بترك الوسائط كما قال كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمٰانَ فهم كتاب اللّٰه و هو
قول الشارع دع ما يريبك إلى ما لا يريبك و
قوله استفت قلبك و إن أفتاك المفتون و الكتابة ضم المعاني الإلهية بما يليق بجلاله من نسبة أسماء اللّٰه الحسنى إلى المعاني التي لنا من التخلق بتلك الأسماء أي بمعانيها أو تكون أخلاقا لنا لا تخلقا و هي نسبتها إلينا على ما يليق بنا فهو الرءوف الرحيم و قد قال في رسوله ص بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ و هذا مدح و سمى نفسه بالعزيز الكريم : و قد قال في بعض عباده ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ و هو ذم و كلها أسماء اللّٰه و أسماء الخلق و مدلولاتها معقولة المعنى بآثارها فيمن تسمى بها و إن كانت نسبها مختلفة فنسبتها إلى اللّٰه لا تشبه نسبتها إلى العبد فإنه لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ و إن كان آثار الكريم أن يعطي و قد وجد العطاء من اللّٰه و من العبد على جهة الإنعام فإن انضم المعنى إلى المعنى من وجه فقد افترقا من وجه لأن الموصوف المسمى لا يشبه الموصوف المسمى الآخر فمن الوجه الذي يقع الاشتراك و هو الأثر من ذلك الوجه يكون كتابة لأن الكتابة الضم و بضم الحروف بعضها إلى بعض سميت كتابة و الكتيبة ضم الخيل بفرسانها بعضها إلى بعض فلو جاءوا متفرقين وحدانا ما سموا كتيبة فهو المؤمن و قد كتب في قلب عبده الايمان فأوجب له ذلك الكتاب حكما سمي به مؤمنا و ليس الاسم غير المسمى فهو الظاهر في عين الممكن و الممكن له مظهر و كل ظاهر في مظهر فقد انضم الظاهر إلى المظهر و انضم المظهر إلى الظاهر و لذلك صح أن يكون مظهرا للظاهر فيه فهذا سر أصل الأخذ بالكتاب دليلا على ثبوت الحكم
[سر السنة في إثبات الحكم]
و أما سر السنة في إثبات الحكم فإنه لما كان الرسول ع لا ينطق عن الهوى : و أن حكمه حكم اللّٰه و هو ناقل عن اللّٰه و مبلغ عنه بما أراه اللّٰه و اللّٰه على صراط مستقيم و السنة الطريقة و الطريق لا يراد لنفسه و إنما يراد لغايته فالسنة صِرٰاطِ اللّٰهِ الَّذِي لَهُ مٰا فِي السَّمٰاوٰاتِ وَ مٰا فِي الْأَرْضِ أَلاٰ إِلَى اللّٰهِ تَصِيرُ الْأُمُورُ لأنها على صراطه و هو غاية صراطه فلا بد للسالك عليه من الوصول إليه فالصراط الواسطة و بوساطة استعداد المظهر بما هو عليه في نفسه حكم على الظاهر بما سمي به فهو أعطاه ذلك الاسم و ذلك الحكم صحيح فهذا صراط مستقيم فنحن إذا سألنا الحق في أمر يعن لنا كان أثر سؤالنا في اللّٰه الإجابة فسمي مجيبا فلو لا سؤالنا ما ثبت هذا الحكم و لا أطلق عليه هذا الاسم و نحن طريقة له في ذلك قال تعالى أُجِيبُ دَعْوَةَ الدّٰاعِ إِذٰا دَعٰانِ فما أجابه حتى دعاه فهذا سر استدلاله بالسنة
[سر أخذ الإجماع سندا على إثبات الحكم]
و أما الإجماع فهو ما أجمع عليه الرب و المربوب في إن اللّٰه خالق و العبد مخلوق و هكذا كل إضافة فلا خلاف بين اللّٰه و بين عباده في مسائل الإضافة أين ما وجدت و كذلك في المعلومات من حيث ما هي معلومات
[حكم سر القياس في الاستدلال عند مثبتيه]
و أما القياس عند مثبتيه فهو ظهور رب بصفة عبد و ظهور عبد بصفة رب عن أمر رب فإن لم يكن عن أمر رب فلا يتخذ دليلا على حكم أو عن حميد خلق كريم فإنه أيضا يتخذ دليلا و أما ظهور رب بصفة مربوب فلا يشترط فيه الأمر الواجب و لكن قد يكون عن دعاء و طلب و صفته صفة الأمر و المعنى مختلف و إن كان هذا مسموعا ممتثلا و الآخر كذلك و لكن بينهما فرقان فهذا حكم سر القياس في الاستدلال و هو قياس الغائب على الشاهد لحكم معقول جامع بين الشاهد و الغائب و ينسب لكل واحد من المنسوبين إليه بحسب ما يليق بجلاله و إنما قلنا بجلاله لأن الجليل من الأضداد يطلق على العظيم و على الحقير و قد انتهت أسرار أصول أحكام الشرع انتهى الجزء الرابع و التسعون >(بسم اللّٰه الرحمن الرحيم)<
(الباب التاسع و الثمانون في معرفة النوافل على الإطلاق)
إن النوافل ما يكون لعينها أصل يشاهد في الفرائض كلها فالفرض كالأجرام إن قابلتها بالنور و النفل المزاد كظلها بيد و بصورتها و ليس فريضة فيعود فرضا في الحساب كمثلها جاء الحديث به فبين فضلها شرعا و ميز أصلها من أصلها فإذا أتيت بهن فاعلم أنه ذخر الإله لكم نتيجة فعلها