responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 198

الحق و الحق و الغيبة وجود ما هي عدم فوقع التناسب بين الموجودين فاندرج الأضعف في الأقوى فاعلم ذلك وَ اللّٰهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَ هُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ

(الباب السادس عشر و مائة في معرفة القناعة و أسرارها)



إن القناعة باب أنت داخله إن كنت ذاك الذي يرجى لخدمته
فاقنع بما أعطت الأيام من نعم من الطبيعة لا تقنع بنعمته
لو كان عندك مال الخلق كلهم لم يأكل الشخص منه غير لقمته

[القناعة لا تتنافى مع طلب المزيد من الخير من اللّٰه]

ليست القناعة عندنا الاكتفاء بالموجود من غير طلب المزيد أرسل اللّٰه تعالى على أيوب و هو نبي مكرم قيل فيه نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوّٰابٌ و أثنى عليه بالصبر مع دعائه ربه في كشف الضر عنه فازاله

فلما أرسل عليه رجلا من جراد من ذهب فأخذ يجمعه في ثوبه فقال له ربه أ لم أكن أغنيتك عن هذا فقال يا رب لا غنى بي عن خيرك فإن كان فعل هذا لما هو عليه ظاهر الحال فهو ما أردنا و إن كان ليقتدي به في ذلك فما فعل إلا ما هو أولى بالقربة إلى اللّٰه من تركه و هو من اَلَّذِينَ هَدَى اللّٰهُ و أمر اللّٰه نبيه ص بالاقتداء بهداهم و قال لنا لَقَدْ كٰانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللّٰهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ

[القناعة لغة هي المسألة و القانع هو السائل]

و القناعة عندنا على بابها في اللسان و هي المسألة و القانع السائل و السؤال من اللّٰه لا من غيره يقال قنع يقنع قنوعا إذا سأل و هو الذي رفع سؤاله إلى اللّٰه و هو قوله في الظالمين يوم القيامة مُقْنِعِي رُؤُسِهِمْ أي رافعين إلى اللّٰه يسألونه المغفرة عن جرائمهم و يجتمع الحدان في أمر و هو أن السائلين اللّٰه قنعوا به في سؤالهم و التجائهم إليه فلم يسألوا غيره تعالى فهذا معنى قول الأكابر الاكتفاء بالموجود و هو اللّٰه بالسؤال عن طلب المزيد و هو أن يتعدى بالسؤال إلى غيره

[من سأل غير اللّٰه فليس بقانع]

و الخلق عيال اللّٰه أي الفقراء إلى اللّٰه فمن سأل غير اللّٰه فليس بقانع و يخاف عليه من الحرمان و الخسران فإن السائل موصوف بالركون لمن سأله و اللّٰه يقول وَ لاٰ تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النّٰارُ وَ مٰا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللّٰهِ مِنْ أَوْلِيٰاءَ ثُمَّ لاٰ تُنْصَرُونَ و من ركن إلى جنسه فقد ركن إلى ظالم فإن اللّٰه يقول في الإنسان إِنَّهُ كٰانَ ظَلُوماً لحمله الأمانة و ما من أحد من الناس إلا حملها فلا تركن إلى غير اللّٰه و اكتف بالله في سؤالك تسعد إن شاء اللّٰه

[درجات القناعة و نسبها في منظور العارفين]

و للقناعة درجات عند العارفين من أهل الأنس و الوصال و هي ستمائة و اثنتان و خمسون درجة و درجاتها عند العارفين من أهل الأدب و الوقوف مائتان و سبع و خمسون درجة و درجاتها عند الملامية من أهل الأنس و الوصال ستمائة و إحدى و عشرون درجة و درجاتها عند الملامتية من أهل الأدب و الوقوف مائتان و ست و عشرون درجة و للقناعة الدعوى و لها نسبتان نسبة إلى عالم الجبروت و نسبة إلى عالم الملكوت و ليس لها إلى عالم الملك نسبة ظاهرة بل لها نسبة باطنة إلى عالم الملك يظهر ذلك القنوع و هذا القدر كاف فيها و اللّٰه الموفق

(الباب السابع عشر و مائة في مقام الشرة و الحرص في الزيادة على الاكتفاء)



لا تقنعن بشيء دونه أبدا و اشره فإنك مجبول على الشرة
و احرص على طلب العليا تحظ بها فليس نائمها عنها كمنتبه
إن الحلال حلال ما وثقت به و ليس مال حرام مثل مشتبه

[الشره و الحرص نحيزتان في جبلة الإنسان]

اعلم أيدك اللّٰه أن هاتين الصفتين مجبول عليهما الإنسان بما هو إنسان و كل ما هو الإنسان مجبول عليه فمن المحال زواله فهو مقام لا حال فإنه ثابت و يتطرق إليه الذم من جهة متعلقة إذا كان مذموما شرعا و عقلا قال تعالى وَ لَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النّٰاسِ عَلىٰ حَيٰاةٍ و

قال ص زادك اللّٰه حرصا و لا تعد فالآية موجهة لطرفي الحمد و الذم لو لا الضمير الذي في قوله وَ لَتَجِدَنَّهُمْ فإنه يعود على قوم مذمومين و قرينة الحال تدل على أن مساقه الحرص فيها على الذم تكذيبا لهم فيما ادعوه من أن الدار الآخرة خالصة لهم من دون الناس فمن نظر في الحرص هنا الدلالة على كذبهم كان محمودا فيهم لأنه دليل إلهي على كذبهم فهو من جانب الحق فيهم عليهم حجة لله و لله اَلْحُجَّةُ الْبٰالِغَةُ و المذموم هو المذموم من كل وجه من حيث ما هو فيهم لا من حيث دلالته عليهم و كان متعلقة ما يفنى و تكذيب الصادق كان مذموما و أما في الخبر الذي أوردناه فهو محمود لأنه حرص على أداء عبادة مفروضة

[الشره و الحرص من صفات الوارث سائس الأمة]

ثم إنه مع هذا فإنهما صفتان من صفات العالم الوارث

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 198
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست