responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 228

[التكليف قائم و الاضطرار لازم فكيف تعقل الحرية]

فهو عبد نفسه ما دامت تطلبه بحقها و عبد عينه ما دام يطلبه بحقه و عبد زوره ما دام يطلبه بحقه و النعم الإلهية تطلبه بشكر المنعم بها عليه و التكليف قائم و الاضطرار لازم إن رام دفعه لا يندفع يؤثر فيه المدح و الثناء فيقول الحمد لله المنعم المفضل و يملكه الذم و الجفاء و الأذى فيقول الحمد لله على كل حال فتغير حمده لتغير الأحوال فلو تغيرت الأحوال لتغير حمده لكان حرا عنها

قال رسول اللّٰه ص لأبي بكر الصديق ما أخرجك قال يا رسول اللّٰه الجوع قال رسول اللّٰه ص و أنا أخرجني الجوع فجاء مع من كان معه من أصحابه إلى دار الهيثم بن أبي التيهان فذبح لهم و أطعمهم فما أخرجهم إلا من حكم عليهم لما توجه له حق عليهم و هو الجوع و الجوع أمر عدمي فموجود يؤثر فيه المعدوم كيف حاله مع الموجود و مثل هؤلاء المشهود لهم بالحرية و لهذا الذوق ما خرجوا إلا لطلب أداء ما عليهم من الحقوق لأنفسهم فقد استرقهم الجوع و لو لم يخرجوا و سكنوا لكانوا تحت قهر الصبر و ما تطلبه هذه الحال فغاية نسبة الفضل إليهم أنهم خرجوا كما قلنا يلتمسون أداء حقوق نفوسهم بالسعي فيها إذ كانوا متمكنين من ذلك و أعلى من هذا فلا يكون فإن قعدوا مع التمكن اتصفوا بالظلم و الجهل بالحكم الإلهي و إني تعقل الحرية فيمن هذه صفته في الدنيا و الآخرة

[الحرية حديث نفس و حال عرضى لا ثبات له مع الحضور و الصحو]

أما في الدنيا فواقع لا يقدر على إنكاره جحده و يجحده من نفسه و إن لم يركن إلى الأسباب و لا يعتمد عليها و غايته إن يعتمد على اللّٰه في استعمالها فهو عبد معلول لأنه توجه خاص و كذلك في الآخرة عبد شهوته لكونه تحت سلطانها تحكم فيه و لا معنى للعبودية إلا هذا دخوله تحت الأحكام و رق الأسباب و لما أبصر هذا العارف من نفسه علم إن الحرية حديث نفس و حال عرضي لا ثبات له مع الصحو

[ترك الحرية نعت إلهى فكيف يصح للعبد الخروج عنه]

ثم إن ترك الحرية نعت إلهي فكيف يصح له الخروج عنه و غايته إن يكون فيه بصورة حق يلتمس الدعاء و يطلب التوبة من عباده و سؤال المغفرة منهم و يذمهم إن لم يأتوا بما التمسه منهم حتى

قال لو لم تذنبوا لجاء اللّٰه بقوم يذنبون ثم يتوبون فيغفر لهم فقد نبهتك عن أسرار هذا المقام إن وقفت معها عرفت نفسك و عرفت ربك و ما تعديت قدرك

[درجات الحرية و درجات ترك الحرية]

و إن كان للحرية درجات في عباد اللّٰه فغير الأحرار أعظم عند اللّٰه درجة و أكمل وصفا و الأصل معهم حفيظ يحفظ عليهم ترك الحرية و الاسترقاق لما تعطيه الحكمة فإن قلت فكم للحرية من الدرجات فنقول لها في العارفين من أهل الأنس ستمائة درجة و تسع و أربعون درجة و في العارفين من أهل الأدب أربع و خمسون درجة و مائتا درجة و في الملامية من أهل الأنس ستمائة و ثمان عشرة درجة و في الملامية من أهل الأدب ثلاث و عشرون و مائتا درجة و هذه الدرجات بأعيانها لمن ترك الحرية و زيادة ما يعطيه الترك من الدرجات لقيامه بالحكمة و حفظ الأصل لإبقاء الحرية

(الباب الثاني و الأربعون و مائة في معرفة مقام الذكر و أسراره)



الذكر ستر على مذكوره أبدا و كل ذكر فأحوال و أسماء
و ليس ثم سوى ما قلته فإذا نظرت فيه بدت للعين أشياء
تدري بها كل من قام الوجود به و ذلك الحق لا عقل و لا ماء

[الذكر أن تذكر اسم اللّٰه من حيث ما هو مدح له و حمد]

الذكر نعت إلهي و هو نفسي و ملئي في الحق و في الخلق و مع كونه نعتا إلهيا فهو جزاء ذكر الخلق قال تعالى فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ فجعل وجود ذكره عن ذكرنا إياه و كذلك حاله

فقال تعالى إن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي و إن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منهم فانتج الذكر الذكر و حال الذكر حال الذكر و ليس الذكر هنا بأن نذكر اسمه بل لتذكر اسمه من حيث ما هو مدح له و حمد إذ الفائدة ترتفع بذكر الاسم من حيث دلالته على العين لا في حقك و لا في حقه

[القصد من ذكر اللّٰه باسمه العلم أو بضمير الغيبة]

فإن قلت فقد رجح أهل اللّٰه ذكر لفظة اللّٰه اللّٰه و ذكر لفظة هو على الأذكار التي تعطي النعت و وجدوا لها فوائد قلت صدقوا و به أقول و لكن ما قصدوا بذكرهم اللّٰه اللّٰه نفس دلالته على العين و إنما قصدوا هذا الاسم أو الهو من حيث إنهم علموا إن المسمى بهذا الاسم أو هذا الضمير هو من لا تقيده الأكوان و من له الوجود التام فإحضار هذا في نفس الذاكر عند ذكر الاسم بذلك وقعت الفائدة فإنه ذكر غير مقيد فإذا قيده بلا إله إلا اللّٰه لم ينتج له إلا ما تعطيه هذه الدلالة و إذا قيده بسبحان اللّٰه لم يتمكن له أن يحضر إلا مع حقيقة ما يعطيه التسبيح و كذلك اللّٰه أكبر و الحمد لله و لا حول و لا قوة إلا بالله

[الذكر الذي هو استحضار و الذكر الذي هو حضور]

و كل ذكر مقيد لا ينتج إلا ما تقيد به لا يمكن أن يجني منه ثمرة عامة فإن حالة الذكر تقيده و قد عرفنا اللّٰه

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 228
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست