responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 167



فيكون عين قواك ربك فاغترف من طلها حتى تفوز بوبلها

[النوافل لها حكم في الحضرة الإلهية ينوب صاحبها فيه مناب الحق]

اعلم أيدك اللّٰه بروح القدس أن للنوافل حكما في الحضرة الإلهية جامعا ينوب صاحبها فيه مناب الحق من ذاقه عرف قدره و عجز عما يستحقه واهبه من الشكر عليه ثم إن النوافل تتفاضل و تعلو بعلو فرائضها إذ كانت النوافل كل عمل له أصل في الفرائض عن ذلك الأصل يتولد و بصورته يظهر كما ظهرنا نحن بصورة الحق فنحن له نافلة و هو أصلنا و لهذا نقول فيه إنه واجب الوجود لنفسه و نحن واجبون به لا بأنفسنا فبهذه الدرجة يتميز عنا و نتميز عنه و ما عدا النوافل فيسمى عبادة مستقلة و سننا مبتدءات نذكرها بعد هذا الباب إن شاء اللّٰه

[الصيام أعلى نوافل التنزيه في الخيرات]

و إذا كانت النوافل تعلو بعلو فرائضها التي هي أصولها فأعلى نوافل التنزيه في الخيرات الصيام لأن فرضه صوم رمضان و رمضان اسم اللّٰه و الصوم عبادة لا مثل لها و هو لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ ففضل نوافل سائر العبادات فإنه يمنع من النكاح فله أثر فيه أي في منعه و كل من له قوة المنع فإن الممنوع متصف بالضعف بالنسبة إلى تلك القوة فإن كان لهذا الممنوع من القوة بحيث يؤثر في محل هذه العبادة حتى يزيل حكمها كان أقوى بلا شك فنافلة النكاح أقوى لما له من التأثير في إبطال الصوم و الصلاة و غيرها

[النكاح أفضل نوافل الخيرات]

و النكاح أفضل نوافل الخيرات و له أصل و هو النكاح المفروض فما زاد عليه كان نافلة و هو على نوعين أعني وقوعه فقد يقع على نسبة المحبة مطلقة و قد يقع على نسبة محبة التوالد و التناسل فإذا وقع عن محبة التوالد و التناسل التحق بالحب الإلهي و لا عالم فأحب أن يعرف فتوجه بالإرادة لهذه المحبة على الأشياء في حال عدمها القائمة في استعداد إمكانها مقام الأصل فقال لها كن فكانت ليعرف بجميع وجوه المعارف و هي المعرفة المحدثة التي لم يكن تعلق لها به إذ لم يكن العارف بها متصفا بالوجود و ذلك محبة طلب كمال المعرفة و كمال الوجود فما كمل الوجود و لا المعرفة إلا بالعالم و لا ظهر العالم إلا عن هذا التوجه الإلهي على شيئية أعيان الممكنات بطريق المحبة للكمال الوجودي في الأعيان و المعارف و هي حال تشبه النكاح للتوالد فكان النكاح المفروض أفضل الفرائض و نافلته أفضل نوافل الخيرات و لاشتراك غيره من العبادات في اسم النوافل نال من استعملها على اختلاف أنواعها منا لها و الأصل نوافل النكاح لأن العمل إذا أنتج ما لم يكن له عين قبل ذلك فذلك من حكم النكاح و ما من عمل إلا و هو منتج بحسب حقيقته و طريقته فكان النكاح أصل في الأشياء كلها فله الإحاطة و الفضل و التقدم و قال أبو حنيفة في النكاح إنه أفضل نوافل الخيرات و لقد قال حقا أو صادف حقا

كان رسول اللّٰه ص حبب إليه النساء و كان أكثر الأنبياء نكاحا لما فيه من التحقق بالصورة التي خلق عليها و لكن لا يعلم ذلك إلا قليل من الناس من طريق الكشف بل من العارفين من أهل اللّٰه و قدم علينا بإشبيلية سنة ست و ثمانين و خمسمائة أبو الحجاج يوسف الغليري من أهل غليرة و كان من أهل الأحوال فبينما هو قاعد معي إذ كشف له عن هذا المقام ممثلا فذكره لي في غلبة حاله بصورة ما رآه مما لا يمكنني ذكره فكوشف على العالم و في أي صورة هو أبوه تعريفا من الحق فما زلت أسكنه و هو هائج حتى سكن

[وجود الحق هو الفرض و وجود العبد نافلة]

فوجود الحق هو الفرض في نفس الأمر و وجود العبد نافلة عن ذلك الفرض و لذلك خرج على صورته

[نافلة الصلاة تنتج وجود العبد في حظه منها]

فنافلة النكاح قد ذكرنا ما نتج منها و نافلة الصلاة تنتج وجود العبد في حظه من القسمة منه قوله قسمت الصلاة بيني و بين عبدي فيعرف من نوافل هذه الصلاة حظه من القسمة لا حظ ربه كما يعرف من فرضها حق ربه و قسمه منها و لكل حال شرب معلوم فإن الذي يعطي الفرض في عامله من الحكم خلاف الذي يعطي النفل لأنه في الفرض عبد مضطر و في النفل عبد مخير مختار موصوف بصفة إلهية و هي المشيئة فإن شاء فعل و إن شاء لم يفعل

[نتائج نوافل الصيام و الزكاة و الحج و العمرة و الذكر]

و نافلة الصيام ما يحصل للعبد من التنزيه في نفي المماثلة من قوله لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ أي ليس مثل مثله شيء و ما مثله إلا من خلق على صورته فنفى سبحانه أن يماثل هذا المثل فهو أحق أن لا يماثل و ما له من الصورة إلا الاسم خاصة فإن العالم كما أعطاه اللّٰه اسم الوجود الذي هو له تعالى حقيقة أعطاه العالم باستعداده و كونه مظهرا لِلّٰهِ الْأَسْمٰاءُ الْحُسْنىٰ ما علمنا منها و ما لم نعلم فهذا كونه على صورته و نافلة الزكاة أعطت في الإنسان البركة و هي الزيادة التي حصلت له على ما أعطته الفريضة لا غير و نافلة الحج أعطت له القصد بظهور الكون في الأطوار المختلفة مع أحدية التوجه و نافلة العمرة أعطته الدخول عليه تعالى في كل عبادة بين طرفي تحليل و تحريم و فيها ذوق و شرب و هما تجليان معروفان عند أهل

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 167
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست