responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 205

و مثل هذا الحديث لا يصح عن رسول اللّٰه ص إنه أشار بذلك إلى نفسه و معلوم أنه ليس أحد من البشر يماثله في اليقين لكنه ما مشى في الهواء بيقينه و إنما جاءه جبريل ع بدابة دون البغل و فوق الحمار تسمى البراق فكان و البراق هو الذي مشى في الهواء ثم إنه ص لما انتهى البراق به إلى الحد الذي أذن له نزل عنه و قعد في الرفرف و علا به إلى حيث أراد اللّٰه و غفل الناس عن هذا كله فما أسرى به ص لقوة يقينه بل يقينه في قلبه على ما هو به من التعلق بالمتيقن العام كان ما كان لكنه مما فيه سعادته لأنه وصف به في معرض المدح

[شرف اليقين بشرف موضوعه و هو الأمر المتيقن]

و لنا في اليقين جزء شريف وضعناه في مسجد اليقين مسجد إبراهيم الخليل في زيارتنا لوطا ع فقد يتيقن الجاهل أنه جاهل و الظان أنه ظان و الشاك أنه شاك فيما هو فيه شاك و كل واحد صاحب يقين قاطع بحاله الذي هو عليه علما كان أو غير علم فإن قلت فأين شرفه قلنا شرفه بشرف المتيقن كالعلم سواء و لهذا جاء بالألف و اللام في قوله حَتّٰى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ يريد متيقنا خاصا ما هو يقين يقع المدح به بل هو يقين معين

[اليقين المستقل الذي ليس له محل يقوم به]

و قوله تعالى وَ مٰا قَتَلُوهُ يَقِيناً يريد ما هو مقتول في نفس الأمر لا عندهم بل شُبِّهَ لَهُمْ فهذا يقين مستقل ليس له محل يقوم به فإنهم متيقنون أنهم قتلوه و اللّٰه ليس بمحل لليقين فلم يبق محل لليقين سوى القتل و هذا من باب قيام المعنى بالمعنى فإن اليقين معنى و القتل معنى فالقتل قد تيقن في نفسه أنه ما قام بعيسى ع فالقتل موصوف في هذه الآية باليقين و أصدق المعاني ما قام بالمعاني و هذه المسألة عندنا من محارات العقول مما لا يقضي فيها بشيء و عند بعضنا يلحقه بالمحال و عند بعضهم ممكنة واقعة

[اليقين عزيز الوجود في الأمور الطبيعية المعتادة]

و بالجملة فاليقين عزيز الوجود في الأمور الطبيعية المعتادة فإن العادة تسرق الطبع و لا سيما في الأمور التي بها قوام البدن الطبيعي فإذا فقد ما به يصل إلى ما به قوامه فإنه يتألم و الألم لا يقدح في اليقين فإنه ما يضاده و لكن قل إن يتألم ذو ألم إلا و لا بد أن يضطرب و يتحرك في نفسه و لا سيما ألم الجوع و العطش و البرد و الحر و الاضطراب يضاد اليقين فإن اليقين سكون النفس إلى من بيده هذه الأمور المزيلة لهذه الآلام فيريد من قامت به الآلام سرعة زوالها طبعا و إذا كان هذا فنسلك في اليقين طريقة غير ما يتخيلها أهل الطريق و هو أن الاضطراب لا يقدح في اليقين إذا كان هبوب اليقين في إزالة تلك الآلام إلى جناب الحق لا إلى الأسباب المزيلة في العادة فإن شاء الحق أزالها بتلك الأسباب أزالها بأن يوجد عنده تلك الأسباب و إن شاء أزالها بغير ذلك فصار متعلق اليقين الجناب الإلهي لا غير و هذا قد يكون كثيرا في رجال اللّٰه

[درجات اليقين عند العارفين]

و درجات اليقين عند العارفين مائتان درجة و درجة واحدة و عند الملامية مائة و سبعون درجة و هو ملكوتي جبروتي له إلى الملكوت نسبة واحدة و عند العارفين نسبتان لأنه عند العارفين مركب من ست حقائق و نشأته عند الملامية من أربع حقائق و له السكون الميت و الحي فبالسكون الحي يضطرب صاحبه و بالسكون الميت يتعلق بالله فما يضطرب فيه من غير تعيين مزيل بل بما أراد اللّٰه أن يزيله

(الباب الثالث و العشرون و مائة في معرفة مقام ترك اليقين و أسراره)



إذا وقف العبيد مع المريد يزيل يقينه حكم الإرادة
و يعطي الحق رتبته لئلا يقيده فيقدح في العبادة
فيفعل ما يشاء كما يشاء بلا جبر و لا حكم لعادة
و قد دل الدليل بغير شك و لا ريب على نفي الإعادة
لأن الجوهر المعلوم باق على ما كان في حكم الشهادة
فيخلع منه وقتا أو عليه بمثل أو بضد للإفادة

[لا يتكرر شيء في الوجود للاتساع الإلهي]

اعلم وفقك اللّٰه أني أردت بنفي الإعادة الذي نقول إنه لا يتكرر شيء في الوجود للاتساع الإلهي و إنما هي أعيان أمثال لا يدركها لحس إذ لا يدرك التفرقة بينها أريد بين ما انعدم منها و ما تجدد و هو قول المتكلمين إن العرض لا يبقى زمانين

[اليقين فيه رائحة من مقاومة القهر الإلهي كالصبر]

لما كان اليقين فيه رائحة من مقاومة القهر الإلهي مثل الصبر ترك أهل اللّٰه الاتصاف به و تعمله و طلبه من اللّٰه فإذا أتى من عند اللّٰه من غير تعمل من العبد قبله العبد أدبا مع اللّٰه و لم يرده على اللّٰه إذا أراد اللّٰه أن يصير هذا العبد محلا

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 205
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست