responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 155

في أمر يكون لك لا عليك و المحجوب غافل عن هذا غير سامع لصمم قام به من شدة الهواء الذي أصمه فالله يجعلنا ممن سمع نطق جوارحه بالموعظة قبل سماعه إياها بالشهادة إنه ولي جواد كريم ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ

(الباب الثاني و الثمانون في الفرار)



جزاء من فر أن ينبأ فرار موسى لما تابا
من فر منه به إليه صير محبوبه محبا
و كان وترا فصار شفعا و كان عينا فصار قلبا
أظهرني في الوجود تاجا فعدت في ساعديه قلبا
أعطان كن ثم قال عبدي فقال كن بي تكون ربا

[الفرار أنتج لموسى الرسالة و الحكم]

الضمير في ساعديه يعود على الوجود قال اللّٰه تعالى حكاية عن موسى عليه السلام إنه قال لفرعون و آله فَفَرَرْتُ مِنْكُمْ لَمّٰا خِفْتُكُمْ فَوَهَبَ لِي رَبِّي حُكْماً وَ جَعَلَنِي مِنَ الْمُرْسَلِينَ ثم قال وَ تِلْكَ نِعْمَةٌ تَمُنُّهٰا عَلَيَّ أَنْ عَبَّدْتَ بَنِي إِسْرٰائِيلَ فقوله وَ تِلْكَ نِعْمَةٌ قوله أَ لَمْ نُرَبِّكَ فِينٰا فتلك النعمة تربية فرعون و المن يبطل الإنعام لأنه استعجال جزاء فلو لم يقل لنفعه ذلك عند اللّٰه إذ كان من شأن فرعون إذلال بنى إسرائيل و موسى منهم و كان قد أعزه و تبناه فهذا معنى قوله أَنْ عَبَّدْتَ بَنِي إِسْرٰائِيلَ و الفرار أنتج لموسى الرسالة و الحكم فكان خليفة رسولا لأن الرسول لا يكون حاكما حتى يكون خليفة

[ففروا إلى اللّٰه إنى لكم منه نذير مبين]

ثم قال لنا ربنا لما قضاه من أن جعلنا ورثة النبيين و المرسلين في نبوتهم و رسالتهم ما أعطانا اللّٰه من حفظ دينه و الفتيا فيه و الاجتهاد في استنباط الحكم فقال فَفِرُّوا إِلَى اللّٰهِ فجاء بالاسم الجامع و المراد منه اسم خاص يقتضي لنا ما اقتضى لموسى عليه السلام في فراره و هو الاسم الوهاب الذي يعطي لينعم خاصة و ذلك الوهب يجعله رسولا ضرورة لأن الحكم في غير محكوم عليه لا يصح و قال فيمن تربص في أهله و لم يفر إليه ما ذكره في كتابه و هو قوله تعالى قُلْ إِنْ كٰانَ آبٰاؤُكُمْ وَ أَبْنٰاؤُكُمْ وَ إِخْوٰانُكُمْ وَ أَزْوٰاجُكُمْ وَ عَشِيرَتُكُمْ وَ أَمْوٰالٌ اقْتَرَفْتُمُوهٰا وَ تِجٰارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسٰادَهٰا وَ مَسٰاكِنُ تَرْضَوْنَهٰا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللّٰهِ وَ رَسُولِهِ وَ جِهٰادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا و التربص نقيض الفرار فَفِرُّوا إِلَى اللّٰهِ إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ و قد ذكرنا هذا الفرار الموسوي في كتاب الأسفار عن نتائج الأسفار و سميت هذا الفرار الموسوي سفر الطلب

[معنى الفرار و كيف هو و ما ينتج]

فلنحقق هنا معنى الفرار و كيف هو مقام و ما ينتج فإنه يظهر أنه نسبة لا مقام كالعزلة و الخلوة فإن كونه من المقامات مجهول عند أكثر أهل اللّٰه

[الفرار بين طرفى ابتداء و انتهاء]

فاعلم إن الفرار بين طرفي ابتداء و انتهاء فابتداؤه من و انتهاؤه إلى فقد يكون السبب الموجب للفرار من كفرار موسى عليه السلام و لا يتعين إلي فإن الفار من من إنما يطلب النجاة من غير تعيين غاية و الفار إذا كان هو السبب الموجب للفرار لا بد أن يكون معينا و لا يتعين من و هو عكس الأول و لما كان الأمر بهذه المثابة أمرنا اللّٰه أن نفر إليه و لا بد و قد نفر إليه منه مثل

قوله و أعوذ بك منك و قد نفر إليه من كون ما من الأكوان أو من صفة ما من الصفات إلهية كانت أو غير إلهية أو صفة فعل أو غير صفة فعل

[عناية اللّٰه بهذه الأمة المحمدية]

فعلمنا اللّٰه كيف نفر في قوله إِلَى اللّٰهِ و هذه عناية من اللّٰه بنا أعني بهذه الأمة المحمدية يستروح منها ما لا يخفى على أحد فإن الأنبياء عليهم السلام يصدقون في كل ما يخبرون به من أحوالهم منزهون أن يلبسوا ثوبي زور فقال موسى عليه السلام فَفَرَرْتُ مِنْكُمْ لَمّٰا خِفْتُكُمْ فانتج له ذلك الفرار الحكم الذي هو الإمامة و الخلافة و الرسالة مع كون السبب الموجب الذي ذكره و ما ذكر إلى أين فر فإذا فر الفار إلى اللّٰه و عين من فر إليه و أبهم ما فر منه فما ترون تكون جائزته فإن جائزة موسى جائزة منقطعة فإن الخلافة هنا تترك و الرسالة كذلك ينقطع الأمران بالموت و الانقلاب إلى الدار الآخرة فهذا أعطى حكم ما فر منه لما كان منقطعا فإنه انقطع بغرقه أو بموته لو مات و لا بد له من الموت فكانت النتيجة و الهبة مناسبة بما أعطيه من انقطاعهما بالموت فإن الإمامة و الرسالة ينقطعان بالموت و الفرار إلى اللّٰه يعطي ما يبقى ببقاء اللّٰه و لا أعين فإن التعيين في ذلك إلى اللّٰه و سواء كان الفرار من اللّٰه أو لم يكن فإن المراعاة هنا لمن فر إليه و في حق موسى لما فر منه و إذا كانت هذه الأمة مع الأنبياء بهذا الحكم و هذه المنزلة

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 155
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست