responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 177



العين واحدة إذا حققتها مضت المطامع فانتفى حكم الطمع
ما تطلب الأعمال عين وجودها إلا لضعف في البصائر أو صدع

[الأحكام الأربعة للأمور:الظاهر الباطن الحد المطلع]

لما كانت الأمور كلها لها أربعة أحكام حكم ظاهر و حكم باطن و حكم حد و حكم مطلع و كان الورع يحكم على ظاهر صاحبه و باطنه بالحد فأبان له هذا العمل وجه الحق في كل شيء و هو المطلع فاطلع فما وقعت عينه على الأشياء و إنما وقعت عينه على وجه الحق فيها الذي ارتبطت في وجودها به و الذي ظهرت عنه فاقتضى حاله ترك الورع لأنه لا ينبغي أن يجتنب رؤية وجه الحق في الأشياء و ما هو من حكم ما لا ينبغي فإن العبد لا يقدر أن يدفع عن نفسه التجلي إذا كان حقيقة فهو محكوم عليه به

[المعنى الحقيقي لمقام ترك الورع]

و لست أعني بقولي ترك الورع إن صاحبه يتناول الحرام أو الشبهة بعد علمه بذينك هذا لا يقول به أحد و إنما صاحب هذا المقام يتناول الأشياء بحسب ما خاطبه به الشرع فلا يأكل إلا حلالا و لا يتصرف إلا حلالا فإن العلامة أزالها الحق عنه برؤية الوجه و الورع بغير علامة سوء ظن بالناس و حاشى أهل اللّٰه و لا سيما أصحاب مشاهدة الوجه أن يسيئوا الظن بعباد اللّٰه أو يخطر شيء من قبائحهم ببال صاحب هذا الحال المتمكن في مقامه

[ليكن نظرك دائما إلى اللّٰه و شغلك دأبا بالله]

و لقد لقي بعض أصحابنا بعض الأبدال في سياحته فأخذ يذكر له ما هم الناس عليه من فساد الأحوال في الملوك و الولاة و الرعايا فغضب البدل و قال له ما لك و عباد اللّٰه لا تدخل بين السيد و عبده فإن الرحمة و المغفرة و الإحسان لهؤلاء يطلبون أ تريد أن تبقي الألوهية معطلة الحكم اشغل بنفسك و أعرض عن هذه الأشياء و ليكن نظرك إليه تعالى و شغلك بالله

[الحياة الروحية طريق مع رفيق إلى الرفيق]

و لقد اتفق لي في بدايتي و ما ثم إلا بداية و أما النهاية فمقولة غير معقولة دخلت على شيخنا أبي العباس العريني و أنا في مثل هذه الحال و قد تكدر على وقتي لما أرى الناس فيه من مخالفة الحق فقال لي صاحبي عليك بالله فخرجت من عنده و دخلت على شيخنا أبي عمران الميرتلي و أنا على تلك الحالة فقال لي عليك بنفسك فقلت له يا سيدنا قد حرت بينكما هذا أبو العباس يقول عليك بالله و أنت تقول عليك بنفسك و أنتما إمامان دالان على الحق فبكى أبو عمران و قال لي يا حبيبي الذي دلك عليه أبو العباس هو الحق و إليه الرجوع و كل واحد منا دلك على ما يقتضيه حاله و أرجو إن شاء اللّٰه أن يلحقني بالمقام الذي أشار إليه أبو العباس فاسمع منه فإنه أولى بي و بك فما أحسن إنصاف القوم فرجعت إلى أبي العباس و ذكرت له مقالة أبي عمران و قال لي أحسن في قوله هو دلك على الطريق و أنا دللتك على الرفيق فاعمل بما قال لك و بما قلته لك فتجمع بين الرفيق و الطريق

[من لا يصحب الحق في سفره ليس على بينة من سلامته فيه]

و كل من لا يصحب الحق في سفره فليس هو على بينة من سلامته فيه و كل من تورع بغير علامة له من اللّٰه في الأشياء و ما ثم حكم معين في ذلك الأمر من رؤية معاملة خاصة مشاهدة في الوقت تقتضي الحرام أو الشبهة فصاحب هذا الورع مخدوع مقطوع به عن اللّٰه فإن حاله سوء الظن بعباد اللّٰه فباطنه مظلم و خلقه سيئ فهو و لا شيء في حكم واحد بل لا شيء أحسن منه فينبغي للإنسان أن يتحفظ إذا أراد أن يكون ورعا كما أوجب اللّٰه عليه بأن يتحقق و يكون على بصيرة فيما يتورع و هذا قليل العلم به لمن لا علامة له لأن الإنسان لو رأى إنسانا على مخالفة حق مشروع و فارقه لحظة ثم رآه في في اللحظة الأخرى و حكم عليه بالحالة الأولى فما و في الألوهية حقها و لا الأدب مع اللّٰه حقه و كان قرين إبليس حليف الخسران سيئ الظن بالله و بعباده و كان ورعه مقتا وَ اللّٰهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَ هُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ

(الباب الثالث و التسعون في الزهد)



الزهد ترك محلل و محلل و محلل فازهد فزهدك ازهد
و الترك شيء لا وجود لعينه و له لسان في الشريعة يحمد
في الزهد تعظيم الأمور و ما له عند المحقق قيمة لا تجحد

[ترك طلب الدنيا له أثر إلهى في القلب]

الزهد لا يكون إلا في الحاصل في الملك و الطلب حاصل في الملك فالزهد في الطلب زهد لأن أصحابنا اختلفوا في الفقير الذي لا ملك له هل يصح له اسم الزاهد أو لا قدم له في هذا المقام فمذهبنا أن الفقير متمكن من الرغبة في الدنيا و التعمل في تحصيلها و لو لم يحصل فتركه لذلك التعمل و الطلب و الرغبة عنه يسمى زهدا بلا شك و ذلك الطلب في ملكه حاصل فلهذا حددناه بما ذكرنا و لقد فاوضت في هذه المسألة جماعة من أهل اللّٰه فأكثرهم قال بقولنا و سبب ذلك أن

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 177
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست