responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 174

ثلاثون سنة فلهذا أنزلنا الثلاثة القرون من زمان دعوته إلى يوم القيامة منزلة شهر و جعلنا الثلاثة القرون كالثلاث الغرر منه

[اختيار الصوم من بين العبادات]

و أما اختياره الصوم

فإن النبي ص قال لشخص سأله عليك بالصوم فإنه لا مثل له فنفى المثلية عن الصوم فأشبه لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ و

قال الصوم لي و جعل جميع العبادات كلها للإنسان إذ كان الصوم صفة تنزيه و لا ينبغي التنزيه إلا له تعالى

[اختيار رمضان من بين الشهور]

و أما اختياره من الشهور شهر رمضان فلمشاركته في الاسم فإن رمضان من الأسماء الإلهية فتعينت له حرمة ما هي لسائر شهور السنة و جعله من الشهور القمرية حتى تعم بركته جميع شهور السنة فيظهر في كل شهر من شهور السنة فيحصل لكل يوم من أيام السنة حظ منه فإن أفضل الشهور عندنا شهر رمضان ثم شهر ربيع الأول ثم شهر رجب ثم شعبان ثم ذو الحجة ثم شوال ثم ذو القعدة ثم المحرم و إلى هنا انتهى علمي في فضيلة الشهور القمرية و أبهم على ترتيب الفضل فيما بقي من شهور السنة القمرية و ذلك شهر صفر و ربيع الآخر و جمادى الأولى و جمادى الآخرة ما عندي علم بترتيب الفضلية في هؤلاء أو هي متساوية في الفضل و هو الغالب على ظني فإنه أظهر ذلك و ما تحققته فلم يتمكن لي أن أقول ما ليس لي به علم

[اختيار الماء من بين الأركان]

و أما اختياره من الأركان ركن الماء لأنه من الماء جعل كل شيء حي : حتى العرش لما خلقه ما كان الأعلى الماء فسرت الحياة فيه منه فهو الركن الأعظم كما قال الحج عرفة و إن كان سبب الحياة أشياء معه و لكنه الركن الأعظم من تلك الأشياء

[اختيار العرش من بين الأفلاك]

و أما اختياره من الأفلاك العرش لأن له الإحاطة بجميع الأجسام و اللّٰه بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطٌ و له الأولية في الأفلاك فما تحتها فهو الأول المحيط فاختاره للاستواء لما بين الصفتين فإن كان العرش الملك فأحرى أن يكون هو من غير اختيار لأنه ما ثم إلا اللّٰه و ملكه و كل شيء ما سواه ملكه و قد ورد تمييزه عن غيره فتعين أن يكون مختارا للأولية و الإحاطة لأن السموات و الأرض في جوف الكرسي كحلقة في فلاة و الكرسي في جوف العرش كحلقة في فلاة

[اختيار الملائكة من العباد]

و اختار من العباد الملائكة فإنهم مخلوقون من النور فأجسامهم نورية بالأصالة فهم أقرب نسبة من سائر المخلوقات إلى النور الإلهي و لذلك

كان رسول اللّٰه ص يدعو أن يجعله اللّٰه نورا لما يعرف من ظلمة الطبيعة

[اختيار العماء من بين الأينيات]

و اختار من الأينيات العماء فكان له قبل خلق الخلق و منه خلق الملائكة المهيمة فهيمها في جلاله ثم خلق الخلق فشغلهم هيمانهم في جلال جماله أن يروا سواه فهم الذين لا يعرفون أن اللّٰه خلق أحدا ما أشرفها من حالة فجعل العماء أينية له و العرش مستوي له و السماء الدنيا لنزوله و الأرض لمعيته فهو معنا أينما كنا

[اختيار الرسل من بين الناس]

و اختار من الناس الرسل ليبلغوا عن اللّٰه ما هو الأمر عليه فإنه ما أخرجهم إلا للعلم به لأنه أحب أن يعرف فتعرف إليهم بالرسل بما بعثهم به من كتب و صحف فعرفوه معرفة ذاتية كما عرفوه بالعقول التي خلق لهم و أعطاها قوة النظر الفكري فعرفوه بالدلائل و البراهين معرفة وجودية سلبية لم يكن في قوة العقل في استقلاله أكثر من هذا ثم بعد ذلك جاءت الرسل من بعده بمعرفة ذاتية فعبد الخلق الإله الذي تعرف إليهم بشرعه إذ العقل لا يعطي عملا من الأعمال و لا قربة من القرب و لا صفة ذاتية ثبوتية للحق و ما حظ العقل من الشرع مما يستقل به دليله إلا لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ على زيادة الكاف لا على إثباتها صفة فاختار الرسل لتبليغ ما لا يستقل العقل بإدراكه من العلم بذاته و بما يقرب إليه من الأعمال و التروك و النسب

[اختيار الاسم اللّٰه من بين الأسماء الحسنى]

و اختار من الأسماء الاسم اللّٰه فأقامه في الكلمات مقامه فهو الاسم الذي ينعت و لا ينعت به فجميع الأسماء نعته و هو لا يكون نعتا و لهذا يتكلف فيه الاشتقاق فهو اسم جامد علم موضوع للذات في عالم الكلمات و الحروف لم يتسم به غيره جل و علا فعصمه من الاشتراك كما دل أن لا يكون ثم إله غيره

[الاختيارات الإلهية دعوة للعقول إلى الاختيار الذي هو اعتبار و استبصار]

فهذا قد ذكرنا من الاختيارات الإلهية ما يخرج مخرج التنبيه للعقول الغافلة عما دعيت إليه من الاعتبار و الإستبصار و لم نستوف الأمر حده لأنا ما نعرف بطريق الإحاطة تفصيل ما خلق اللّٰه من الموجودات و إن كنا نقدر بما أقدرنا اللّٰه على حصر الموجودات فيدخل في ذلك كل شيء و نحن ما تصدينا في هذا إلا لمعرفة آحاد ما اختاره و اصطفاه من كل نوع نوع من المخلوقات المحصورة في الوجود القائمة بنفسها و المتحيزة و غير المتحيزة من القائمة بنفسها و غير القائمة بنفسها و النوع الذي لا يقبل التحيز إلا بالتبعية و ما تألف من ذلك و ما لم يتألف و انحصرت أقسام العالم و الموجودات فيما ذكرناه

[ما يستقل به العقل في الاختيار و ما هو فوق مستواه]

و ثم تفصيل نسبي يمكن أن يستقل به العقل و هي مفاضلة الأشياء بعضها على بعض بتميز مراتبها و انفعال بعضها على بعض و تأثير بعضها في بعض و توقف بعضها على بعض و لكن مفاضلة القرب الإلهي بطريق العناية بهم لا بما تعطيه حقائقهم لا يكون

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 174
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست