responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 159

>(بسم اللّٰه الرحمن الرحيم)<

(الباب الخامس و الثمانون في تقوى الحجاب و الستر)



من يتقي الستر فذاك الذي يعلم أن الستر من نفسه
إذا أتى يوم عليه يرى يبكي على ما فات في أمسه
لو رفع الستر بدار الفناء من قبل أن يرفع في رمسه
لنال ما نال رجال سمت همتهم عن جنتي قدسه
و لاح وجه الحق في سرهم في بدره وقتا و في شمسه
فلا يرى الترجيح فيما يرى بعقله من ذاك أو حسه
كما يخاف العقل من عقله كذا يخاف الحس من حسه
لأجل هذا يتقي المتقي كمتقي الشيطان من مسه

[نحن خلف حجاب الحجب و الحق منا بمكان الوريد]

اعلم أيدنا اللّٰه و إياك أن اللّٰه تعالى قال كَلاّٰ إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ و

قال صلى اللّٰه عليه و سلم إن لله سبعين حجابا من نور و ظلمة لو كشفها لأحرقت سبحات وجهه ما أدركه بصره من خلقه فانظر ما ألطف هذه الحجب و ما أخفاها فإنه قال وَ نَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ مع وجود هذه الحجب التي تمنعنا من رؤيته في هذا القرب العظيم و ما نرى لهذه الحجب عينا فهي أيضا محجوبة عنا و قال تعالى وَ نَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْكُمْ وَ لٰكِنْ لاٰ تُبْصِرُونَ نعم يا ربنا ما نبصرك و لا نبصر الحجب فنحن خلف حجاب الحجب و أنت منا بمكان الوريد أو أقرب إلينا منا و هذا القرب هو سبب عدم الرؤية منا أن تتعلق بك الإنسان لا يرى نفسه فكيف يراك و أنت أقرب إلينا من أنفسنا فغاية القرب حجاب كما غاية البعد حجاب

[العجب الذي قصم الظهر و حير الفكر]

و إنما العجب الذي قصم الظهر و حير العقل قولك و علمنا إن اللّٰه يرى في قولك توبيخا و تنبيها أَ لَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللّٰهَ يَرىٰ و قولك وَ هُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مٰا كُنْتُمْ ثم قلت إنك لو رفعت الحجب بيننا و بينك من كونك موصوفا بالسبحات الوجهية لاحترق ما أدركه بصرك بسبحات وجهك و بالنور صح ظهور العالم و هو وجوده فكيف يعدم من حقيقته الإيجاد هنا هي الحيرة ثم إنه على الأمرين أدخلت نفسك تحت حكم التحديد و هذا ينكره ما جعلته فينا من القوة العقلية الناظرة بالصفة الفكرية و ما لنا إلا حس و عقل فبالحس ما ندرك و بالعقل ما ندرك فقد وقع الحد إن كنت خلف الحجاب فأنت محدود و إن كنت أقرب إلينا من الحجاب فأنت محدود و إن كنت بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطٌ فأنت أقرب إلى نفي الحد فلما ذا أدخلت نفسك في الحد بما أعلمتنا به من الحجب الحائلة بينك و بيننا بيننا و بينك

[حارت العقول و ما خاطب الحق إلا العقول]

حارت العقول و ما خاطب إلا العقول و نصب أدلتها متقابلة فما أثبته دليل نفاه آخر إِنْ هِيَ إِلاّٰ فِتْنَتُكَ تُضِلُّ بِهٰا مَنْ تَشٰاءُ وَ تَهْدِي مَنْ تَشٰاءُ أَنْتَ وَلِيُّنٰا فَاغْفِرْ لَنٰا وَ ارْحَمْنٰا و أي غفر أشد من هذا جزى اللّٰه عنا موسى عليه السلام حيرا إذ ترجم عنا بقوله إِنْ هِيَ إِلاّٰ فِتْنَتُكَ اختبرت عبادك بالأدلة و ما ثم دليل يوصل إليك الدليل موضوع ليدل على واضع لا يدل على حقيقة واضعه فما رأينا بعد السبر و التقسيم و ما أعطاه الكلام القديم إلا أن تكون أنت عين الحجب و لهذا احتجبت الحجب فلا نراها مع كونها نورا و ظلمة و هو ما تسميت به لنا من الظاهر و الباطن و قد أمرتنا أن نتقي اللّٰه فإن لم يكن اللّٰه عين الحجاب عليه النوري من الاسم الظاهر و الظلمي من الاسم الباطن و إلا كنا مشركين و قد ثبت أنا موحدون فثبت أنك عين الحجاب

[احتجبنا عن الحق و احتجاب الحق عنا و سلبية الصفات الإلهية]

فما احتجبنا عنك إلا بك و لا احتجبت عنا إلا بظهورك غير أنك لا نعرف لكوننا نطلبك من اسمك كما نطلب الملك من اسمه و صفته و إن كان معنا غير ظاهر بذلك الاسم و لا بتلك الصفة بل ظهور ذاتي فهو يكلمنا و نكلمه و يشهدنا و نشهده و يعرفنا و لا نعرفه و هذا أقوى دليل على أن صفاته سلبية لا ثبوتية إذ لو كانت ثبوتية لا ظهرته إذا ظهر بذاته فما نعرف أنه هو إلا بتعريفه فنحن في المعرفة مقلدون له و كانت صفاته ثبوتية لكانت عين ذاته و كنا نعرفه بنفس ما نراه و لم يكن الأمر كذلك فدل على خلاف ما يعتقده

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 159
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست