responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 208



و في الصبر من سوء الصنيعة أنه يقاوم قهر الحق في كل إقدام
فلا صبر عند العارفين فإنهم من الضعف في بحر على سيفه طام

[في الصبر المعروف عند العامة مقاومة القهر الإلهي]

اعلم علمك اللّٰه أن في الصبر المعروف عند العامة مقاومة القهر الإلهي و سوء أدب مع اللّٰه و ما ابتلى اللّٰه عباده إلا ليتضرعوا إليه و يسألوه في رفع ما ابتلاهم به من البلاء عنهم لأنه دواء لما تعطيهم في نفوسهم من المرض الصورة التي خلقوا عليها فيدعيها من لم تكمل فيه الصورة فإنه من كمالها الخلافة و هم المكملون من الرجال و من لم تحصل له درجة الخلافة فما هو على الصورة فإنه بالمجموع يكون بالصورة

[أكابر الرجال لا يحسبون نفوسهم عن الشكوى إلى اللّٰه]

قال بعضهم و قد بكى حين أخذه الجوع إنما جوعني لأبكي فهو يبكي له و عليه فإن أكابر الرجال لا يحبسون نفوسهم عن الشكوى إلى اللّٰه فإذا مدح اللّٰه الصابرين فهم الذين حبسوا نفوسهم عن الشكوى لغير اللّٰه و هذا مذهب الأكابر أ لا ترى سمنون لما أساء الأدب مع اللّٰه و أراد أن يقاوم القدرة الإلهية لما وجد في نفسه من حكم الرضي و الصبر قال

و ليس لي في سواك حظ فكيف ما شئت فاختبرني
فابتلاه اللّٰه بعسر البول و النفس مجبولة على طلب حظها من العافية و لما سأل هذا كان في حكم حال العافية فلما سلبها بهذا البلاء طلبتها النفس بما جبلت عليه

[النفس مجبولة على طلب حظها من العافية]

و قد ذكرنا ذلك في صفات النفس و أن اللّٰه عين لها مصارف لما علمه من أنها لا تنعدم إذ لو انعدمت لانعدمت النفس فهو وصف ذاتي لها أ لا ترى إلى عالم العلماء و حاكم الحكماء كيف كان سؤاله العافية و أمر بها

فقال إذا سألتم اللّٰه فاسألوه العافية فإن كنتم أهل بلاء فقد سألتم العافية و إن كنتم أهل عافية فقد سألتم دوامها و هي مشتقة من عفي الأثر إذا ذهب فالعافية ذهاب أثر البلاء ممن قام به

[من الأدب مع اللّٰه وقوف العبد مع عجزه و فقره]

فمن الأدب مع اللّٰه وقوف العبد مع عجزه و فقره و فاقته فإن الغناء بالله لا يصح عن اللّٰه و لا عن المخلوقين من حيث العموم لكنه يصح من حيث تعيين مخلوق ما يمكن أن يستغني عنه بغيره

[الأسباب الذاتية لا يمكن رفعها]

فإن اللّٰه ما وضع الأسباب سدى فمنها أسباب ذاتية لا يمكن رفعها هنا و منها أسباب عرضية يمكن رفعها فمن المحال رفع التأليف و التركيب عن الجسم مع بقاء حكم الجسمية فيه فهذا سبب لا يمكن زواله إلا بعدم عين الجسم من الوجود و إذا كانت الأسباب الأصلية لا ترتفع فلنقر الأسباب العرضية أدبا مع اللّٰه و لا نركن إليها و نبقي الخاطر معلقا بالله و لا يصح أن يتعلق بالله لله فإنه محال و إنما يتعلق بالله للأسباب فهذا حد المعرفة بها فقد بان لك معنى ترك الصبر

(الباب السادس و العشرون و مائة في معرفة مقام المراقبة)



كن رقيبا عليه في كل شأن فهو سبحانه عليك رقيب
في حضور و غيبة لشئون و لذا لي في كل حال نصيب
فإذا ما أتى أوان فراغ لا أبالي و إن ذا لعجيب

[مراقبة الوجود مراقبة الحق خلقه لحفظ الوجود عليه]

المراقبة نعت إلهي لنا فيه شرب قال تعالى وَ كٰانَ اللّٰهُ عَلىٰ كُلِّ شَيْءٍ رَقِيباً و هو قوله وَ لاٰ يَؤُدُهُ حِفْظُهُمٰا يعني السموات و هو العالم الأعلى و الأرض و هو العالم الأسفل و ما ثم إلا أعلى و أسفل و هو على قسمين عالم قائم بنفسه و عالم غير قائم بنفسه فالقائم بنفسه جواهر و أجسام و غير القائم بنفسه أكوان و ألوان و هي الصفات و الأعراض فعالم الأجسام و الجواهر لا بقاء لهما إلا بإيجاد الأعراض فيهما فمتى لم يوجد فيهما العرض الذي به يكون بقاؤها و وجودها تنعدم و لا شك أن الأعراض تنعدم في الزمان الثاني من زمان وجودها فلا يزال الحق مراقبا لعالم الأجسام و الجواهر العلوية و السفلية كلما انعدم منها عرض به وجوده خلق في ذلك الزمان عرضا مثله أو ضده يحفظه به من العدم في كل زمان فهو خلاق على الدوام و العالم مفتقر إليه تعالى على الدوام افتقارا ذاتيا من عالم الأعراض و الجواهر فهذه مراقبة الحق خلقه لحفظ الوجود عليه و هذه هي الشئون التي عبر عنها في كتابه إنه كل يوم في شأن :

[مراقبة كمال الوجود مراقبة الحق عباده فيما كلفهم به و رسم لهم من حدوده]

و مراقبة أخرى للحق في عباده و هي نظره إليهم فيما كلفهم من أوامره و نواهيه و رسم لهم من حدوده و هذه مراقبة كبرياء و وعيد فمنهم من و كل بهم من يحصي عليهم جميع ما يفعلونه مثل قوله مٰا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلاّٰ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ و مثل قوله كِرٰاماً كٰاتِبِينَ يَعْلَمُونَ مٰا تَفْعَلُونَ و قوله سَنَكْتُبُ مٰا قٰالُوا و كُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنٰاهُ فِي إِمٰامٍ مُبِينٍ و مَا اللّٰهُ بِغٰافِلٍ عَمّٰا تَعْمَلُونَ فهذه مراقبة الحق

[المراقبة التي لا تصح من العبد]

و أما مراقبة العبد فهي على ثلاثة أقسام الواحد منها لا يصح و الاثنان يصح وجودهما من العبد أما المراقبة التي لا تصح فهي مراقبة

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 208
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست