responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 203

في هذه النعمة و هي رؤيتهم ذلك التصريف من عند اللّٰه في مرضاة اللّٰه فيدخلون في حزب من شكره حق الشكر و هذا هو أعلى الشكر في الشاكرين و هو هين على العارفين المتجردين عن أوصافهم برد الأمور إلى اللّٰه

[نسبة الشكر إلى عالم البرازخ و هو الجبروت]

و ليس لهذا المقام نسبة إلا لعالم البرازخ و هو الجبروت ليعم الطرفين فإن البرازخ أتم المقامات علما بالأمور و هو مقام الأسماء الإلهية فإنها برزخ بيننا و بين المسمى فلها نظر إليه من كونها اسما له و لها نظر إلينا من حيث ما تعطي فينا من الآثار المنسوبة للمسمى فتعرف المسمى و تعرفنا

[الزيادة التي يعطيها الشكر ما هي]

و اختلف أصحابنا في الزيادة التي يعطيها الشكر هل هي من جنس ما وقع الشكر عليه أو لا يكون إلا من نعم أخر أو منهما فالمحققون يجعلونها من الجنس المشكور من أجله و ما لم يكن من جنسه فما هو من الزيادة التي أوجبها الشكر بل تكون تلك النعم من باب المنة ابتداء لا من باب الجزاء و منهم من قال أي نعمة وقعت بعد الشكر فهي جزاء و هي الزيادة و ما لم يقع عقيب شكر من النعم فهو من عين المنة و إنما قالوا ذلك لعدم معرفتهم بالمناسبة بين الأشياء التي اختارها الحكيم سبحانه و قصد القوم القائلون بهذا تنزيه الحق عن التقييد بل يعطي مما شاء من غير تقييد فالمحققون أكبر علما منهم و هؤلاء في الظاهر أنزه و في المعنى الكل سواء في تنزيه الحق و اللّٰه الموفق انتهى الجزء التاسع و التسعون >(بسم اللّٰه الرحمن الرحيم)<

(الباب الأحد و العشرون و مائة في مقام ترك الشكر)



إذا كان حال الشكر يعطي زيادة و كان الإله الحق سمعك و البصر
فلا يقبل الحق الزيادة فانتقد كلامي تجده عبرة لمن اعتبر
فقد زال حكم الشكر من كل عالم بما قلته فالترك للشكر قد شكر

[ما من أمر وجودى إلا و هو دليل على توحيد اللّٰه و وجوده]

اعلم أنه ما من عمل إلا و هو أمر وجودي و ما من أمر وجودي إلا و هو دلالة على وجود اللّٰه و توحيده سواء كان ذلك الأمر مذموما عرفا و شرعا أو محمودا عرفا و شرعا و إذا كان دلالة فهو نور و النور محمود لذاته فما ثم ما يجري عليه لسان ذم على الإطلاق كما أنه ما ثم معصية من مؤمن خالصة غير مشوبة بطاعة و هي الايمان بكونها معصية فتحقق هذا

[التكليف عملا كان أو تركا تصحبه الأولوية]

ثم حقيقة أخرى إنه ما ثم تكليف من عمل أو ترك إلا و الأولوية تصحبه لا بد من ذلك فيقال تركه أولى من العمل أو العمل به أولى من تركه و ما دخلته الأولوية فما هو خالص لأمر معين هذا معلوم دلالة عقل و كشف

[الصفات المحمودة إذا أخذها التفصيل تميزت بحسب المواطن عرفا و شرعا]

و اللّٰه قد جعل الشكر عبادة و العبادات لا تترك و جعل الصدق عبادة و ما أطلق عليه الحمد في كل موطن فإن الغيبة صدق و هو صدق مذموم و النميمة بالسوء صدق و هو مذموم و مواطن كثيرة للصدق يكون الصدق مذموما فيها مع الإطلاق إذ الصدق صفة محمودة فإذا أخذه التفصيل ميزته المواطن عرفا و شرعا كما إن الكذب بمطلقه صفة مذمومة فإذا أخذه التقييد و التفصيل ميزته المواطن عرفا و شرعا

[حق شكر اللّٰه منا الزيادة منا فيما شكر اللّٰه منا]

فإذا شكر الإنسان ربه و رأى الشكر و النعمة منه فقد أتى صفة محمودة و هو عبادة فمن أداها من حيث ما هي عبادة خاصة و لم يخطر له الشكر من أجل المزيد من جهة هذه العبادة كما أنه أيضا طلب المزيد من العلم عبادة مأمور بها فهنالك يكون طلب الزيادة عبادة و أما في غير ذلك الموطن فما هو عبادة مشروعة فإذا أدى الإنسان شكر رب النعمة بفصولها من غير طلب الزيادة فكأنه ترك ما يعطيه الشكر و ما يقتضيه طبع النفوس بذاتها من طلب زيادات النعم و لا يمنع هنا كون الحق سمعه و بصره أن يكون تاركا لطلب الزيادة إذا كان الحق لا ينقصه شيء فإن اللّٰه قد اتصف بكونه شاكرا و شكورا و طلب الزيادة من أعمالنا من كونه شكورا فتعين علينا بل وجب أن نعطي الشكر الإلهي حقه و هو الزيادة منا فيما شكر منا و الزيادة عبادات سواء كان ذلك تركا أو عملا

[رؤية العمل من الإنسان ترك لحق الشكر الذي يجب له]

فترك الشكر برؤية العمل من الإنسان ترك صحيح لحق الشكر الذي يجب له و هذا مقام العموم فيصح ترك الشكر من العامة من أهل اللّٰه و أما من قال شكر النعمة إنه حجاب على المنعم فما عنده معرفة بالحقائق فإن ذلك لا يصح في كل من شكر نعمة فبالضرورة شكر المنعم بها غير إن بعض الناس لا يرى المنعم إلا السبب و بعض الناس يرى المنعم اللّٰه سبحانه و الكمل من الناس يرون اللّٰه

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 203
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست