responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 202

شاهد صورته مراد اللّٰه فيه و ما علم له اسم رتبة يذكر به و لا ما له عند اللّٰه من العناية به التي ظهر أثرها عليه حين أقامه خليفة في أرضه و ما غربه عن موطنه و هو التراب الذي خلق منه و موطن ذلته لشهود عبوديته فإن الأرض ذلول فما حجبته الخلافة عن عبودته و إن كانت أعلى المراتب فهو فيها بالذات و الملائكة المقربون فيها بالعرض يقول تعالى لَنْ يَسْتَنْكِفَ الْمَسِيحُ لكونه يحيي الموتى و يخلق و يبرئ أَنْ يَكُونَ عَبْداً لِلّٰهِ ثم عطف فقال وَ لاَ الْمَلاٰئِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ و هم العالون عن العالم العنصري المولد فهم أعلى نشأة و الإنسان أجمع نشأة فإن فيه الملك و غيره فله فضيلة الجمع و لهذه جعله معلم الملائكة و أسجدهم له فمساق الآية يوزن بتقرير النعم عليه و إنما وقعت الصعوبة في هذا الذكر كونه نكرة و النكرة تعم في مساق النفي فالتنكير يوزن بتعميم نفي الذكر عنه من كل ذاكر و هو دليل على إن اللّٰه ما ذكره لمن أوجد قبله من الأعيان و إن كان مذكورا له في نفسه ثم ذكره لملائكته بمرتبته التي خلق لها لا باسمه العلم الذي هو آدم فاعلم

(الباب العشرون و مائة في معرفة مقام الشكر و أسراره)



الشكر شكران شكر الفوز و الرفد هذا من الروح و الثاني من الجسد
فالشكر للرفد يعطيني زيادته و الشكر للفوز مثل السلب للأحد
و الشكر للفوز محصور بغايته و الشكر للرفد لا يجري إلى أمد

[درجات الشكر في الأسرار و الأنوار الإلهية]

اعلم أن درجات الشكر في الأسرار الإلهية ألف درجة و مائتان و إحدى و خمسون درجة عند العارفين من أهل اللّٰه و عند الملامية منهم ألف و مائتان و عشرون و درجاته في الأنوار عند العارفين خمسمائة و إحدى و خمسون درجة و عند الملامية من أهل الأنوار خمسمائة و عشرون درجة

[الشكر هو الثناء على اللّٰه بما يكون منه]

اعلم أيدك اللّٰه أن الشكر هو الثناء على اللّٰه بما يكون منه خاصة لصفة هو عليها من حيث ما هو مشكور و من أسمائه الشكور و شاكر و قد قال لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ فهي صفة تقتضي الزيادة من المشكور للشاكر و هي واجبة بالاتفاق عقلا عند طائفة و شرعا عند طائفة فإن شكر المنعم يجب عقلا و شرعا و ما تسمى اللّٰه تعالى بشاكر لنا إلا لنزيده من العمل الذي أعطاه أن يشكرنا عليه لنزيده منه كما يزيدنا نعمة إذا شكرناه على نعمه و آلائه و لا يصح الشكر إلا على النعم

[الاسم الإلهي الشكور من خصوص أهل اللّٰه و الاسم الشاكر حظ العامة]

فتفطن لنسبة الشكر إليه تعالى ببنية المبالغة في حق من أعطاه من العمل ما تعين على جميع أعضائه و قواه الظاهرة و الباطنة في كل حال بما يليق به و في كل زمان بما يليق به فيشكره الحق على كل ذلك بالاسم الشكور و هذا من خصوص أهل اللّٰه و أما العامة فدون هذه الرتبة في أعمال الحال و الزمان و جميع الكل فإذا أتوا بالعمل على هذا الحد من النقص تلقاهم الاسم الشاكر لا الشكور فهم على كل حال مشكورون و لكن قال اللّٰه تعالى وَ قَلِيلٌ مِنْ عِبٰادِيَ الشَّكُورُ فهم خاصة اللّٰه الذين يرون جميع ما يكون من اللّٰه في حقهم و في حق عباده نعمة إلهية سواء سرهم ذلك أم ساءهم فهم يشكرون على كل حال و هذا الصنف قليل بالوجود و بتعريف اللّٰه إيانا بقلتهم و أما الشاكرون من العباد فهم الذين يشكرون اللّٰه على المسمى نعمة في العرف خاصة

[الشكر نعت إلهى و هو لفظى و علمى و عملى]

و الشكر نعت إلهي و هو لفظي و علمي و عملي فاللفظي الثناء على اللّٰه بما يكون منه على حد ما تقدم و العملي قوله تعالى وَ جِفٰانٍ كَالْجَوٰابِ وَ قُدُورٍ رٰاسِيٰاتٍ اعْمَلُوا آلَ دٰاوُدَ شُكْراً وَ قَلِيلٌ مِنْ عِبٰادِيَ الشَّكُورُ فهذا هو الشكر العملي و قوله وَ أَمّٰا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ فهو موجه له وجه إلى اللفظ و هو الذكر بما أنعم اللّٰه به عليه فإذا ذكر ما أنعم اللّٰه به عليه من النعم المعلومة في العرف من المال و العلم فقد عرض نفسه لنقصد في ذلك فيجود به على القاصد فيدخلك في الشكر العملي لأن من النعم ما يكون مستورا لا يعرف صاحبها أنه صاحب نعمة فلا يقصد فإذا حدث بما أعطاه اللّٰه و أنعم عليه به قصد في ذلك فلهذا أمر بالحديث بالنعم و التحدث بالنعم شكر و الإعطاء منها شكر على شكر فجمع بين الذكر و العمل فيقول الحمد لله المنعم المفضل

[الشكر العلمي هو حق الشكر و هو الشكر الحق]

و أما الشكر العلمي و هو حق الشكر فهو أن يرى النعمة من اللّٰه فإذا رأيتها من اللّٰه فقد شكرته حق الشكر

خرج ابن ماجة في سننه عن رسول اللّٰه ص أن اللّٰه أوحى إلى موسى يا موسى اشكرني حق الشكر قال موسى يا رب و من يقدر على ذلك قال يا موسى إذا رأيت النعمة مني فقد شكرتني حق الشكر هذا حال من رأى النعمة و من نعمته على عبده أن يوفقه لبذل ما عنده من نعم اللّٰه على المحتاجين من عباده فيعطيهم بيد حق لا بيده فهم ناظرون

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 202
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست