فطر من المخلوقات كالملائكة و من شاء اللّٰه من المخلوقين الذين فطروا على العلم بالله و الوحي إليهم ابتداء من اللّٰه و عناية بهم و لأن الأفكار محل الغلط

[التفكر جولان إما في المخلوقات و إما في الخالق و كلاهما غير مأمون العواقب]

و الطائفة الأخرى نزحت إلى ترك التفكر لأن التفكر جولان في أحد أمرين إما في المخلوقات و إما في الإله و أعلى درجات جولانه في المخلوقات أن يتخذها دليلا و المدلول يضاد الدليل فلا يجتمع دليل و مدلوله عند الناظر أبدا فرأوا ترك التفكر و الاشتغال بالذكر إذ هما مشروعان فإنه لو مات في حال الفكر في الآيات لمات في غير اللّٰه و إن كان يطلبها لله و لكن لا يكون له مشهود إلا هي و إن كان جولانه في الإله ليتخذه دليلا على المخلوقات و الكائنات كما يراه بعضهم فقد طلبه لغيره و هو سوء أدب مع اللّٰه حيث ما قصد النظر فيه إلا ليدله على حكم الكائنات و لو استندت إليه فما طلبه لعينه و إن ظن أنه يجول بفكره فيه ليتخذه دليلا عليه فهذا غلط بين فإنه لا ينظر فيه إلا و هو عالم به فإن نظر فيه بمعنى هل يصح أن يكون دليلا على نفسه فهذا غاية الجهل فإنه لا شيء أدل من الشيء على نفسه

[علوم الفكر بكل وجه لا تقوم مقام علوم الذكر و الوهب]

فلما رأوا مثل هذا النظر تركوه فإذا تفكر من هذه صفته كان مثل الذي بشكر الخلق لإحسانهم فشكرهم عبادة لأن اللّٰه أمر بشكرهم كذلك أمرهم بالتفكر فيتفكرون فيما أمرهم أو عين لهم أن يتفكروا فيه امتثالا لأمره و يكون ما ينتجه من العلم في حكم التبع لأن علوم الفكر بكل وجه ما تقوم مقام علوم الذكر و الوحي و الوهب الإلهي في الرفعة و المكانة انتهى الجزء الثاني و مائة (بسم اللّٰه الرحمن الرحيم)

(الباب السادس و الأربعون و مائة في معرفة مقام الفتوة و أسراره)

اعلم أيدك اللّٰه

أن الفتوة ما ينفك صاحبها مقدما عند رب الناس و الناس
إن الفتى من له الإيثار تحلية فحيث كان فمحمول على الرأس
ما أن تزلزله الأهواء بقوتها لكونه ثابتا كالشامخ الراسي
لا حزن يحكمه لا خوف يشغله عن المكارم حال الحرب و البأس
انظر إلى كسره الأصنام منفردا بلا معين فذاك اللين القاسي

[الفتوة نعت إلهي من طريق المعنى لا من طريق اللفظ]

الفتوة نعت إلهي من طريق المعنى و ليس له سبحانه من لفظها اسم إلهي يسمى به كما ثبت شرعا و دليل عقل أنه له الغني عن العالم على الإطلاق فبالشرع قوله تعالى فَإِنَّ اللّٰهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعٰالَمِينَ و دليل العقل لو لم يكن وجوده واجبا لنفسه مع اتصافه بالوجود لكان ممكنا لأنه متصف بالوجود و لو كان ممكنا لافتقر إلى المرجح في وجوده فلم يكن يصح له اسم الغني

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 231
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست