responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 175

ذلك إلا بتعريف اللّٰه إيانا بما يعطيه في قلوبنا من علوم الإلهام أو بما يبلغنا من ذلك في الكتب المنزلة و الإخبارات النبوية و أما طريق آخر غير ذلك فما هو ثم

[الدلالات العقلية و التعريفات الشرعية و العبادات الحقيقية]

فالسنن الدلالات العقلية لأنها طرق و الفرائض هي التعريفات الشرعية بما هو الحق تعالى عليه بالنسبة إليه و بالنسبة إلى خلقه فاعبدوا اللّٰه عباد اللّٰه على النعت الذي وصف به نفسه في كتابه أو على لسان ألسنة رسله من غير زيادة و لا نقصان و لا تأويل يؤدي إلى تطفيف أو رجحان بل سلم إليه جل جلاله ما وصف به نفسه و إن استحال أو تناقض فذلك لقصورنا و جهلنا بما هو الأمر عليه و قد وفينا ما أعطته القوة العقلية النظرية من العلم في وجوده و بصدق المبلغين عنه تعالى ما أنزله على عبيده قلنا القبول من غير اعتراض و لو تناقض الأمر و استحال فما هو للعقل مجهول بالذات كيف يدخله فيما يرجع إلى ذاته في وجوب أو جواز أو استحالة فلا يتعدى العقل حده و يسلم إليه سبحانه ما أنزله و عرفنا به مما هو عليه فإن اللّٰه يَقُولُ الْحَقَّ وَ هُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ فلنا الايمان به و بما جاء من عنده على علمه في ذلك في كتاب و على لسان رسول و اللّٰه يوفقنا للوقوف عند ذلك فإنه لا يهلك على اللّٰه إلا هالك انتهى الجزء الخامس و التسعون (بسم اللّٰه الرحمن الرحيم)

(الباب الحادي و التسعون في معرفة الورع و أسراره)



ورع الطريقة في اجتناب محارم مهما أتتك و ما له وجهان
فإذا أتاك مخلصا لجلاله و تركته ورعا فمن نقصان
لما جهلت الأمر قلت بعكسه و تبين النقصان في الايمان

[الورع:لغة و شرعا]

الورع الاجتناب و هو في الشرع اجتناب الحرام و الشبه لا اجتناب الحلال

قال ص دع ما يريبك إلى ما لا يريبك في هذا الباب و هذا عين ما قلناه و هذا الحديث من جوامع الكلم و فصل الخطاب و قال بعضهم ما رأيت أسهل علي من الورع كل ما حاك له شيء في نفسي تركته عملا بهذا الحديث

[الحرام بالنص العبد مأمور باجتنابه]

فأما الحرام النص فمأمور باجتنابه لأنه ممنوع تناوله في حق من منع منه لا في عين الممنوع فإن ذلك الممنوع بعينه قد أبيح لغيره لكون ذلك الغير على صفة ليست فيمن منع منه أباحته له تلك الصفة بإباحة الشارع فلهذا قلنا لا في عين الممنوع فإنه ما حرم شيء لعينه جملة واحدة و لهذا قال تعالى إِلاّٰ مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ فعلمنا أن الحكم بالمنع و غيره مبناه على حال المكلف و في مواضع على اسم الممنوع فإن تغير الاسم لتغير قام بالمحرم تغير الحكم على المكلف في تناوله إما بجهة الإباحة أو الوجوب و كذلك إن تغير حال المكلف الذي خوطب بالمنع من ذلك الشيء و اجتنابه لأجل تلك الحال فإنه يرتفع عنه هذا الحكم و لا بد و إذا كان الأمر على هذا الحد فما ثم عين محرمة لعينها

[الشبهة لها وجه إلى الحرام و وجه إلى الحل على السواء]

و أما اجتناب الشبهة فالشبهة هي التي لها وجه إلى الحرام و وجه إلى الحل على السواء من غير تغليب فليس اجتنابها بأولى من تناولها و لا تناولها بأولى من اجتنابها فالورع يترك تناولها ترجيحا لجانب الحرمة في ذلك و غير الورع لا يترك ذلك فبينهما هذا القدر و أما ترك ما لا شبهة فيه فذلك الحلال المحض فإن تركه أعني ترك الفضل منه لأنه لا يصح إلا ترك الفضل منه فذلك الترك زهد لا ورع فإن الزهد في الحرام و الشبهة ورع و الترك في الحلال الفاضل زهد و أما غير الفاضل و هو الذي تدعو إليه الحاجة فالزهد فيه معصية و ما بقي إلا توقيت الحاجة إلى ذلك و ما حد الفاضل منه الذي يصح فيه الزهد فنذكر ذلك في باب الزهد إن شاء اللّٰه

[الورع من المقامات المشروطة و يستصحب العبد ما دام مكلفا]

و الورع من المقامات المشروطة و يستصحب العبد ما دام مكلفا و لا يتعين استعماله إلا عند وجود شرطه و هو عام في جميع تصرفات المكلف ما هو مخصوص بشيء من أعماله دون شيء بل له السريان في جميع الأعضاء المكلفة في حركاتها و سكونها و ما ينسب إليها من عمل و ترك

[الشبهات تكون في العلوم النظرية لا في المعاني و الأسرار عند العارفين]

و قد قيل إن للورع حكما في الأسرار و الأرواح و ليس ذلك بصحيح في الورع المشروع فإن الشبهة في المعاني و المعارف و الأسرار مستحيلة عند العارفين و إنما تكون الشبهات في العلوم النظرية الحاصلة بالأدلة العقلية فأولئك يجب عليهم الورع في النظر الفكري حتى يخلصوه من النظر المحرم كالنظر في الذات الإلهية و يخلصوه من الشبهة كالنظر لله أو للسمعة فيخفي على بعض

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 175
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست