responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 22

هيولى لها أو أرواح لها و الوجود ظاهر تلك الأرواح و صور تلك الأعيان الهيولائية فالوجود كله حق ظاهر و باطنه الأشياء فالحديث الإلهي من بين الأشياء أوضح عند السامع في الدلالة إنه هو المكلم من أن يكلمنا في الأشياء فافهم و اللّٰه تعالى الملهم

[الأخلاء الذين لهم مقام الاتحاد]

و منهم رضي اللّٰه عنهم الأخلاء و لا عدد يحصرهم بل يكثرون و يقلون قال اللّٰه تعالى وَ اتَّخَذَ اللّٰهُ إِبْرٰاهِيمَ خَلِيلاً و

قال النبي صلى اللّٰه عليه و سلم لو كنت متخذا خليلا لا لاتخذت أبا بكر خليلا و لكن صاحبكم خليل اللّٰه و المخاللة لا تصح إلا بين اللّٰه و بين عبده و هو مقام الاتحاد و لا تصح المخاللة بين المخلوقين و أعني من المخلوقين من المؤمنين و لكن قد انطلق اسم الأخلاء على الناس مؤمنيهم و كافريهم قال تعالى اَلْأَخِلاّٰءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلاَّ الْمُتَّقِينَ فالخلة هنا للعاشرة و

قد ورد أن المرء على دين خليله و قيل في مقام الخلة

قد تخللت مسلك الروح مني و بذا سمي الخليل خليلا

[لا تصح الخلة إلا بيت اللّٰه و عبده]

و إنما قلنا لا تصح الخلة إلا بين اللّٰه و بين عبده لأن أعيان الأشياء متميزة و كون الأعيان وجود الحق لا غير و وجود الشيء لا يمتاز عن عينه فلهذا لا تصح الخلة إلا بين اللّٰه و عبيده خاصة إذ هذا الحال لا يكون بين المخلوقين لأنه لا يستفاد من مخلوق وجود عين فاعلم ذلك

[شروط الخلة]

و اعلم أن شروط الخلة لا تصح بين المؤمنين و لا بين النبي و تابعيه فإذا لم تصح شروطها لا تصح هي في نفسها و لكن في دار التكليف فإن النبي و المؤمن بحكم اللّٰه لا بحكم خليله و لا بحكم نفسه و من شروط الخلة أن يكون الخليل بحكم خليله و هذا لا يتصور مطلقا بين المؤمنين و لا بين الرسل و أتباعهم في الدار الدنيا و المؤمن تصح الخلة بينه و بين اللّٰه و لا تصح بينه و بين الناس لكن تسمى المعاشرة التي بين الناس إذا تأكدت في غالب الأحوال خلة فالنبي ليس له خليل و لا هو صاحب لاحد سوى نبوته و كذلك المؤمن ليس له خليل و لا صاحب سوى إيمانه كما إن الملك ليس هو صاحب أحد سوى ملكه فمن كان بحكم ما يلقى إليه و لا يتصرف إلا عن أمر إلهي فلا يكون خليلا لا حد و لا صاحبا أبدا فمن اتخذ من المؤمنين خليلا غير اللّٰه فقد جهل مقام الخلة و إن كان عالما بالخلة و الصحبة و وفاها حقها مع خليله و هو حاكم فقد قدح في إيمانه لما يؤدي ذلك إليه من إبطال حقوق اللّٰه فلا خليل إلا اللّٰه فالمقام عظيم و شأنه خطير و اللّٰه الموفق لا رب غيره

[السمراء و هم صنف خاص من المحدثين]

و منهم رضي اللّٰه عنهم السمراء و لا عدد يحصرهم و هم صنف خاص من أهل الحديث قال تعالى وَ شٰاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ و هذا الصنف لا حديث لهم مع الأرواح فحديثهم مع اللّٰه من قوله تعالى يُدَبِّرُ الْأَمْرَ يُفَصِّلُ الْآيٰاتِ فجليسهم من الأسماء الإلهية المدبر المفصل و هم من أهل الغيب في هذا المقام لا من أهل الشهادة

[الورثة و أصنافهم الثلاثة]

و منهم رضي اللّٰه عنهم الورثة و هم ثلاثة أصناف ظالم لنفسه و مقتصد و سابق بالخيرات قال تعالى ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتٰابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنٰا مِنْ عِبٰادِنٰا فَمِنْهُمْ ظٰالِمٌ لِنَفْسِهِ وَ مِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَ مِنْهُمْ سٰابِقٌ بِالْخَيْرٰاتِ بِإِذْنِ اللّٰهِ ذٰلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ و

قال صلى اللّٰه عليه و سلم العلماء ورثة الأنبياء و كان شيخنا أبو مدين يقول في هذا المقام من علامات صدق المريد في إرادته فراره عن الخلق و من علامات صدق فراره عن الخلق وجوده للحق و من علامات صدق وجوده للحق رجوعه إلى الخلق و هذا هو حال الوارث للنبي صلى اللّٰه عليه و سلم فإنه كان يخلو بغار حراء ينقطع إلى اللّٰه فيه و يترك بيته و أهله و يفر إلى ربه حتى فجئه الحق ثم بعثه اللّٰه رسولا مرشدا إلى عباده فهذه حالات ثلاث ورثه فيها من اعتنى اللّٰه به من أمته و مثل هذا يسمى وارثا فالوارث الكامل من ورثه علما و عملا و حالا فأما قوله تعالى في الوارث للمصطفى إنه ظٰالِمٌ لِنَفْسِهِ يريد حال أبي الدرداء و أمثاله من الرجال الذين ظلموا أنفسهم لأنفسهم أي من أجل أنفسهم حتى يسعدوها في الآخرة و ذلك

أن رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم قال إن لنفسك عليك حقا و لعينك عليك حقا فإذا صام الإنسان دائما و سهر ليله و لم ينم فقد ظلم نفسه في حقها و عينه في حقها و ذلك الظلم لها من أجلها و لهذا قال ظالم لنفسه فإنه أراد بها العزائم و ارتكاب الأشد لما عرف منها و من جنوحها إلى الرخص و البطالة و جاءت السنة بالأمرين لأجل الضعفاء فلم يرد اللّٰه تعالى بقوله ظٰالِمٌ لِنَفْسِهِ الظلم المذموم في الشرع فإن ذلك ليس بمصطفى و أما الصنف الثاني من ورثة الكتاب فهو المقتصد و هو الذي يعطي نفسه حقها من راحة الدنيا ليستعين بذلك على ما يحملها عليه من خدمة ربها في قيامه بين الراحة و أعمال البر و هو حال بين حالين بين العزيمة و الرخصة ففي قيام الليل يسمى المقتصد متهجدا لأنه يقوم و ينام

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 22
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست