responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 188

الجوع المشروع الاختياري و ما لنا طريق إلى اللّٰه إلا على الوجه المشروع و لو لا إن اللّٰه جعل هذا حد المصلحة في عموم خلقه لما وقته إلى هذا القدر فلا يكون الإنسان في الزيادة عليه أعلم بمصالح الجوع في العبد من ربه هذا غاية سوء الأدب فإن كان ممن يطعم و يسقى في مبيته و فنائه و يجد أثر ذلك في قوته و صحة عقله و حفظ مزاجه فليواصل ما شاء فإنه ليس بصاحب جوع و كلامنا في الجوع و إن كان أيضا ممن يستغرقه حال و وارد قوي يحول بينه و بين الطعام كأبي عقال فإن كان صاحب فائدة فهي المطلوب و إن لم يكن فذلك مرض يعرض حاله على الأطباء و ما ذلك مطلب القوم

[جوع الأكابر]

و أما جوع الأكابر فجوع اضطرار فإن الذي ينتجه الجوع قد حصل لهم ملكة لا تزول عنهم في حال جوع و لا شبع فلم يبق إلا التقليل و لكن من الحلال إما للنشاط في الطاعات و إما لخفة الحساب

فإن النبي ص قال إنكم لتسئلون عن نعيم هذا اليوم و لم يكن سوى تمر و ماء و ما أدخل نفسه في الجماعة فإن لله عبادا سليمانيين يقول اللّٰه لهم هٰذٰا عَطٰاؤُنٰا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسٰابٍ و هم سبعون ألفا في هذه الأمة قد نعتهم النبي ص و الخبر صحيح و عكاشة منهم بالنص عليه

[ترك العمل اتباعا أعظم أجرا من العمل ابتداعا]

فينبغي للصالح السالك أن لا يزيد على الحد المشروع فيكون متبعا فإن ترك العمل بالاتباع أعظم أجرا من العمل بالابتداع فإنا بالاتباع بحكم الأصل فإن وجودنا تبع لوجود من أوجدنا فلتكن أفعال العلماء بهذه المرتبة على ذلك و لما

قال ص إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم فسدوا مجاريه بالجوع و العطش لم يختلف أحد من العلماء و لا من أهل اللّٰه إنه أراد الصوم و التقليل من الطعام في السحور المسنون لمن واصل و في الإفطار لمن أفطر فإنه قال بحسب ابن آدم لقيمات يقمن صلبه فلا يتعدى المريد الحد الذي سنه من شرع الطريق إلى اللّٰه به و لا تعرف قدر ما دللتك عليه إلا في نتيجته إن فتح لك هنا و لا تجع من غير صوم فإنه غير طريق مشروعة و لا تجعل سبب ذلك حديث أجر الصوم فذلك ليس لك إنما هو للعمل و دع النفس ترغب في الأجرة التي لها على ذلك فإن فيها من يطلب ذلك و أنت بالسر الإلهي و الروح الامري بمعزل عن هذا الطلب الذي تطلبه النفس الحيوانية فإنك مجموع و لا تلحق بأهل الغلط من أهل هذه الطريق الذين يجوعون تلامذتهم من غير صوم أو يصومونهم ثم يطعمونهم قبل غروب الشمس ذلك غلط منهم و جهل بطريق اللّٰه تعالى و إن كانوا يقصدون بذلك مخالفة النفوس فما هذا موضعه و إنما ينبغي أن يخالفوها في تعيين المأكول على حد مخصوص و وجه معين و ميزان مستقيم يعرفه أهل اللّٰه فإذا مالت إلى طعام خاص معين عندها حتى لا تكره شيئا من نعم اللّٰه و لقد عملت على هذا زمانا حتى طاب لي كل شيء كنت لا أقدر على أكله و تمجه نفسي و كذلك في التقليل منه و هو أشد ما على النفس أن تشرع في الشيء ثم يحال بينها و بين التملي منه و اللّٰه الموفق لا رب غيره

(الباب السابع و مائة في ترك الجوع)



الجوع بئس ضجيع العبد جاء به لفظ النبي فلا ترفع به رأسا
قد أدرك القوم في تعيينه غلط و لم يقيموا له وزنا و قسطاسا
من قال ما الجوع لم يعرف حقيقته و قد أضل بما قد قاله الناسا
جوع العوائد محمود و لست أرى فيما أراه من استعماله بأسا
جوع الطبيعة مذموم و ليس يرى فيه المحقق بالرحمن إيناسا

[إعطاء النفس حقها من الغذاء]

ترك الجوع عند القوم ليس الشبع و إنما هو إعطاء النفس حقها من الغذاء الذي جعل اللّٰه به صلاح مزاجها و قوام بنيتها فإذا أحس صاحب هذه الحالة بالجوع فذلك جوع العادة

[لا يذم حال يعطى الفوائد]

خرج أبو بكر البزار في مسنده أن النبي ص كان يتعوذ من الجوع و يقول إنه بئس الضجيع و لا يذم حال يعطي الفوائد فدل أنه لا فائدة في مثل هذا الجوع و أن الفوائد فيما أظهر الشرع ميزانه من ذلك فترك الجوع عبادة و طريق موصلة إلى اللّٰه و

بهذا فضل سلمان على أبي الدرداء و شهد له بذلك رسول اللّٰه ص إن لنفسك عليك حقا و لعينك عليك حقا و لزورك عليك حقا و لأهلك عليك حقا فقم و نم و صم و أفطر و أعط كل ذي حق حقه فإنك لا تدخل على الحق أبدا و لا حد عليك حق و أعظم الحقوق حق اللّٰه ثم حق نفسك انتهى الجزء السابع و التسعون بانتهاء السفر الثالث عشر و الحمد لله

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 188
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست