responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 21



يا قوم أذني لبعض الحي عاشقة و الأذن تعشق قبل العين أحيانا
فلا خفاء فيما بينهم من المنازل و ما من مقام من المقامات و إلا و أهله فيه بين فاضل و مفضول و هؤلاء الأحباب علامتهم الصفاء فلا يشوب ودهم كدر أصلا و لهم الثبات على هذه القدم مع اللّٰه و هم مع الكون بحسب ما يقام فيه ذلك الكون من محمود و مذموم شرعا فيعاملونه بما يقتضيه الأدب فهم يوالون في اللّٰه و يعادون في اللّٰه تعالى فالموالاة من حيث وجود المكون و المعاداة و الذم من حيث عين المتكون لا من حيث ما اتصف به من الكون لأن الكون كون اللّٰه فهم يحكمون و لا يحكمون قد مكنهم اللّٰه من أنفسهم و أقامهم في حضرة الأدب فهم الأدباء الجامعون للخيرات

يقول اللّٰه تعالى فيمن ادعى هذا المقام يا عبدي هل عملت لي عملا قط فيقول العبد يا رب صليت و جاهدت و فعلت و فعلت و يصف من أحوال الخير فيقول اللّٰه له ذلك لك فيقول العبد يا رب فما هو العمل الذي هو لك فيقول هل واليت في وليا أو عاديت في عدوا و هذا هو إيثار المحبوب قال اللّٰه تعالى يٰا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاٰ تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَ عَدُوَّكُمْ أَوْلِيٰاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ و قال لاٰ تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللّٰهِ وَ الْيَوْمِ الْآخِرِ يُوٰادُّونَ مَنْ حَادَّ اللّٰهَ وَ رَسُولَهُ وَ لَوْ كٰانُوا آبٰاءَهُمْ أَوْ(أَبْنٰاءَهُمْ أَوْ)إِخْوٰانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولٰئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمٰانَ وَ أَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ فهم أهل التأييد و القوة

ورد في الخبر الصحيح وجبت محبتي للمتحابين في و المتجالسين في و المتباذلين في و المتزاورين في

[المحدثون و هم صنفان]

و منهم رضي اللّٰه عنهم المحدثون و عمر بن الخطاب رضي اللّٰه عنه منهم و كان في زماننا منهم أبو العباس الخشاب و أبو زكرياء البجاى بالمعرة بزاوية عمر بن عبد العزيز بدير النقيرة و هم صنفان صنف يحدثه الحق من خلف حجاب الحديث قال تعالى وَ مٰا كٰانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللّٰهُ إِلاّٰ وَحْياً أَوْ مِنْ وَرٰاءِ حِجٰابٍ و هذا الصنف على طبقات كثيرة و الصنف الآخر تحدثهم الأرواح الملكية في قلوبهم و أحيانا على آذانهم و قد يكتب لهم و هم كلهم أهل حديث فالصنف الذي تحدثه الأرواح الطريق إليه بالرياضات النفسية و المجاهدات البدنية بأي وجه كان و من كان فإن النفوس إذا صفت من كدر الوقوف مع الطبع التحقت بعالمها المناسب لها فأدركت ما أدركت الأرواح العلى من علوم الملكوت و الأسرار و انتقش فيها جميع ما في العالم من المعاني و حصلت من الغيوب بحسب الصنف الروحاني المناسب لها فإن الأرواح و إن جمعهم أمر واحد فلكل روح مقام معلوم فهم على درجات و طبقات فمنهم الكبير و الأكبر كجبريل و إن كان من أكابرهم فميكائيل أكبر منه و منصبه فوق منصبه و إسرافيل أكبر من ميكائيل و جبريل أكبر من إسماعيل فالذي على قلب إسرافيل منه يأتي الإمداد إليه و هو أعلى من الذين هم على قلب ميكائيل فكل محدث من هؤلاء يحدثهم الروح المناسب لهم و كم من محدث لا يعلم من يحدثه فهذا من آثار صفاء النفوس و تخليصها من الوقوف مع الطبع و ارتفاعها عن تأثير العناصر و الأركان فيها فهي نفس فوق مزاج بدنها وقع قوم بهذا القدر من الحديث و لكن ما هو شرط في السعادة الإيمانية في الدار الآخرة لأنه تخليص نفسي فإن كان هذا المحدث أتى جميع هذه الصفات التي أوجبت له التخليص من الطبع بالطريقة المشروعة و الاتباع النبوي و الايمان الجزم اقترنت بالحديث السعادة فإن انضاف إلى ذلك الحديث الحديث مع الرب من الرب تعالى إليهم كان من الصنف الأول الذي ذكرنا أنه على طبقات في الحديث قال بعضهم

يا مؤنسي بالليل إن هجع الورى و محدثي من بينهم بنهار
فذكر هذا القائل أن حديثه مع اللّٰه و حديث اللّٰه معه إنه من بينيتهم لا أنه كلمه على ألسنتهم قال تعالى نُودِيَ مِنْ شٰاطِئِ الْوٰادِ الْأَيْمَنِ فِي الْبُقْعَةِ الْمُبٰارَكَةِ مِنَ الشَّجَرَةِ أَنْ يٰا مُوسىٰ إِنِّي أَنَا اللّٰهُ و قال تعالى وَ كَلَّمَ اللّٰهُ مُوسىٰ تَكْلِيماً فأكده بالمصدر لرفع الإشكال هذا هو المطلوب بالحديث في هذه الطريقة و أما قوله تعالى فَأَجِرْهُ حَتّٰى يَسْمَعَ كَلاٰمَ اللّٰهِ فذلك لأهل السماع من الحق في الأشياء لا من بين الأشياء لأن بينية الأشياء عبارة عن النسب و هي أمور عدمية لا وجودية فإذا كان الحديث منها كان بلا واسطة و إذا كان من الأشياء فذلك قوة الفهم عن اللّٰه

ورد في الخبر الصحيح أن اللّٰه قال على لسان عبده سمع اللّٰه لمن حمده فهذا عين قوله فَأَجِرْهُ حَتّٰى يَسْمَعَ كَلاٰمَ اللّٰهِ و الذي نطلبه في هذا الطريق كلام اللّٰه من بين الأشياء لا في الأشياء و لا من الأشياء و إن كان هو عين وجود الأشياء فإنه ليس عين الأشياء فالأعيان في الموجودات

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 21
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست