responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 191

هناك و المعرفة معدومة من هذا الصنف من الناس

[ما يصبر تحت الاختبار الإلهي إلا الذي حاز رتبة الكمال]

و ما صبر تحت الاختبار الإلهي إلا الذهب الخالص المعدني الذي حاز رتبة الكمال و ما بقي فيه من تربة المعدن شيء و كل تكليف فتنة و جميع المخلوقات فتنة و الاطلاع على نتائج الأعمال فتنة و هي حالة مقام يستصحب إلى الجنة و كان رسول اللّٰه ص و هو صاحب الكشف الأتم و العالم بما ثم يستعيذ من فتنة القبر و عذاب النار و فتنة المحيا و الممات

[الشهوة العرضية و الشهوة الذاتية]

و أما الشهوة فهي إرادة الملذوذات فهي لذة و التذاذ بملذوذ عند المشتهي فإنه لا يلزم أن يكون ذلك ملذوذا عند غيره و لا أن يكون موافقا لمزاجه و لا ملاءمة طبعه و ذلك أن الشهوة شهوتان شهوة عرضية و هي التي يمنع من اتباعها فإنها كاذبة و إن نفعت يوما ما فلا ينبغي للعاقل أن يتبعها لئلا يرجع ذلك له عادة فتؤثر فيه العوارض و شهوة ذاتية فواجب عليه اتباعها فإن فيها صلاح مزاجه لملاءمتها طبعه و في صلاح مزاجه و في صلاح دينه سعادته و لكن يتبعها بالميزان الإلهي الموضوع من الشارع و هو حكم الشرع المقرر و فيها سواء كان من الرخص أو العزائم إذا كان متبعا للشرع لا يبالي فإنه طريق إلى اللّٰه مشروعة فإنه تعالى ما شرع إلا ما يوصل إليه بحكم السعادة و لا يلزم أيضا أن يكون ما يشتهيه في هذه الحال أن يشتهيه في كل حال و لا في كل وقت فينبغي له أن يعرف الحال الذي ولد تلك الشهوة عنده و الوقت الذي اقتضاها و قد تتعلق بأعمال الطاعات هذه الشهوات العرضية فتوجب بعدا كمن يرى موضعا يستحسنه طبعه فيشتهي إن يصلي فيه أو لفضيلة يعلمها في ذلك الزمان على غيره فإن ذلك يؤثر في حاله مع اللّٰه أثر سوء و ميزان ذلك الالتذاذ بعمل لا لشهود إلهي و هذا من المكر الخفي و لأبي يزيد في هذا قدم راسخة و قد نبه على ذلك لما سألته أمه في ليلة باردة أن يسقيها ماء و كان برا بها فثقل عليه القيام و قد كان ملتذا في جميع أحواله في خدمة أمه فاتهم نفسه في تلك اللذة إذ كان يتخيل أنه لا يلتذ بخدمة أمه إلا لإقامة حق اللّٰه و لا بعبادة إلا لإقامة حق اللّٰه فيها فرمى كل عبادة تقدمت له كان له التذاذ بها و تاب توبة جديدة

[أغوار النفوس لا يدركها إلا الفحول من أهل اللّٰه]

فأغوار النفوس لا يدركها إلا فحول أهل اللّٰه فلا تفرح بالالتذاذ بالطاعات و رفع المشقة فيها عنك دون ميزان القوم في ذلك فإذا اقترنت هذه الشهوة بصحبة أهل البدع و هم الأحداث و بصحبة الصبيان الصباح الوجوه و النساء في اللّٰه تعالى فيما تخيل له أنه في اللّٰه تعالى ففي طي هذا التعلق مكر إلهي خفي و لو تعلق ذلك الالتذاذ منه بغير هؤلاء الأصناف فليس ذلك بميزان يعرف به مكر اللّٰه حتى يفرق بين الصحبة لله و الصحبة لشهوة الطبع إلا أن يصحب العلماء بالله أهل الورع أو شيخه إن كان من أهل الأذواق فذلك أمر آخر و الذي ينبغي له أن يزن به حاله في دعواه إنه ما صحب الأحداث و النساء إلا لله إذا وجد ألما و وحشة عند فقده إياهم و هيجانا إلى لقائهم و فرحا بهم عند إقبالهم فتعلم عند ذلك أن الصحبة لهذا الصنف معلومة ليست لله و إن وقعت المنفعة للمصحوب منه فيسعد المصحوب و يشقى هذا المحب شقاوتين الواحدة فقد المحبوب و الأخرى بالجهل و عدم العلم فيما كان يتخيل أنه علم و أنه صحب لله و في اللّٰه و أما إن كان ممن تتعلق تلك المحبة منه بجميع المخلوقات و من جملة المخلوقات أيضا هؤلاء الأصناف فقد يكون ذلك خديعة نفسية و ميزانه أن لا يستوحش عند مفارقة واحد واحد فإنه لا يخلو عن مشاهدة مخلوق فمحبوبه معه ما فارقه فإن العين واحدة لو غاب عضو من أعضاء محبوبك مع بقاء عينه معك ما وجدت ألما و الخلق كلهم أعضاء بعضهم لبعض و أيضا إن تعلق بجميع المخلوقات على علم من صاحبه بعموم التعلق ابتداء في غير هؤلاء الأصناف ثم تظهر هؤلاء الأصناف و لا يجد مزيدا في ميزانه فيدخلهم في عموم ذلك التعلق فذلك مبناه على أصل صحيح و إن انجر معه الطبع في هذا الصنف و وجد معه الألم عند فقده على الخصوص فذلك لا يؤثر في خلوص تعلقه الإلهي في دعوته و نصيحته لصحة الأصل فإن حدث عنده عموم التعلق في ثاني الحال من تعلقه بصحبة هذا الصنف فلا يعول عليه فذلك تلبيس من النفس فليحذر منه و ليترك صحبتهم جملة واحدة و كلامنا إنما هو مع أهل الطريق و لا بد من تمحيص هذا التعميم الذي وجده في ثاني حال من صحبتهم كما يمحص نفسه صاحب السماع المقيد بالنغمات إذا أرسله مطلقا بعد تحصيله ابتداء من المقيد بالنغمات فهو أصل معلول فلا يعتمد من هذه حالته على سماعه المطلق المكتسب في ثاني حال فإن ذلك تلبيس النفس حتى لا تترك السماع المقيد

[عيون العارفين في قلوبهم يرون ما تجهله من نفسك]

و الإنسان إذا أنصف لربه من نفسه و لنفسه من نفسه عرف حاله بل كان أعرف بحاله من غيره إلا من العارفين بالله فإنهم أعرف به من

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 191
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست