responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 23

و على مثل هذا تجري أفعاله و أما السابق بالخيرات و هو المبادر إلى الأمر قبل دخول وقته ليكون على أهبة و استعداد و إذا دخل الوقت كان متهيئا لأداء فرض الوقت لا يمنعه من ذلك مانع كالمتوضئ قبل دخول الوقت و الجالس في المسجد قبل دخول وقت الصلاة فإذا دخل الوقت كان على طهارة و في المسجد فيسابق إلى أداء فرضه و هي الصلاة و كذلك إن كان له مال أخرج زكاته و عينها ليلة فراغ الحول و دفعها لربها في أول ساعة من الحول الثاني للعامل الذي يكون عليها و كذلك في جميع أفعال البر كلها يبادر إليها كما

قال النبي صلى اللّٰه عليه و سلم لبلال بم سبقتني إلى الجنة فقال بلال ما أحدثت قط إلا توضأت و لا توضأت إلا صليت ركعتين فقال رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم بهما فهذا و أمثاله من السابق بالخيرات و هو كان حال رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم بين المشركين في شبابه و حداثة سنه و لم يكن مكلفا بشرع فانقطع إلى ربه و تحنث و سابق إلى الخيرات و مكارم الأخلاق حتى أعطاه اللّٰه الرسالة

(وصل) [أوصاف المؤمنين و المؤمنات و المسلمين و المسلمات]

و اعلم أن اللّٰه تعالى قد وصف أقواما من النساء و الرجال بصفات أذكرها إن شاء اللّٰه إذ كان الزمان لا يخلو أبدا عن رجال و نساء قائمين بهذا الوصف مثل قوله إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَ الْمُسْلِمٰاتِ وَ الْمُؤْمِنِينَ وَ الْمُؤْمِنٰاتِ وَ الْقٰانِتِينَ وَ الْقٰانِتٰاتِ وَ الصّٰادِقِينَ وَ الصّٰادِقٰاتِ وَ الصّٰابِرِينَ وَ الصّٰابِرٰاتِ وَ الْخٰاشِعِينَ وَ الْخٰاشِعٰاتِ وَ الْمُتَصَدِّقِينَ وَ الْمُتَصَدِّقٰاتِ وَ الصّٰائِمِينَ وَ الصّٰائِمٰاتِ وَ الْحٰافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَ الْحٰافِظٰاتِ وَ الذّٰاكِرِينَ اللّٰهَ كَثِيراً وَ الذّٰاكِرٰاتِ ثم قال أَعَدَّ اللّٰهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَ أَجْراً عَظِيماً فأعد اللّٰه لهم المغفرة قبل وقوع الذنب المقدر عليهم عناية منه فدل ذلك على أنهم من العباد الذين لا تضرهم الذنوب و

قد ورد في الصحيح من الخبر الإلهي اعمل ما شئت فقد غفرت لك فما وقعت من مثل هؤلاء الذنوب إلا بالقدر المحتوم لا انتهاكا للحرمة الإلهية قيل لأبي يزيد أ يعصي العارف قال وَ كٰانَ أَمْرُ اللّٰهِ قَدَراً مَقْدُوراً فتقع المعصية من العارفين أهل العناية بحكم التقدير لنفوذ القضاء السابق فلا بد من ذكر هؤلاء الأصناف ليتبين من هو المسلم و المسلمة و المؤمن و المؤمنة و من وصف اللّٰه منهم الذين لهم هذه المرتبة من أعداد المغفرة لهم و الأجر العظيم قبل وقوع الذنب منهم و قبل حصول العمل و أمر قد عظمه اللّٰه لا يكون إلا عظيما و كذلك قوله فَأُولٰئِكَ(مَعَ)الَّذِينَ أَنْعَمَ اللّٰهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَ الصِّدِّيقِينَ وَ الشُّهَدٰاءِ وَ الصّٰالِحِينَ و كذلك قوله تعالى اَلتّٰائِبُونَ الْعٰابِدُونَ و قد ذكرنا العباد ثم قال اَلْحٰامِدُونَ السّٰائِحُونَ و السياحة في هذه الأمة الجهاد و قد قال تعالى في خليله إِنَّ إِبْرٰاهِيمَ لَأَوّٰاهٌ حَلِيمٌ فلا بد من ذكر الأواهين و الحلماء و قال فيه لَحَلِيمٌ أَوّٰاهٌ مُنِيبٌ فأثنى عليه بالإنابة و قال فيه إِنَّهُ أَوّٰابٌ ! فذكره بالأوبة فهؤلاء الأصناف لا بد من ذكرهم في هذا الباب ليقع عند السامع تعيين هذه الصفة و منزلة هذا الموصوف بها و كذلك أولو النهى و أولو الأحلام و أولو الألباب و أولو الأبصار فما نعتهم اللّٰه بهذه النعوت سدى و المتصفون بهذه الأوصاف قد طالبهم الحق بما تقتضيه هذه الصفات و ما تثمر لهم من المنازل عند اللّٰه فإن هذا الباب باب شريف من أشرف أبواب هذا الكتاب يتضمن ذكر الرجال و علوم الأولياء و نحن نستوفيها إن شاء اللّٰه أو نقارب استيفاء ذلك على القدر الذي رسم لنا و عينه الحق تعالى في واقعتنا فإن المبشرات هي التي أبقى اللّٰه لنا من آثار النبوة التي سد بابها و قطع أسبابها فقذف به في قلوبنا و نفث به الروح المؤيد القدسي في نفوسنا و هو الإلهام الإلهي و العلم اللدني نتيجة الرحمة التي أعطاها اللّٰه من عنده من شاء من عباده

[أولياء اللّٰه الذين لا خوف عليهم و لا هم يحزنون]

فمنهم رضي اللّٰه عنهم الأولياء قال تعالى أَلاٰ إِنَّ أَوْلِيٰاءَ اللّٰهِ لاٰ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَ لاٰ هُمْ يَحْزَنُونَ مطلقا و لم يقل في الآخرة فالولي من كان على بينة من ربه في حاله فعرف ما له بأخبار الحق إياه على الوجه الذي يقع به التصديق عنده و بشارته حق و قوله صدق و حكمه فصل فالقطع حاصل فالمراد بالولي من حصلت له البشرى من اللّٰه كما قال تعالى لَهُمُ الْبُشْرىٰ فِي الْحَيٰاةِ الدُّنْيٰا وَ فِي الْآخِرَةِ لاٰ تَبْدِيلَ لِكَلِمٰاتِ اللّٰهِ ذٰلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ و أي خوف و حزن يبقى مع البشرى بالخير الذي لا يدخله تأويل فهذا هو الذي أريد بالولي في هذه الآية ثم إن أهل الولاية على أقسام كثيرة فإنها أعم فلك إحاطي فنذكر أهلها من البشر إن شاء اللّٰه و هم الأصناف الذين نذكرهم مضافا إلى ما تقدم في هذا الباب من ذكرهم ممن حصرتهم الأعداد و من لا يحصرهم عدد انتهى الجزء السابع و السبعون

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 23
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست