responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 201

حقائق فلو صح في وجه كما يزعم هذا المدعي لصح في جميع الوجوه

[درجات التوكل عند العارفين]

و له الدعوى و صاحبه مسئول و له الكشف و درجاته عند العارفين أربعمائة و سبع و ثمانون و درجات الملاميين فيه أربعمائة و ست و خمسون و له نسب إلى العالم كله من ملك و ملكوت و جبروت

(الباب التاسع عشر و مائة في ترك التوكل)



أنت الخليفة فيما أنت مالكه و الحق ليس به نفع و لا ضرر
ترك التوكل حال ليس يعلمه غير الوكيل فلا روح و لا بشر
كيف التوكل و الأعيان ليس سوى عين الموكل لا عين و لا أثر

[التوكل المشروع و التوكل الحقيقي]

التوكل مشروع فينال الحد المشروع منه و التوكل الحقيقي غير واقع من الكون في حال وجوده فما هو إلا للمعدوم في حال عدمه و ما ثم مقام يتصف به المعدوم و لا يصح في الموجود من جهة الحقيقة إلا التوكل فلا يزال المعدوم موصوفا بالتوكل حتى يوجد فإذا وجد خرج عنه التوكل فذلك المعبر عنه بترك التوكل

[التوكل المعروف عند العامة من أهل اللّٰه لا يصح تركه إلا لرجلين]

ثم أقول لا يصح ترك التوكل المعروف عند العامة من أهل اللّٰه إلا لرجلين الواحد علم أنه لا يصح فترك الشروع فيه لأنه عنده لا يمكن تحصيله لما رأى نفسه إذا أخذه ألم الجوع و عنده ما يدفعه به تناوله ليزيل ألم الجوع فلا فرق بينه و بين من يسترقي و يتطبب و يلجأ إلى محل الأمن من الأمور المخوفة مع الصحو و توفر العقل و العلم التام فالتوكل من حيث ما هو مقام هو حاصل و من حيث حاله ليس بحاصل فالتوكل يصح لا يصح و أما الرجل الآخر قال إن اللّٰه أعلم بمصالح الخلق و قد أَعْطىٰ كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ففيم التوكل مع هذا الفراغ فترك التوكل فإنه ما بقي له ما يعتمد على اللّٰه فيه لأنه قال فرغ ربك و مع هذا فهو واقف مع الأمر و النهي عامل بما أمر به أو نهى عنه من الأعمال قائم بالحكم المشروع عليه

[من أسرار التوكل ترك التوكل]

فمن أسرار التوكل ترك التوكل فإن ترك التوكل يبقي الأغيار و التوكل ينفي الأغيار و عند أكثر القوم أن الأعلى ما ينفي لا ما يبقى و عندنا و عند شيخنا أبي السعود بن الشبلي و أبي عبد اللّٰه الهواري بتنس من بلاد المغرب و أبي عبد اللّٰه الغزال بالمرية ببلاد الأندلس و أبي عمران موسى بن عمران الميرتلي بإشبيلية و غيرهم إن الأعلى ما يفنى ما ينبغي و يبقى ما ينبغي في الحال التي تنبغي و الوقت الذي ينبغي و به كان يقول عبد القادر الجيلي ببغداد فإن اللّٰه تعالى أفنى و أبقى يقول تعالى مٰا عِنْدَكُمْ يَنْفَدُ فلا تعتمد عليه وَ مٰا عِنْدَ اللّٰهِ بٰاقٍ فتعتمد على اللّٰه في بقائه فأفنى و أبقى و الإفناء حال أبي مدين في وقت إمامته و لا أدري هل انتقل عنه بعد ذلك أم لا لأنه انتقل عن الإمامة قبل أن يموت بساعة أو ساعتين الشك مني لبعد الوقت

[صاحب ترك التوكل ما له دعوى لأنه أمر عدمى]

و صاحب ترك التوكل ما له دعوى و هو غير مسئول لأنه أمر عدمي فجرى مجرى الأصل في قوله تعالى هَلْ أَتىٰ عَلَى الْإِنْسٰانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئاً مَذْكُوراً يريد عدمه في عينه لأنه كان مذكورا لله تعالى و الدهر اسم من أسماء اللّٰه و لهذا الاشتراك اللفظي نهي عن سب الدهر و

قال إن اللّٰه هو الدهر و ما ثم عين تسب لعينها و إنما تسب لما يصدر منها و ما يصدر كون إلا من اللّٰه و الدهر الزماني نسبة و قوله لَمْ يَكُنْ شَيْئاً مَذْكُوراً يعني الإنسان في ذلك الحين أي موجودا في عينه مع وجود الأعيان و لكن ما تعرفه حتى تذكره و لا هي ذات فكر حتى تجمعه في ذهنها تقديرا فتذكره فإن الفكر من القوي التي اختص بها الإنسان لا توجد في غيره

[تأخير نشأة الإنسان و وجود عينه]

ثم إن هذه الآية من أصعب ما نزل في القرآن في حق نقصان الإنسان و فيما يظهر من عدم الاعتناء الإلهي به و عندنا ما أخر اللّٰه نشأته و وجود عينه إلا اعتناء اللّٰه به لأنه لو أوجده اللّٰه أول الأشياء كان يمر عليه وقت لا يكون فيه خليفة فإنه ما ثم من قد هياه لمرتبة الخلافة و النيابة عنه فلا بد أن يتأخر وجود عينه عن وجود الأعيان حتى لا يزول عنه اسم الخلافة دنيا و لا آخرة فما وجد إلا ملكيا سيدا كما أنه مع غيره لله عبد مملوك ففضل العالم كله بالخلافة فلم تكن لغير الإنسان و هذه المرتبة أوجبت له أن يخلق على الصورة

[العالون عن العالم العنصري أعلى نشأة و الإنسان أجمع نشأة]

و من قال إن هذه الآية تدل على عدم الاعتناء الإلهي بالإنسان لأن اللّٰه متكلم أزلا عالم بما يكون أزلا و نفى أن يكون الإنسان شيئا مذكورا مع أنه شيء و لا بد لقوله إِنَّمٰا قَوْلُنٰا لِشَيْءٍ إِذٰا أَرَدْنٰاهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ فما يؤمر إلا من يسمع بسمع ثبوتي أو وجودي و نفى أن يكون الإنسان مذكورا في حين من الدهر و الدهر هنا الزمان و الحين جزء منه لم يكن فيه الإنسان مذكورا مع وجوده صورة إنسان و جهل من

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 201
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست