responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 194

كنى عنه الشرع بالغت و الغط في نزول الوحي عليه كصلصلة الجرس و هو أشده عليه فإن نزوله شديد على هذا الهيكل البشري و لا سيما إن كان النزول بالقرآن كما قال وَ لَوْ أَنَّ قُرْآناً سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبٰالُ أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الْأَرْضُ و قد يكون من الجبال القوة الماسكة الطبع الذي من شأنه الميل نظير الميد في الأرض و يكون من الأرض أرض الأجسام الطبيعية أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتىٰ و من أصناف الموت الجهل يقول تعالى أَ وَ مَنْ كٰانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْنٰاهُ لكان هذا القرآن يحيا بما فيه من العلم و يقطع به الأرض و تسير الجبال بما فيه من الزجر و الوعيد

[كل كلام إلهى له أثر في المحل المنزل عليه]

و قوله قُرْآناً بالتنكير دليل على أحد أمرين إما على آيات منه مخصوصة كما ضرط الجبار عند ما سمع صٰاعِقَةً مِثْلَ صٰاعِقَةِ عٰادٍ وَ ثَمُودَ و إما أن يكون ثم أمر آخر ينطلق عليه اسم قرآن غير هذا لغة و لو حرف امتناع لامتناع فهل هو داخل تحت الإمكان فيوجد أو ما هو ثم إلا بحكم الفرض و التقدير فأما عندنا فكل كلام إلهي من كلمة مركبة من حرفين إلى ما فوق ذلك من تركيبات الحروف و الكلمات المنسوبة إلى اللّٰه بحكم الكلام فإنه قرآن لغة و له أثر في النزول في المحل المنزل عليه إذا كان في استعداده التأثر بنزوله فإن لم يكن فلا يشترط و الاستعداد من المحل أن يكون حاله العبودة و العبودية و أثره في حال العبودية أتم منه في حال العبودة فإن سمع المحل أو نزل عليه في حال كون الحق سمعه حصل له النزول و لم يظهر له أثر عليه لأنه حق في تلك الحالة فينتفي عنه الخشوع و هذا أصل يطرد في كل وصف لا يكون له في الألوهة مدخل كالذلة و الافتقار و الخشوع و الخوف و الخشية فإنه يتأثر صاحب هذا الحال و كل كون يكون حالة نعت إلهي كالكرم و الجود و الرحمة و الكبرياء فإنه لا يؤثر في صاحبه أصلا فإنه نعت حق فله العزة و المنع هذا مطرد و قد نزل علينا من القرآن ذوقا عرفنا من ذلك صورة نزوله على نبيه ص فوجدنا له ما لم نجد لحفظ حروفه و لا لتدبر معانيه و نزل علينا في الحالين فأثر في الحال الواحد الكوني و لم يؤثر في الحال الإلهي إلا لذة خاصة فإنه لا بد منها و أما خشوعا فلا و لهذا ينسب إلى الجناب الإلهي الأقدس ما ينسب من الفرح و هو التذاذ

[من استظهر القرآن أدرجت النبوة بين جنبيه]

ثم إن اللّٰه جعل مثل هذا أمثالا مضروبة للناس يُضِلُّ بِهِ كَثِيراً وَ يَهْدِي بِهِ كَثِيراً وَ مٰا يُضِلُّ بِهِ إِلاَّ الْفٰاسِقِينَ الخارج عن الحالين و العاري عن التلبس بالحكمين و هي حالة الغافلين عما خلقوا له و عما فضلوا به لم يمت أبو يزيد حتى استظهر القرآن و هو تنزيله عليه ذوقا و

من استظهر القرآن فقد أدرجت النبوة بين جنبيه كذا قال ص و هذا الفرق بين تنزله على النبي ص و بين تنزله علينا فإنه منزل في النبي ص على قلبه و في صدره فنبوته له مشهودة و ينزل علينا بين جنبينا من وراء حجابنا فهو لنا في الظهر لا في الظهور فنبوتنا مستورة عنا مع كوننا محلا لها فمن خشع تصدع و من علم يخشى

(الباب الحادي عشر و مائة في ترك الخشوع)



من تجلى لنفسه كيف يخشع و به تنظر العيون إليه
فقوانا قواه من غير شك هكذا نص لي الرسول عليه

[المحجوب بربه عن ذاته في حال صحوه و إثباته]

إذا كان العبد في نعت إلهي و ورد التجلي عليه و تلقاه بذلك النعت أورثه لذة و فرحا و ابتهاجا و سرورا و لم يجد خشوعا و لا ذلة فينسب ذلك الفرح للظاهر في المظهر لا من حيث هو ظاهر فهو سرور بكمال و أثره في المظهر من حيث ما هو مظهر فهو محجوب عن ذاته بربه في حال صحوه و ظهوره و حضوره و إثباته و بقائه و ترك الخشوع لمن ليست هذه حالته مذموم مطرود

(الباب الثاني عشر و مائة في مخالفة النفس)



خالف هواك فإنه محمود و اعلم بأنك وحدك المقصود
الكل يسعد غير من هو مثله فلتلق سمعك لي و أنت شهيد
أنت العزيز فذق وبال صفاته يوم القيامة و الأنام شهود

[مخالفة النفس هو الموت الأحمر]

اعلم أيدك اللّٰه أن مخالفة النفس هو الموت الأحمر و هو حال شاق عليها و هي المخالفة نفسها فالمخالف عين المخالف و هذا من أعجب الأمور أعني وجود المشقة نعم لو كان المخالف نفسا أخرى لم يكن التعجب من حصول المشقة في ذلك

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 194
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست