responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 157

لا يكون لغيرها و

التاجر الصدوق يحشر يوم القيامة مع النبيين و الشهداء كذا قال صلى اللّٰه عليه و سلم و قوله تَخْشَوْنَ كَسٰادَهٰا يقول تخافون أن تتركوها لأجل الكساد طلبا للأرباح و أي ربح أعظم من ربح صدق التاجر و قوله وَ جِهٰادٍ فِي سَبِيلِهِ أي و من أجل أيضا شهودكم إياه تعالى في الجهاد في سبيله لأنه أمركم بهذا و علمتم أنه مشهودكم في كل ما ذكرناه و لما ذكرناه منزلة شريفة عندكم فَتَرَبَّصُوا أي لا تفروا فإنه ما أمرنا بالفرار إلا لكوننا ليست لنا هذه المشاهدة و قوله حَتّٰى يَأْتِيَ اللّٰهُ بِأَمْرِهِ و هو قيام الساعة أو الموت الذي يخرجكم عن مشاهدة هؤلاء و قوله وَ اللّٰهُ لاٰ يَهْدِي الْقَوْمَ الْفٰاسِقِينَ يقول الخارجين عن حكم هذه المشاهدة التي أنتم فيها و التي دعيتم إليها فما هي في حق أصحاب هذا النظر آية وعيد و إنما هي آية وعد و بشرى و تقرير حال و سكون أي تربصوا إذا كان هذا مشهدكم فقد حصل المطلوب فإن انتقلتم بعد هذا فهو انتقال من خير إلى خير أو من خير أدنى إلى خير أعلى فتفهم و تدبر ما ذكرنا تسعد إن شاء اللّٰه تعالى

(الباب الرابع و الثمانون في تقوى اللّٰه)



ما يتقي اللّٰه سوى جامع لكل ما في الكون من حكمته
فيتقي النقمة في نعمته و يتقى النعمة في نقمته
فكل ما في الكون من ظاهر و باطن فيه فمن نعمته
و هي التي أسبغها منة منه على المختار من أمته
فكل ما يجريه سبحانه من كل ما يقضي فمن همته

[التقوى هي اتخاذ اللّٰه وقاية من كل ما يحذر منه]

اعلموا يا إخواننا أنار اللّٰه بصائركم و أصلح سرائركم و خلص من الشبه أدلتكم إنه لما امتن اللّٰه علينا بالاسم الرحمن فأخرجنا من الشر الذي هو العدم إلى الخير الذي هو الوجود و لهذا امتن اللّٰه تعالى علينا بنعمة الوجود فقال أَ وَ لاٰ يَذْكُرُ الْإِنْسٰانُ أَنّٰا خَلَقْنٰاهُ مِنْ قَبْلُ وَ لَمْ يَكُ شَيْئاً فما تولانا منه سبحانه ابتداء إلا الرحمة و لهذا قال إن رحمة اللّٰه سبقت غضبه فلما نظرنا في قوله تعالى اِتَّقُوا اللّٰهَ أي اتخذوه وقاية من كل ما تحذرون و رأينا مسمى اللّٰه يتضمن كل اسم إلا هي فينبغي أن يتقى منه و يتخذ وقاية

[ما من اسم إلهى للكون به تعلق إلا و يمكن أن يتقى منه و به]

فإنه ما من اسم من الأسماء الإلهية للكون به تعلق إلا و يمكن أن يتقى منه و به إما خوفا من فراقه إن كان من أسماء اللطف أو خوفا من نزوله إن كان من أسماء القهر فما يتقى إلا حكم أسمائه و ما تتقي أسماؤه إلا بأسمائه الاسم الذي يجمعها هو اللّٰه

[اللّٰه مجموع الأسماء الإلهية المتقابلة]

فإذا كان اللّٰه مجموع الأسماء المتقابلة و قد علمنا إن المتقابلين إذا كانا على ميزان واحد سقط حكمهما لأن المحل لا يقبل حكم تقابلهما فيسقطان فإذا رجح ميزان أحدهما كان الحكم للراجح و قد رجح اسم اللطيف بوجودنا لأن الاسم الرحمن يحفظنا فترجحت الرحمة فنفذ حكمها فهي الأصل بالإيجاد و الانتقام حكم عارض و العوارض لا ثبات لها فإن الوجود يصحبنا فما لنا إلى الرحمة و حكمها فلهذا أمرنا بتقوى اللّٰه أي نتخذه وقاية و نتقيه لما فيه من التقابل و هو مثل قوله في الاستعاذة منه به

فقال و أعوذ بك منك

[مقام التقوى من المقامات المستصحبة دنيا و آخرة]

و هو من المقامات المستصحبة في الدنيا و الآخرة فإنه إذا اتقيت أحكام الأسماء و لا سيما في الجنة التي حكم الإنسان فيها للصورة الإلهية التي فطر عليها فيقول للشيء كن فيكون ذلك الشيء فربما يحجبه هذا المقام عن الذي هو أعلى في حقه فيذهل عن الكثيب الذي هو خير له مما هو فيه فيأتي الاسم المذكر الإلهي فيذكره بشرف رتبة الكثيب و ما يحصل له فيه و ما يرجع به إلى أهله فيتقي هذا الاسم الذي مسكه في الجنة عن التشوق إلى ما هو أفضل في حقه مما يحصل له في الكثيب فلهذا قلنا باستصحاب مقام التقوى في الدنيا و الآخرة فإذا علمت هذا علمت إن مقام التقوى تقوى اللّٰه مكتسب للعبد و لهذا أمر به و هكذا كل مأمور به فهو مقام يكتسب و لهذا قالت الطائفة إن المقامات مكاسب و الأحوال مواهب

[التقوى الإلهية على قسمين في الحكم فينا]

و التقوى الإلهية على قسمين في الحكم فينا أي انقسم فيها الأمر قسمين قسما أمرنا اللّٰه أن نتقيه حق تقاته من كوننا مؤمنين و قسما أمرنا فيه أن نتقيه على قدر الاستطاعة و ما عين في هذا التكليف صفة تخص بها طائفة من الطوائف مثل ما عينها في حق تقاته و إن كان المؤمنون قد تقدم ذكرهم فأعاد الضمير عليهم و لكن مثل هذا لا يسمى تصريحا و لا تعيينا فينزل عن درجة التعيين فيحدث لذلك حكم آخر

[المضمرات و المعينات و الصفات]

فقال فَاتَّقُوا اللّٰهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ ابتدأ آية بفاء عطف و ضمير جمع لمذكور متقدم قريب أو بعيد فإن المضمرات

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 157
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست