responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 204

و السبب فيشكر اللّٰه حقيقة و يشكر السبب عن أمر اللّٰه عباده من حيث أمرهم بشكره فقال أَنِ اشْكُرْ لِي وَ لِوٰالِدَيْكَ و

قال لا يشكر اللّٰه من لم يشكر الناس فهذا مقام ترك الشكر أي ترك توحيد شكر المنعم الأصلي لأنه شرك في شكره بين المنعم بالأصالة و بين السبب عن أمر اللّٰه فإنه مقام صعب غامض أعني ترك الشكر لكون اللّٰه اتصف بالشكر و طلب الزيادة مما شكرنا من أجله فالتخلص من ذلك عسير و أما إذا كان مجلاه و وقته أن يكون الحق هو الشاكر و المشكور و سلب الأفعال عن المخلوقين فقد ترك الشكر في حال كونه شاكرا فيرى الحق إما شاكرا مطلقا و العبد لا شكر له البتة و إما أن يرى الحق تعالى شاكرا به أي بعبده بما هو العبد عليه من الشكر فهذا تارك للشكر من وجه موصوف بالشكر من وجه و هذا سار في جميع ما يصدر من العبد من الأفعال مشهد عزيز من عين المنة

[الكسب الذي يقول به قوم و الخلق الذي يقول به قوم]

هذه المسألة كانت عندي من أصعب المسائل و ما فتح لي فيها بما هو الأمر عليه على القطع الذي لا أشك علما سوى ليلة تقييدي لهذا الباب في هذه المجلدة و هي ليلة السبت السادس من رجب الفرد سنة ثلاث و ثلاثين و ستمائة فإنه لم يكن تتخلص لي إضافة خلق الأعمال لأحد الجانبين و يعسر عندي الفصل بين الكسب الذي يقول به قوم و بين الخلق الذي يقول به قوم فأوقفني الحق بكشف بصري على خلقه المخلوق الأول الذي لم يتقدمه مخلوق إذ لم يكن إلا اللّٰه و قال لي هل هنا أمر يورث التلبيس و الحيرة قلت لا قال لي هكذا جميع ما تراه من المحدثات ما لأحد فيه أثر و لا شيء من الخلق فإنا الذي أخلق الأشياء عند الأسباب لا بالأسباب فتتكون عن أمري خلقت النفخ في عيسى و خلقت التكوين في الطائر قلت له فنفسك إذا خاطبت في قولك افعل و لا تفعل قال لي إذا طالعتك بأمر فالزم الأدب فإن الحضرة لا تحتمل المحاققة قلت به و هذا عين ما كنا فيه و من يحاقق و من يتأدب و أنت خالق الأدب و المحاققة فإن خلقت المحاققة فلا بد من حكمها و إن خلقت الأدب فلا بد من حكمه قال هو ذلك فاستمع إذا قرئ القرآن و أنصت : قلت ذلك لك أخلق السمع حتى أسمع و أخلق الإنصات حتى أنصت و ما يخاطبك الآن سوى ما خلقت فقال لي ما أخلق إلا ما علمت و ما علمت إلا ما هو المعلوم عليه فَلِلّٰهِ الْحُجَّةُ الْبٰالِغَةُ و قد أعلمتك هذا فيما سلف فألزمه مشاهدة فليس سواه ترح خاطرك و لا تأمن حتى ينقطع التكليف و لا ينقطع حتى تجوز على الصراط فحينئذ تكون العبادة من الناس ذاتية ليست عن أمر و لا نهي يقتضيه وجوب أو ندب أو حظر أو كراهة وَ اللّٰهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَ هُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ

(الباب الثاني و العشرون و مائة في معرفة مقام اليقين و أسراره)



إن اليقين مقر العلم في الخلد في كل حال بوعد الواحد الصمد
إن اليقين الذي التحقيق حصله اعكف عليه و لا تنظر إلى أحد
فإن تزلزل عن حكم الثبات فما هو اليقين الذي يقوى به خلدي

[اليقين هو ما يكون الإنسان فيه على بصيرة]

و اليقين هو قوله لنبيه ص وَ اعْبُدْ رَبَّكَ حَتّٰى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ و حكمه سكون النفس بالمتيقن أو حركتها إلى المتيقن و هو ما يكون الإنسان فيه على بصيرة أي شيء كان فإذا كان حكم المبتغي في النفس حكم الحاصل فذلك اليقين سواء حصل المتيقن أو لم يحصل في الوقت كقوله أَتىٰ أَمْرُ اللّٰهِ و إن كان لم يأت بعد و لكن تقطع النفس المؤمنة بإتيانه فلا فرق عندها بين حصوله و بين عدم حصوله و هو

قول من قال لو كشف الغطاء ما ازددت يقينا مع أن المتيقن ما حصل في الوجود العيني فقال اللّٰه لنبيه و لكل عبد يكون بمثابته اُعْبُدْ رَبَّكَ حَتّٰى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ فإذا أتاك اليقين علمت من العابد و المعبود و من العامل و المعمول به و علمت ما أثر الظاهر في المظاهر و ما أعطت المظاهر في الظاهر

[صاحب اليقين و صاحب علم اليقين]

و اعلم أن لليقين علما و عينا و حقا و لكل حق حقيقة و سيرد ذلك في باب له مفرد بعد هذا من هذا الكتاب إن شاء اللّٰه تعالى و إنما جعل له علما و عينا و حقا لأنه قد يكون يقينا ما ليس بعلم و لا عين و لا حق و يقطع به من حصل عنده و هو صاحب يقين لا صاحب علم يقين

[هل يصح أن يكون يقين أتم من يقين]

و اختلف أصحابنا في اليقين هل يصح أن يكون يقين أتم من يقين أم لا فإنه

روى عن النبي ص أنه قال في عيسى عليه السلام لو ازداد يقينا لمشى في الهواء أشار به إلى ليلة الإسراء و أن باليقين صح له المشي في الهواء و هذا التفسير ليس بشيء فإنه أسرى به ربه ليريه من آياته : و بعث إليه بالبراق فكان محمولا في إسرائه

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 204
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست