responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 206

لوجود هذا اليقين و يكون حكمه في هذا المحل التعلق بالله في دفع الضرر عن هذا العبد فيكون ذلك سؤال اليقين و تعلقه بجناب الحق لا بتعلق العبد و لا بسؤاله

[العبد سبب في ظهور عين اليقين لعدم قيام اليقين بنفسه]

و ذلك لما كان العبد سببا في ظهور عين اليقين لعدم قيام اليقين بنفسه كان للمحل عند هذا اليقين يد أراد مكافاتها فيسأل اليقين موجدة تعالى رفع الضرر عن هذا المحل إذ اليقين لا يوجد إلا لرفع الضرر و أما في حال المنفعة فلا حكم له إلا في استدامتها لا فيها فإنها حاصلة فإن توهم العبد إزالتها فإن اليقين يطلب من اللّٰه استمرار وجودها في محله فبهذا القدر يكون ترك اليقين أي العبد لا يعترض على اليقين في سؤاله ربه ما شاء فهو تاركه يفعل ما يريد فلا يتصف العبد هنا بشيء

[العبد مضطرب في أصل نشأته لا يقين له من حيث حقيقته]

و مع هذا التحقيق فالمسألة غامضة بعيدة التصور فالعبد في أصله مضطرب متزلزل الملك فلا يقين له من حيث حقيقته فإنه محل لتجدد الأعراض عليه و اليقين سكون و هو عرض فلا ثبوت له زمانين و اللّٰه تعالى كل يوم في شأن : و أصغر الأيام الزمن الفرد فقد أبنت لك أن أهل اللّٰه في نفوسهم بمعزل عما يطلبه اليقين و أن اليقين هو السائل و لهذا قال له حَتّٰى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ فيكون اليقين هو الذي يسأل و يتعب و أنت مستريح فافهم وَ اللّٰهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَ هُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ

[لا طمأنينة مع المريد إلا عن بشرى]

فإن الوقوف مع إرادة اللّٰه لا يتمكن معها سكون أصلا لأنه خروج عن حقيقة النفس و الشيء لا يخرج عن حقيقته إذ خروج الشيء عن حقيقته محال فلا طمأنينة مع المريد إلا عن بشرى فإنه يسكن عند ذلك لصدق القول و تكون البشرى معينة موقتة و حينئذ يكون له السكون إليها و هو اليقين و

قد ورد أن الملائكة يخافون من مكر اللّٰه و لا يقين مع الخوف فإن سكن العبد إلى قوله فَعّٰالٌ لِمٰا يُرِيدُ لا يزول عنه فذلك السكون قد يسمى يقينا و لكن يورث في المحل خلاف ما يطلب من حكم اليقين الذي اصطلح عليه أهل اللّٰه و أما نحن فاليقين عندنا موجود في كل أحد من خلق اللّٰه و إنما يقع الخلاف بما ذا يتعلق اليقين فاليقين صفة شمول و ليست من خصوص طريق اللّٰه التي فيها السعادة إلا بحكم متيقن ما فهذا تحقيقه و اللّٰه الموفق لا رب غيره

(الباب الرابع و العشرون و مائة في معرفة مقام الصبر و تفاصيله و أسراره)



تنوع شرب الصبر في كل مشرب بعن و على أو في و بالباء و اللام
و ليس يكون الصبر إلا على أذى وجودا و تقديرا بأنواع آلام
و عين للحق الصبور أذى أتى بمحكم آيات الكتاب لإعلام
فلا صبر في النعماء إن كنت عالما بقول إمام صادق الحكم علام

[الصبر حبس النفس عن الشكوى إلى غير اللّٰه]

اعلم وفقك اللّٰه أن اللّٰه تعالى يقول إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللّٰهَ وَ رَسُولَهُ فأخبر أنه يؤذي فتسمى سبحانه بالصبور على أذى خلقه و كما سأل عباده رفع الأذى مع استحقاقه اسم الصبور كذلك لا يرفع اسم الصبر عن العبد إذا حل به بلاء فسأل اللّٰه تعالى في رفع ذلك البلاء كما فعل أيوب ع فقال مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَ أَنْتَ أَرْحَمُ الرّٰاحِمِينَ و أثنى اللّٰه عليه فقال مع هذا السؤال إِنّٰا وَجَدْنٰاهُ صٰابِراً فليس الصبر حبس النفس عن الشكوى إلى اللّٰه في رفع البلاء أو دفعه و إنما الصبر حبس النفس عن الشكوى إلى غير اللّٰه و الركون إلى ذلك الغير و قد أبنت لك أن اللّٰه طلب من عباده رفع الأذى الذي آذوه به مع قدرته على إن لا يخلق فيهم ما خلق من الأذى فتفطن لسر هذا الصبر فإنه من أحسن الأسرار و

قد ورد أنه لا أحد أصبر على أذى من اللّٰه

[الصبر من المقامات التي تنقطع إذا دخل أهل النار و أهل الجنة الجنة]

و هو من المقامات التي تنقطع و تزول إذا دخل أهل النار النار و أهل الجنة الجنة و تميز الفريقان تميز الانقطاع أن لا يلحق أحد بغير الدار التي هو فيها و الصبر الإلهي يزول حكمه بزوال الدنيا و هذه بشرى بإزالة اسم المنتقم و الشديد العقاب إذ قد رأينا إزالة الصبور و رحمته سبقت غضبه

[حكمة زوال الدنيا رفع الأذى عن اللّٰه و شمول الرحمة جميع عباد اللّٰه]

فحكمة زوال الدنيا رفع الأذى عن اللّٰه إذ لا يكون إلا فيها فأبشروا عباد اللّٰه بشمول الرحمة و اتساعها و انسحابها على كل مخلوق سوى اللّٰه و لو بعد حين فإنه بإزالة الدنيا زال الأذى عن كل من أوذى و بزوال الأذى زال الصبر و من أسباب العقاب الأذى و الأذى قد زال فلا بد من الرحمة و ارتفاع الغضب فلا بد من الرحمة أن تعم الجميع بفضل اللّٰه إن شاء اللّٰه هذا ظننا في اللّٰه

فإن اللّٰه و هو الصادق يقول أنا عند ظن عبدي بي فليظن بي خيرا فأخبر و أمر و لم يقيد في حق الظان و لا في غيره و لهذا

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 206
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست