responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 190

أقوى فهكذا ينبغي أن تكون شهوة أهل اللّٰه

[صحبة الأحداث و أهل البدع]

و أما صحبة الأحداث و هم المردان و أهل البدع الذين أحدثوا في الدين من التسنين المحمود الذي أقره الشارع فينا فينظر العارف في المردان من حيث إنه أملس لا نبات بعارضيه كالصخرة الملساء فإن الأرض المرداء هي التي لا نبات فيها فذكره مقام التجريد و أنه أحدث عهد بربه من الكبير و قد راعى الشرع ذلك في المطرف كلما قرب من التكوين كان أقرب دلالة و أعظم حرمة و أوفر لدواعي الرحمة به من الكبير البعيد عن هذا المقام و أما كونهم أحداثا لهذا المعنى لأنهم حديثو عهد بربهم و في صحبتهم تذكر حدثهم ليتميز قدمه تعالى به فهو اعتبار صحيح و طريق موصلة و أما إن كان من أحداث التسنين فيؤيده قوله تعالى مٰا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ و مٰا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنَ الرَّحْمٰنِ مُحْدَثٍ فذم من لم يتلقاه بالقبول فهكذا نظر العارفين فيه و أما المريدون و الصوفية فحرام عليهم صحبة الأحداث لاستيلاء الشهوة الحيوانية عليهم بسبب العقل الذي جعله اللّٰه مقابلا لها فلو لا العقل لكانت الشهوة الطبيعية محمودة

[حنين العارفين إلى النساء و في أخذ الإرفاق منهن]

و أما النسوان فنظر العارفين فيهن و في أخذ الإرفاق منهن فحنين العارفين إليهن حنين الكل إلى جزئه كاستيحاش المنازل لساكنيها التي بهم حياتها و لأن المكان الذي في الرجل الذي استخرجت منه المرأة عمره اللّٰه بالميل إليها فحنينه إلى المرأة حنين الكبير و حنوه على الصغير و أما أخذ الإرفاق منهن فإنه يأخذه منهن لهن كما أخذه رسول اللّٰه ص حين أمرهن أن يتصدقن لأنه يسعى في خلاصهن لما رآهن أكثر أهل النار فأشفق عليهن حيث كن منه فهو شفقة الإنسان على نفسه و لأنهن محل التكوين لصورة الكمال فحبهن فريضة و اقتداء به عليه السلام

قال رسول اللّٰه ص حبب إلي من دنياكم ثلاث النساء و الطيب و جعلت قرة عيني في الصلاة فذكر النساء أ ترى حبب إليه ما يبعده عن ربه لا و اللّٰه بل حبب إليه ما يقر به من ربه و لقد فهمت عائشة أم المؤمنين ما أخذ النساء من قلب رسول اللّٰه ص حين خيرهن فاخترنه فأراد اللّٰه تعالى جبرهن و إيثارهن في الوقت و مراعاتهن و إن كان بخلاف مراد رسول اللّٰه ص فقال لاٰ يَحِلُّ لَكَ النِّسٰاءُ مِنْ بَعْدُ وَ لاٰ أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْوٰاجٍ وَ لَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ إِلاّٰ مٰا مَلَكَتْ يَمِينُكَ فأبقى عليه رحمة به لما جعل في قلبه من حب النساء ملك اليمين و هذه من أشق آية نزلت على رسول اللّٰه ص فقالت عائشة ما كان اللّٰه ليعذب قلب نبيه ص و اللّٰه ما مات رسول اللّٰه ص حتى أحل له النساء فمن عرف قدر النساء و سرهن لم يزهد في حبهن بل من كمال العارف حبهن فإنه ميراث نبوي و حب إلهي فإنه

قال ص حبب إلي فلم ينسب حبه فيهن إلا إلى اللّٰه تعالى فتدبر هذا الفصل تر عجبا

[الميزان المشروع موضوع لوزن أفعال العباد]

و أما المريدون الذين هم تحت حكم الشيوخ فهم بحكم أشياخهم فيهم فإن كانوا شيوخا حقيقة مقدمين من عند اللّٰه فهم أنصح الناس لعباد اللّٰه و إن لم يكونوا فعليهم و على أتباعهم الحرج من اللّٰه لأن اللّٰه قد وضع الميزان المشروع في العالم لتوزن به أفعال العباد و الأشياخ يسألون و لا يقتدى بأفعالهم إلا إن أمروا بذلك في أفعال معينة قال تعالى فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ و هم أهل القرآن أهل اللّٰه و خاصته و أهل القرآن هم الذين يعملون به و هو الميزان الذي قلنا و لا ينبغي أن يقتدي بفعل أحد دون رسول اللّٰه ص فإن أحوال الناس تختلف فقد يكون عين ما يصلح للواحد يفسد به الآخر إن عمل به و العلماء الذين يخشون اللّٰه أطباء دين اللّٰه المزيلون علله و أمراضه العارفون بالأدوية فإذا كان رسول اللّٰه ص قد اختلف الناس في أفعاله هل هي على الوجوب أم لا فكيف بغيره مع قول اللّٰه تعالى لَقَدْ كٰانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللّٰهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ و قوله فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّٰهُ و هذا كله ليس بنص منه في وجوب الاتباع في أفعاله فإنه ص قد اختص بأشياء لا يجوز لنا اتباعه فيها و لو اقتدينا به فيها كنا عاصين مأثومين

[وجوب اجتناب كل أمر يؤدى إلى شغل القلب بغير اللّٰه]

فينبغي لكل مؤمن و يجب على كل مدع في طريق اللّٰه إذا لم يكن من أهل الكشف و الوجود و الخطاب الإلهي و ممن لا يكون يطفي نور معرفته نور ورعه أن يجتنب كل أمر يؤدي إلى شغل القلب بغير اللّٰه فإنه فتنة في حقه و يجب عليه إن يغلب عقله على شهوته بل يسعى في قطع المألوفات و ترك المستحسنات الطبيعية و ما يميل الطبع البشري و يجتنب مواضع التهم و صحبة المبتدعين في الدين ما لم يأذن به اللّٰه و هم الأحداث و كذلك صباح الوجوه من المردان مجالسة و النساء و أخذ الإرفاق فإن القلوب تميل إلى كل من أحسن إليها و الطبع يطلبهم و القوة الإلهية على دفع الشهوات النفسية ما هي

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 190
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست