responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 219

وَ لاٰ تَطْغَوْا أي لا ترتفعوا عن أمره بما تجدونه في نفوسكم من خلقكم على الصورة الإلهية فتقولوا مثلنا لا يكون مأمورا فلا يعرف العلماء بالله هل وافق أمر اللّٰه إرادته فيهم أنهم يمتثلون أمره أو يخالفونه فلهذا صعب عليهم أمر اللّٰه و اشتد و هو

قوله ع شيبتني هود فإنها السورة التي نزل فيها فَاسْتَقِمْ كَمٰا أُمِرْتَ و أخواتها مما فيها هذه الآية أو ما في معناها فهم من ذلك على خطر

[الاستقامة نشاط لا تنضبط حدوده و طريق لا تتقيد مراتبه]

و طريق الاستقامة لا تتقيد مراتبه و لا تنضبط كما

قال ص استقيموا و لن تحصوا يعني طرق الاستقامة

و ما أحصيتم منها فلن تحصوا ما لكم في ذلك من الأجر و الخير و الظاهر إنما أراد لن تحصوا طرق الاستقامة فإنها كثيرة لن يسعها أحد منكم على التعيين و لهذا اتبع هذا القول

بقوله و اعملوا و خير أعمالكم الصلاة و إذ لم تستطيعوا إحصاء طرق الاستقامة فخذوا الأفضل منها

[الاسم الإلهي القيوم هو أخو الاسم الحي الملازم له]

و ينظر إلى الاسم الحي المحيي بهذه العبادات الاسم القيوم و لهذا قيل للمكلف وَ أَقِيمُوا الصَّلاٰةَ وَ أَقِيمُوا الْوَزْنَ فالقيوم أخو الحي الملازم له قال تعالى اَللّٰهُ لاٰ إِلٰهَ إِلاّٰ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ و قال الم اَللّٰهُ لاٰ إِلٰهَ إِلاّٰ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ و قال وَ عَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ فما جاء الاسم الحي إلا و القيوم معه فتدبر هذا الباب فإنه يحتوي على أسرار إلهية

(الباب الثالث و الثلاثون و مائة في مقام ترك الاستقامة)



أَلاٰ إِلَى اللّٰهِ تَصِيرُ الْأُمُورُ فلا تغرنك دار الغرور
و كل ما خالف ما قاله سبحانه فإنه قول زور
فكل معوج له غاية إليه حقا في جميع الأمور
فلا تعين واحدا أنه حكم بجهل حاصل أو قصور
فصلت الأشياء أغراضنا إلى سعيد و إلى من يبور
و رجع الكل إلى قوله أَلاٰ إِلَى اللّٰهِ تَصِيرُ الْأُمُورُ

[ترك الاستقامة من أعلام الإقامة]

اعلم علمك اللّٰه أن ترك الاستقامة من أعلام الإقامة عند اللّٰه و الحضور معه في كل حال كما

قالت عائشة أم المؤمنين رضي اللّٰه عنها في حق النبي ص من أنه كان يذكر اللّٰه على كل أحيانه فهو في الدنيا موصوف بصفة أرض الآخرة لاٰ تَرىٰ فِيهٰا عِوَجاً وَ لاٰ أَمْتاً و لما كانت الاستقامة تتميز بالاعوجاج و لا اعوجاج فلا استقامة مشهودة

فالكل في عين الوجود على طريق واحد
و الكل في عين الرضي من مؤمن أو جاحد

[الإمكان للعالم نعت ذاتى له فالميل له ذاتى فلا استقامة]

و قد يكون مشهد صاحب هذا الشهود النظر في إمكان العالم و الإمكان سبب مرضه و المرض ميل و الميل ضد الاستقامة و الإمكان للعالم نعت ذاتي لا يتصور زواله لا في حال عدمه و لا في حال وجوده فالمرض له ذاتي فالميل له ذاتي فلا استقامة فالعالم مرضه زمانة لا يرجى رفعها إلا إن الكون محل لوجود المغالطات لأمور تقتضيها الحكمة و يطلبها العقل السليم لعلمه بما يصلح الكون إذ شرع التكليف و لم يكن في الوسع أن تكون آحاد العالم على مزاج واحد فلما اختلفت الأمزجة كان في العالم العالم و الأعلم و الفاضل و الأفضل فمنه من عرف اللّٰه مطلقا من غير تقييد و منهم من لا يقدر على تحصيل العلم بالله حتى يقيده بالصفات التي لا توهم الحدوث و تقتضي كمال الموصوف و منهم من لا يقدر على العلم بالله حتى يقيده بصفات الحدوث فيدخله تحت حكم ظرفية الزمان و ظرفية المكان و الحد و المقدار

[تنزلت الشرائع الإلهية على حسب الأمزجة الإنسانية و الكامل المزاج من عقد كل اعتقاد]

و لما كان الأمر في العلم بالله في العالم في أصل خلقه و على هذا المزاج الطبيعي المذكور أنزل اللّٰه الشرائع على هذه المراتب حتى يعم الفضل الإلهي جميع الخلق كله فأنزل ليس كمثله شيء و هو لأهل العلم بالله مطلقا من غير تقييد و أنزل قوله تعالى أَحٰاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْماً و هُوَ عَلىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ فَعّٰالٌ لِمٰا يُرِيدُ و هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ و اَللّٰهُ لاٰ إِلٰهَ إِلاّٰ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ و فَأَجِرْهُ حَتّٰى يَسْمَعَ كَلاٰمَ اللّٰهِ و هُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ و هذا كله في حق من قيده بصفات الكمال و أنزل تعالى من الشرائع قوله اَلرَّحْمٰنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوىٰ و هُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مٰا كُنْتُمْ و هُوَ اللّٰهُ فِي السَّمٰاوٰاتِ وَ فِي الْأَرْضِ و تَجْرِي بِأَعْيُنِنٰا و لَوْ أَرَدْنٰا أَنْ نَتَّخِذَ لَهْواً لاَتَّخَذْنٰاهُ مِنْ لَدُنّٰا فعمت الشرائع ما تطلبه أمزجة العالم و لا يخلو المعتقد من أحد هذه الأقسام و الكامل المزاج هو

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 219
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست